"اللّهمّ إنّي أعوذ بك من.. متابعة الهوى".. أدعية مستحبة

لقد خلقتنا - يا ربّ- أجساداً تسمع، وتبصر، وتلمس، وتشمّ، وتذوق، وتشتهي، وتتلذَّذ، وتطمع، وقلوباً تحبّ وتبغض، وهي في ذلك، تنطلق من عناصر الغريزة فيها، ومكان الشّهوة في داخلها، فتسيطر على الفكر حتّى يتحوّل إلى مخطّط للجريمة وللانحراف، منفتح على الكفر والضّلالة، وتهيمن على القلب، فيحبّ الحرام ويكره الحلال، ويوالي الكافرين ويعادي المؤمنين، ويهفو إلى الشّرّ ويتعقَّد من الخير، وتستولي على الحياة، فتبتعد بها عن الخطّ المستقيم، وتدفعها إلى الخط المنحرف، فلا تلتقي بالله في حركاتها، ولكنّها تلتقي بالشيطان في كلّ أوضاعها ومقاصدها.
إنّه هوى النفس الأمّارة بالسّوء، من خلال هذه الأمواج من الخيالات والأوهام الّتي تلتهب بها المشاعر، وتغيب فيها العقول، وتفترس الإنسان بأنياب اليأس، لتثير فيه اليأس من روح الله، ليسقط في وحول الحضيض، فيفقد الضّوابط التي تحفظ له قاعدته الفكريّة ومواقعه الروحيّة.
لقد حذَّرتنا من الهوى، يا ربّ، في كتابك، فقلت ـ سبحانك ـ: ولاتَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ وحدَّثتنا عن ذلك الّذي عاش ثقافة الوحي ومعرفة الله، ولكنَّه اتّبع هواه، فانحرف عن الطّريق، وسقط من شاهق، فتحطَّم إيمانه وضاعت سبيله، فقلت وذكرت لنا ـ في نهاية المطاف ـ أنَّ الابتعاد عن الهوى المحرّم هو سبيل الجنّة، فقلت سبحانك وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى وقد جاء في كلمات الإمام علي أمير المؤمنين: "أيّها النّاس، إنّ أخوف ما أخاف عليكم اثنان: اتّباع الهوى، وطول الأمل، فأمّا اتباع الهوى فيصدّ عن الحقّ، وأمّا طول الأمل فينسي الآخرة.
لقد خلقتنا يارب، وأردت أن نعيش في الأرض كذرّة من التراب، ونحلّق في الغيب كخفقةٍ من روح، فنحن قبضة من الطّين، ونفخة من روح الله. إنَّنا نعوذ بك من هذا الإلحاح الغريزي على متابعة الهوى في كلّ أشواقنا، وتطلّعاتنا، وكلماتنا، وأفعالنا، وخطواتنا، ومشاريعنا، وعلاقاتنا في الحياة.
اجعل في قلوبنا الوعي الإيماني الَّذي يتغلَّب على الهوى في العاطفة، وحرّك عقولنا في اتجاه الفكر الَّذي ينفتح على الحقّ كلّه، والخير كلّه، لتكون حياتنا كلّها حركة في سبيل الانضباط على السّير في خطّك المستقيم.
لقد أردت لنا ـ يا ربّ ـ أن نتحرَّك في خطّ هداك، لنصل إليك من أقرب طريق، ولنحصل على رضاك في أرحب موقع من مواقع طاعتك، والالتزام بنهجك في خطّ الفكر والعمل. وأرادنا الشَّيطان أن نبتعد عن هذا الخطّ، لنخالف أوامرك ونواهيك، ليوقعنا في قبضة سخطك، ويدفع بنا إلى ساحة عذابك، وها نحن يا ربّ، الّذين يعيشون من خلال إيمانهم في رحاب حبّك وقربك، وفي أجواء لطفك ورحمتك.
إنّنا نعوذ بك من السّيطرة الشيطانيّة الّتي تؤدّي بنا إلى مخالفة الهدى،" لقد أوحيت إلينا أن نكون في يقظةٍ عقليّة دائمة، وصحوةٍ روحية شاملة، وانفتاح على كلّ آفاق الشرور التي تبعث في أعماقنا النور الذي يطرد من نفوسنا تهاويل الظّلام. وحذّرتنا من الغفلة، لأنّها تحجب عنّا كلّ مطالع النّور، وتبعدنا عن وضوح الرؤيا لحقائق الألوهيّة، وأسرار العبوديّة، ومعنى الإبداع في الوجود، وعمق العظمة في الخالق، وروعة الوحي في الغيب، وقلت في كتابك: وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِي وختاما ربنا لا تزغ قلوبنا بعد أذا هديتنا للأسلام وهب لنا من لدنك رحمة أنك أنت الوهاب.