الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وحوش جيولوجية شيمتها الغدر.. هل يستطيع العلم التنبؤ بالزلازل قبل وقوعها؟..خبراء يجيبون

زلزال
زلزال

"الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد" .. هكذا كان حكم الله لمن يموت تحت الهدم سواء في حادثة، أو في الزلازل، كما جاء في حديث الرسول ونظم هذا الأمر داخل الشريعة الإسلامية.

وأصبح الحديث عن الزلازل محلا لاهتمام العالم بأكمله بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، وخلف وراءه أكثر من 25 ألف شهيد، ومازال أكثر من 200 ألف شخص تحت الأنقاض، والسؤال الأكثر إلحاحا الآن، هو لماذا لا يتم التنبؤ بالزلزال قبل حدوثه بفترة جيدة تسمح بتجنب آثاره الكارثية، خصوصا في ظل التطور العلمي غير المسبوق، أم أنها من الظواهر التي جعلها الله في الأرض غير متوقعة ومفاجئة، كما هي في يوم القيامة كما جاء في القرآن الكريم "إذا زلزلت الأرض زلزالها".

 

أخبار العالم الهولندى تثير التساؤل بقوة 

 

https://twitter.com/hogrbe/status/1621479563720118273

 

وربما الأنباء التي تحدثت عن تنبؤ عالم هولندي بزلزال تركيا قبل حدوثه بـ3 أيام، جعل الحديث عن توقع الزلازل محل اهتمام العالم بأجمعه، فقد توقع أحد الخبراء العاملين في مركز دراسات يتابع نشاطات الزلازل في هولندا حدوث الهزة الأرضية الذي حصلت في تركيا، وحدد مراكز التأثير قبل 3 أيام من حدوثها.

وقال فرانك هوجربتس في تغريدة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" يوم 3 فبراير: "عاجلا أم آجلا ، سيحدث زلزال بقوة 7.5 درجة مئوية في هذه المنطقة (جنوب وسط تركيا والأردن وسوريا ولبنان)"، وهو ما حدث بالفعل عندما ضرب زلزال مدمر بقوة 7.9 فجر الاثنين الماضي مناطق جنوب تركيا وشمال ووسط سوريا، كما طال مناطق شمال وشرق لبنان وعمت ارتداداته منطقة شرق المتوسط بالكامل.

 

يتوقع زلزالا مدمرا في 3 دول جديدة 

 

ولم يتوقف الباحث الهولندي فرانك هوجربتس، عند توقع زلزال تركيا، بل إنه كشف منذ عدة أيام عن توقعات جديدة لزلزال مدمر سوف يقع في دول أخرى جديدة، فوفقا لموقع "ليتسلاي" توقع الباحث الهولندي فرانك هوجربتس وقوع زلزال جديد وتنبؤات مشابهة للكارثة السابقة، لكن هذه المرة في الهند وباكستان وأفغانستان.

وتم تداول مقطع فيديو لفرانك هوجربتس وهو يتنبأ بزلزال كبير مصدره أفغانستان، وأن الزلزال الذي سيحدث سيمر عبر الهند وباكستان وينتهي إلى المحيط الهندي، وهو التوقع الذي إن حدث فسوف يكون نقلة في هذا المجال، خصوصا كون التوقع مبنيا على حركة الفلك وليس عن الطرق المعروفة من أجهزة ترصد في الأرض، وحتى الآن لم تخرج مؤسسات علمية تؤيد أو ترفض تحليلات هذا الباحث.

 

صعوبة التنبؤ بحدوث الزلازل بدقة

 

وبعيدا عن توقعات الخبير الهولندى، فإنه وحتى كتابة هذه السطور، لا يمتلك العلماء سوى القدرة على إعطاء تقديرات احتمالية بحدوث الزلازل بالنسبة لكل منطقة في العالم بدون تحقيق معايير التنبؤ الأساسية المتعلقة بالمكان والموعد والقوة، فمع كل حادثة كبرى متعلقة بالزلازل، يتساءل الناس عن إمكانية التنبؤ بها. فعلى سبيل المثال، تطور العلم لدرجة أتاحت له التنبؤ بالطقس بدقة، ويمكن كذلك أن ندرس مدارات أبعد المذنبات ونفحص مقدار خطورتها على كوكب الأرض، فلماذا إذن نفتقد القدرة على التنبؤ بالزلازل؟.

ويُقصد بالقدرة على التنبؤ بالزلازل أن يتمكن شخص أو جهاز ما من التنبؤ بموضع انطلاق الزلزال، وموعد حدوثه، ودرجة قوته، وعلى مدى التاريخ خرج الكثير من العلماء والدجالين للقول إنهم امتلكوا طريقة للتنبؤ بالزلازل، بدون أن تثبت صحة ذلك حتى الآن، وذلك وفق ما ذكره الكثير من العلماء حول هذا الأمر.

 

القشرة الأرضية تحتفظ بأسرارها .. هكذا يحدث الزلزال

 

ويبدو أن القشرة الأرضية مازالت تحتفظ بأسرارها، رغم معرفة تكوينها بشكل مفصل، فهي تتكون من حوالي 20 قطعة تتداخل فيما بينها كما تتداخل قطع الأحجيات الورقية (شترستوك)، وحدوث الزلازل، يرتبط بالقشرة الأرضية، فهي أعلى طبقات كوكب الأرض. فإذا كانت الأرض بحجم تفاحة، فإن القشرة الأرضية ستكون بسمك قشرة التفاحة تقريبا.

لكن القشرة التي تغلف الأرض ليست كتلة واحدة ممتدة كقشرة التفاحة، بل تتكون من حوالي 20 قطعة تتداخل فيما بينها كما تتداخل قطع الأحجيات الورقية لصنع صورة كاملة لحيوان ما أو شخصية تاريخية، وتسمى هذه القطع "الصفائح التكتونية"، وهي تتحرك ببطء شديد بالنسبة لبعضها البعض، بمعدلات من 1 إلى 20 سنتيمترا كل عام، وتحدث الزلازل حينما تتداخل اثنتان من تلك الصفائح بشكل عنيف يمكن أن يؤدي لحدوث تصدعات وتحطم الصخور في إحداها، وهو السبب في حدوث الهزات الزلزالية. ويتناسب حجم الزلزال مع طول التصدع الناتج من هذا التداخل.

 

أسباب متنوعة للزلازل وتلك أسباب صعوبة التنبؤ بها 

 

لكن حدوث تلك التصدعات يرتبط بعدد كبير من العوامل التي لا يمكن للعلماء حصرها في نظام تنبؤ دقيق، فمثلا قد تتداخل بعض الصخور بعنف لكنها تكون لينة كفاية لتَحمّل الصدمات، أو قد تكون جافة كفاية لتتحطم فور اصطدامها وتتسبب في زلزال كبير، ولا يمتلك العلماء أية طريقة للتنبؤ بحال تلك الصخور التي تمتد على مدى آلاف الكيلومترات، ويوضح العلماء أن تلك التصدعات لا تتحرك داخل الصخور باتجاه واحد، بل تتشعب مثل فروع الشجرة، وحدوث تلك التشعبات يتعلق بطبيعة كل قطعة صخرية داخل القشرة الأرضية ودرجة حرارتها، وهو أمر من الضخامة والتعقيد بحيث لا يمكن دراسته بشكل كامل.

سمك القشرة الأرضية هو بين 30 إلى 70 كيلومترا في القارات، بينما يبلغ 6 إلى 12 كيلومترا في أعماق المحيطات، ولا يمكن للعلماء الوصول لهذا العمق في كل مكان من أجل دراسته، فأعمق حفرة تمكن البشر من حفرها بلغت 12 كيلومترا فقط، وهي بئر كولا العميق، وكان مشروعا علميا لاستكشاف قشرة الأرض أجراه علماء الاتحاد السوفياتي وبدأ في عام 1970.

كل هذا ولم نتحدث بعد عن أثر الجاذبية الأرضية الذي يختلف من مكان لآخر، وحركة طبقة الوشاح أسفل طبقة القشرة، وهي الطبقة التي تقع بين نواة الأرض الكثيفة شديدة الحرارة وقشرتها الخارجية الرقيقة، ويبلغ سمك طبقة الوشاح حوالي 2900 كيلومتر، وهي تتنوع في درجات الحرارة والرطوبة واللزوجة بشكل يؤثر تأثيرا متنوعا على القشرة السابحة فوقها بالأعلى، إلى جانب ذلك، فإن طبيعة تحركات الصفائح التكتونية غير مفهومة بالكامل، فهي كما أسلفنا بطيئة جدا وتتحرك بشكل يبدو للعلماء عشوائيا تماما، وبالتالي فإن تداخل أي منطقة بين الصفائح التكتونية هو أمر ممكن نظريا في أي وقت.

 

البحوث الفلكية: التنبؤ بالزلازل في حالة واحدة

 

ويقول الدكتور صلاح الحديدي، أستاذ بقسم الزلازل بالمعهد القومي المصري للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، عن سؤال هل يمكن التنبؤ بالزلازل؟ إنه لا يمكن التنبؤ بأماكن ومواعيد حدوث الزلازل على الإطلاق، وإن كل ما نملكه توقع حدوث الزلازل في المناطق النشطة زلزاليا والمعروفة لدينا، وأنه لم يستطع العالم أجمع معرف مواعيد حدوث الزلزال وقوته قبل حدوثه.

وما قاله الحديدي لـ"صدى البلد"، يتوافق مع ما تنشره المراكز الجيولوجية العالمية، والتي تكذب أيّ إمكانية لتنبؤ مواعيد الهزات الأرضية، وأقصى ما يمكن هو توقع لمدة لا تزيد عن دقيقة أو دقيقة ونصف، وهي تكنولوجيا باهظة الثمن، تُستخدم في اليابان، فهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية تتحدث عن عدم وجود إمكانية التنبؤ، وكل ما يمكن لعلماء الهيئة حاليا القيام به هو احتساب احتمال وقوع هزات أرضية في مكان ما بالعالم خلال سنوات معينة.

وعن عدم دقة تنبؤات الخبير الهولندي، تذكر الهيئات والمراكز العالمية، أن أيّ حديث عن توقع دقيق كاذب لعدة أسباب منها، غياب أساس علمية لهذه الادعاءات، فالهزات الأرضية لا علاقة بها بالسحب أو بالأوجاع الجسدية وما إلى ذلك، ثانيا عدم تحديد هذه التوقعات لزمان ومكان ودرجة هذه الزلازل بدقة، وثالثاً أن هذه التوقعات تكون عامة ولا تعطي أيّ تفاصيل، وفي حال تصادف وقوع هزات أرضية مع هذه التنبؤات، فإن أصحابها يعلنون أنهم نجحوا. وتنفي الهيئة وجود أيّ مؤشرات سابقة على حركة الزلازل يمكن للعامة الاعتماد عليها.

 

وحوش جيولوجية شيمتُها الغدر: الزلازل وتثاؤب الأرض القاتل

 

فيما يقول المسؤول عن شبكات الرصد في المركز الوطني للجيوفيزياء التابع للمجلس الوطني الإمراتي للبحوث العلمية، رشيد جمعة إن هناك وحوشا جيولوجية شيمتها الغدر، ولا يمكن التنبؤ بها، وعلى رأيها الزلازل وتثاؤب الأرض، فالتنبؤ بالزلازل أمرٌ غير وارد من الناحية العلمية، أما مساعي التنبؤ بالهزة قبل ثوان قليلة من الحصول فيحتاج إلى موارد هائلة.

ووفقا لما قاله رشيد لصحيفة ساكي نيوز، فإن الزلزال حدث آني يحصل على نحو مفاجئ، التنبؤ أمر صعب، لكن يمكن التحضير للكارثة، من خلال التوعية، لأجل تقليل المخاطر قدر الإمكان، وأوضح أن الزلزال عنصر طبيعي من عناصر الحياة على الأرض، فلولاه لما كانت ثمة جبال، والهزات الارتدادية تقع في الغالب بعد الزلزال الكبير أو الهزة الرئيسية، وبالتالي، فإن ما يأتي بعدها لا يساعد على القيام بتوقعات ذات فائدة، وملاحظة الفوالق الزلزالية في بعض المنطق تقدم صورة عامة عن مدى احتمال الزلازل، لكنها لا تساعد على ترقب الكارثة في تاريخ محدد أو وشيك مثلا.