قصيدة اليوم .. "رثائية الأندلس" للشاعر نزار قبانى

ننشر قصيدة "رثائية الأندلس" للشاعر نزار قبانى نزار توفيق قبانى، الذى ولد عام 1923 بأحياء دمشق القديمة.
حصل القبانى على البكالوريا من مدرسة الكلية العلمية الوطنية بدمشق، ثم التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية وتخرّج فيها عام 1944.
عمل فور تخرجه بالسلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية السورية، وتنقل في سفاراتها بين مدن عديدة، خاصة القاهرة ولندن وبيروت ومدريد، وبعد إتمام الوحدة بين مصر وسوريا عام 1959، تم تعيينه سكرتيراً ثانياً للجمهورية المتحدة في سفارتها بالصين.
وظل نزار متمسكاً بعمله الدبلوماسي حتى استقال منه عام 1966.
طالب رجال الدين في سوريا بطرده من الخارجية وفصله من العمل الدبلوماسي في منتصف الخمسينيات، بعد نشر القصيدة الشهيرة "خبز وحشيش وقمر" التي أثارت ضده عاصفة شديدة وصلت إلى البرلمان، بدأ نزار يكتب الشعر وعمره 16 سنة، وأصدر أول دواوينه "قالت لي السمراء" عام 1944 وكان طالبا بكلية الحقوق، وطبعه على نفقته الخاصة.
وله عدد كبير من دواوين الشعر، تصل إلى 35 ديوانًا، كتبها على مدار ما يزيد على نصف قرن أهمها" طفولة نهد، الرسم بالكلمات، قصائد، سامبا، أنت لي"، كما أن له عددًا كبيرًا من الكتب النثرية أهمها: "قصتي مع الشعر، ما هو الشعر، 100 رسالة حب"، أسس دار نشر لأعماله في بيروت تحمل أسم "منشورات نزار قباني".
وقد أثار شعر نزار قباني الكثير من الآراء النقدية والإصلاحية حوله، لأنه كان يحمل كثيرا من الآراء التغريبية للمجتمع وبنية الثقافة، وألفت حوله العديد من الدراسات والبحوث الأكاديمية وكتبت عنه كثير من المقالات النقدية.
وإليكم القصيدة :
كتبتِ لي يا غاليه..
كتبتِ تسألين عن إسبانيه
عن طارق، يفتحُ باسم اللهِ دنيا ثانيه..
عن عقبةَ بن نافعٍ
يزرعُ شتلَ نخلة..
في قلبِ كل رابيه..
سألتِ عن أميةٍ..
سألتِ عن أميرِها معاويه..
عن السرايا الزاهيه
تحملُ من دمشق .. في ركابها
حضارةً .. وعافيه..
***
لم يبقَ في إسبانيه
منا، ومن عصورنا الثمانيه
غيرُ الذي يبقي من الخمر،
بجوفِ الآنيه..
وأعينٌ كبيرةٌ .. كبيرةٌ
ما زال في سوادِها ينامُ ليلُ الباديه..
لم يبقَ من قرطبه
سِوى دموعُ المئذناتِ الباكيه
سِوى عبيرُ الوردِ، والنارنجُ والأضاليه..
لم يبق من ولادة ومن حكايا حبها..
قافية. ولا بقايا قافيه..
***
لم يبق من غرناطة
ومن بني الأحمر.. إلا ما يقول الراويه
وغيرُ "لا غالب إلا الله"
تلقاكِ بكل زاويه!!!
لم يبق إلا قصرُهم
كامرأةٍ من الرخامِ عاريه..
تعيشُ - لا زالت - على قصةِ حُبٍّ ماضيه..
***
مضت قرونٌ خمسةٌ
منذ وجل "الخليفة الصغير" عن إسبانيه
ولم تزل أحقادنا الصغيرة ..
كما هِيَه ..
ولم تزل عقلية العشيره
في دمنا كما هيه
حوارُنا اليومي بالخناجر..
أفكارُنا أشبهُ بالأظافر
مضت قرون خمسة
ولا تزال لفظة العروبه
كزهرة حزينة في آنيه..
كطفلة، جائعة.. وعاريه
نصلبها .. على جدار الحقد والكراهيه!!!!
***
مضت ق رون خمسة .. يا غالية
كأننا .. نخرج هذا اليوم من إسبانيه