الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وانتهت سنوات بشار العجاف| سوريا تعود للحضن العربي بعد غياب.. والبداية من مصر

صدى البلد

عادت دمشق بالفعل إلى الحضن العربي بعد عزلة دامت نحو 12 عاماً بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد ومحيطه العربي، خصوصا بعد الجولة المكوكية التي قام بها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، وزيارة  عدد من العواصم العربية خلال شهر أبريل، كانت بدايتها من مصر. 

وأصبحت عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية مسألت وقت، وسط تحركات حثيثة لإلغاء القرار الذي صدر في 2011، وإنهاء السنوات الـ12 العجاف للنظام السوري.

ومن المنتظر أن تكلل تلك الجهود بالنجاح خلال الأيام المقبلة، خصوصا بعد أن صرح السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، بأن وزير الخارجية سامح شكري سيتوجه، مساء اليوم الأحد، إلى العاصمة الأردنية عمان، للمشاركة في اجتماع اللجنة المشكلة من مصر والأردن والسعودية والعراق حول سوريا.

ومن المقرر أن تناقش اللجنة سبل التعامل مع الأزمة السورية، بما في ذلك تعزيز تضامن الدول العربية مع الشعب السوري الشقيق في تجاوز محنته.

ويشار إلى أن اللجنة منبثقة عن الاجتماع التشاوري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق، الذي سبق عقده في جدة بالمملكة العربية السعودية، في 14 أبريل الجاري، لمناقشة سبل تعزيز العمل العربي المشترك، وهي تطورات إقليمية لافتة منذ الاتفاق الثلاثي بين إيران والسعودية والصين، تتجلى تداعياتها في الملف السوري.

البداية كانت من مصر 

وأولى تلك الزيارات داخل العواصم العربية للخارجية السورية، كانت في الأول من شهر أبريل، حيث زار المقداد مصر، والتقى وزير خارجيتها سامح شكري، وكان الهدف الأساسي للزيارة هو بحث عودة دمشق إلى الجامعة العربية بوساطة مصرية سعودية. 

وقالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان نشرته على صفحتها بموقع “فيسبوك”، إن شكري بحث مع المقداد "سبل مساعدة الشعب السوري على استعادة وحدته وسيادته على كامل أراضيه ومواجهة التحديات المتراكمة والمتزايدة، بما في ذلك جهود التعافي من آثار زلزال السادس من فبراير، بالإضافة إلى جهود تحقيق التسوية السياسية الشاملة للأزمة السورية".

وأضاف شكري، خلال اللقاء، أن التسوية السياسية الشاملة للأزمة السورية من شأنها أن تضع حدا للتدخلات الخارجية في شئون دمشق، وتضمن استعادة سوريا لأمنها واستقرارها الكاملين، بما يرفع المعاناة عن شعبها وينهي أزمته، الأمر الذي سيعزز من عناصر الاستقرار والتنمية في الوطن العربي والمنطقة.

يذكر أن شكري زار سوريا الشهر الماضي للتعبير عن تضامن مصر مع سوريا إثر الزلزال المدمر الذي شهدته البلاد في السادس من فبراير. 

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أكد وزير الخارجية المصري أهمية إحياء العملية السياسية لتسوية الأزمة السورية في أقرب وقت بما يتوافق مع القرارات الدولية من أجل الحفاظ على وحدة البلاد وإنهاء "جميع صور الإرهاب والتدخل الأجنبي" بها.

الإمارات.. كسر العزلة منذ 2018

الحضارة الإماراتية هي البداية في كسر عزلة، مشاهدة مهدت عودة سوريا إلى الحضن العربي، حيث وفرت المبادرة الإماراتية منذ عام 2018 بعد افتتاح سفارة في دمشق، تهادت فيه عدة دول عربية للتبادل مع سوريا، وهو ما ظهر جلياً اليوم في الحراك اللا معلن ببعض جزئياته بين دمشق وبقية الدول قبل أن تظهر بطبيعتها الحالية على العلن، ويظهر مشهد رائع فتح الأفق أمام العلاقات السورية - السعودية يتمثّل في الاتفاق السعودي - الإيراني بعد سنوات من القطيعة والتشاحُن المدعوم أمريكيّاً منذ ما بعد كوينسي 1945.

وخلال الشهر الماضي، وصل الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات العربية المتحدة في زيارة رسمية، رفقة زوجته أسماء، وتميزت الزيارة بحفاوة أكثر من زيارته السابقة للإمارات العام الماضي التي كانت الأولى له إلى دولة عربية، منذ بدء الحرب السورية في عام 2011.

وغرّد بن زايد على “تويتر” قائلا: "أرحب بالرئيس بشار الأسد في الإمارات، أجرينا مباحثات إيجابية وبناءة لدعم العلاقات الأخوية وتنميتها لمصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، وتعزيز التعاون والتنسيق في القضايا التي تخدم الاستقرار والتنمية في سوريا والمنطقة".

السعودية.. ذوبان جبل الجليد مع الزيارات المتبادلة 

وبعد 12 سنة من العزلة، ذاب جبل الجليد بين سوريا والسعودية في بداية شهر أبريل، حيث زار وزير الخارجية السوري المملكة العربية السعودية.

بعد ذلك، بدأت وزارة الخارجية السعودية في إجراء إصلاحات سياسية خارجية، هكذا يبدو أن هذه السياسة الخارجية بدأت بتحقيق أهداف سياسية خارجية. 

وصدر بيان صحفي مشترك في ختام زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد للمملكة، جاء فيه: "في إطار ما توليه المملكة العربية السعودية من حرص واهتمام بكل ما من شأنه خدمة قضايا أمتنا العربية، وتعزيز مصالح دولها وشعوبها، وتلبية لدعوة من الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، وزير خارجية المملكة العربية السعودية، قام وزير خارجية الجمهورية العربية السورية الشقيقة الدكتور فيصل المقداد، بزيارة للمملكة، فيما عقدت جلسة مباحثات بين الجانبين، جرى خلالها مناقشة الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يحافظ على وحدة سوريا، وأمنها، واستقرارها، وهويتها العربية، وسلامة أراضيها، بما يحقق الخير لشعبها الشقيق".

الجزائر.. شعرة معاولة تتحول إلى حبل وصال 

وتعد الجزائر من الدول العربية القليلة التي حافظت على شعرة معاوية في علاقاتها مع سوريا، حيث أبقت على العلاقات الدبلوماسية معها ولم تقطعها يوماً، ولم تغلق سفارتها في دمشق، ولكن الآن تحولت تلك الشعرة إلى حبل وصال، خصوصا مع زيارة وزير الخارجية السوري إلى الجزائر ضمن جولته المكوكية بشهر أبريل، وهي تعد  الزيارة الثانية خلال أقل من عام، حيث سبق أن زارها في يوليو الماضي، والتقى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.

وبذلت الجزائر جهوداً حثيثة لإعادة النظام إلى جامعة الدول العربية، وسعت لإشراكه في القمة العربية التي استضافتها مطلع شهر نوفمبر الماضي، إلا أنها أخفقت في ذلك بسبب اعتراضات عربية حينها، وهي الجهود التي أصبحت أسهل بكثير مع القمة العربية القادمة والمرتقب أن تعود سوريا إليها.

ويجوز القول إن التقارب الجزائري السوري كان متوقعا، لأن المسئولين الجزائريين يعتقدون أن رياح التمرد المسلح الذي قادته «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» في تسعينات القرن الماضي، في الجزائر، والذي يوصف بـ«العشرية السوداء»، كان المقدمة لما حدث في سوريا لاحقا، حسب الوزير فيصل المقداد، في تصريحات أدلى بها لإحدى القنوات التلفزيونية الجزائرية، وأكد في هذا الحوار أن مواقف الجزائر كانت واضحة وثابتة من الأحداث التي عرفتها سوريا طيلة العشرية الأخيرة، وأن الدولتين كانتا تُقاتلان نفس الأعداء.

تونس.. عودة السفراء وتقارب فرضته الظروف السياسية 

وبعد 12 عاما من القطيعة، عادت العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وتونس وتم افتتاح سفارة رسميًا في العاصمة التونسية، في مبادرة أعلن عنها الرئيس التونسي، في إطار الحرص على إعادة العلاقات في تونس ودمشق.

وكانت هذه أول زيارة يجريها مسئول رفيع في النظام السوري إلى تونس منذ مارس 2011، وعودة العلاقات بين البلدين سيترتب عليها تعزيز التبادل التجاري الاقتصادي، فضلا عن التنسيق في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وهذا التقارب فرضته الظروف السياسية التي تغيرت داخل تونس بعد الإطاحة بحزب النهضة المحسوب على الإسلام السياسي، وهو شبيه بالطرف الأكبر الذي حاربته سوريا بحسب العديد من المراقبين. 

ويرجع المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، في تصريحات صحفية، حرص بلاده على عودة العلاقات مع دمشق إلى 3 عوامل رئيسية، وأولها أن سوريا تعد واحدة من أكبر الدول التي تتعاون تجاريا مع تونس، خاصة المنتجات التحويلية والفوسفات، أما ثانيها فإن تونس لديها جالية كبيرة جدا من الطلبة السوريين في مجال الفنون والعلوم الإنسانية، والثالث هو الرغبة المشتركة لدى الدولتين في تنسيق مجالات مكافحة الإرهاب، حيث تعج السجون السورية بالإرهابيين التونسيين.