علماء التفسير يختلفون حول كون "الفاتحة" مدنية أم مكية

اختلف علماء التفسير فى سورة الفاتحة كما جاء فى كتاب روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم والسبع المثانى للعلامة أبى الفضل شهاب الدين الألوسى فقال اختلف فيها فأكثر المفسرين على أنها مكية بل من أوائل ما نزل من القرآن على قول وهو المروى عن على بن ابى طالب وابن عباس وقتادة واكثر الصحابة وعن مجاهد أنها مدنية.
وقد تفرد بذلك حتى عد هفوة منه وقيل نزلت بمكة حين فرضت الصلاة وبالمدينة لما حولت القبلة ليعلم أنها فى الصلاة كما كانت وقيل بعضها مكى وبعضها مدنى ولا يخفى ضعف هذا الرأى وقد لهج الناس بالاستدلال على مكيتها والدليل على ذلك أية سورة الحجر (ولقد أتيناك سبعاً من المثانى والقرآن العظيم ) الحجر 87 وهى مكية لنص العلماء والرواية عن ابن عباس رضى الله عنهما وذكر العلام ابن كثير فى تفسير القرآن العظيم فى مقدمة تفسير سورة الفاتحة فيقول يقال لها الفاتحة أى فاتحة الكتاب خطاً وبها تفتتح القراءة فى الصلوات ويقال لها أيضاً أم الكتاب عند الجمهور وذكره أنس ’ والحسن وابن سيرين كرها تسميتها بذلك.
وقال الحسن وابن سيرين إنما قصد به اللوح المحفوظ وقد ثبت فى الصحيح عند الترمذى وصححه عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحمد لله رب العالمين أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثانى والقرآن العظيم ) ومن أسماء الفاتحة كما ذكر ابن كثير يقال لها الحمد ويقال لها الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم فى صحيحة من حديث ابى هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين ، قال الله تعالى : حمدني عبدي ، وإذا قال : الرحمن الرحيم ، قال الله تعالى : أثنى علي عبدي ، وإذا قال : مالك يوم الدين ، قال : مجدني عبدي ، وقال مرة : فوض إلي عبدي ، فإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين ، قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) وفي رواية : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فنصفها لي ونصفها لعبدي ) رواه مسلم .
وسميت الفاتحة شفاء وذلك لما رواه الدارمى عن ابى سعيد مرفوعا ( فاتحة الكتاب شفاء من كل سم ) ويقال لها الرقية ويقال لها الشافية والكافية لأنها تكفى عما عداها ولا يكفى ما سواها عنها كما جاء فى بعض الأحاديث المرسلة (أم القرآن عوض من غيرها وليس من غيرها عوض منها) ويقال لها الصلاة والكنز كما ذكر ذلك الزمخشرى فى الكشاف وكلماتها خمس وعشرون كلمة وحروفها مائة وثلاثة عشر حرفا وقال البخارى فى أول كتاب التفسير وسميت أم الكتاب لأنه يبدأ بكتابتها فى المصاحف ويبدأ بقراءتها فى الصلاة وقيل سميت بذلك لرجوع معانى القرآن الكريم كله إلى ما تضمنته . وتعالوا بنا لنعيش مع فضائل سورة الفاتحة فى اللقاء القادم إن شاء الله والله أعلى وأعلم.