قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

باسيفيتش: إنقاذ مؤقت لأقليات عراقية لن يمحو فشلا سطره ساسة أمريكا في المنطقة على مدار عقود


اعتبر الكاتب الأمريكي أندرو جيه باسيفيتش استجابة الرئيس باراك أوباما لإنقاذ الأقليات العراقية من خطر الإبادة على أيدي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أمرا مبررا من المنظور الأخلاقي ، بل وجدير بالثناء.
إلا أن باسيفيتش قال ـ في مقال نشرته صحيفة (لوس أنجلوس تايمز)، " لكن استمرار العمليات العسكرية الأمريكية في العراق ، بالضرب على أيدي الأشرار ودعم الأبرياء ، لا يمكن أن يمحو من الأذهان صورة تخبُّط السياسة الأمريكية بالمنطقة".
ووصف الكاتب البواعث الأخلاقية ـ التي حرّكت إدارة أوباما صوب تجديد الحرب في العراق ـ بأنها "إنتقائية" ، مشيرا إلى أنه في منطقة أخرى ليست بعيدة عن العراق أظهرت واشنطن ترددا في مواجهة الشر ورضيت بالجلوس والتفرُّج على أبرياء يلقون أقسى معاملة.
ورأى باسيفيتش ـ الذي يعمل أستاذا للتاريخ والعلاقات الدولية بجامعة بوسطن ـ أن " التحركات الأمريكية الأخيرة بالشرق الأوسط لو انطوت على فكرة مشتركة فهي أمل غامض بأن تسفر ملاحقة المتطرفين الإسلاميين عن استعادة النظام بمنطقة فعلتْ أمريكا الكثير في السابق من أجل إشاعة الفوضى بها ، على أن ترجمة هذا الأمل إلى واقع يثير تحديات مروعة في العراق أكثر من أي مكان آخر".
واستشهد باسيفيتش بوصف الكاتب بيتر بيكر للعراق بأنها "مقبرة الطموح الأمريكي" ، ونوه بأن الرؤساء الأمريكيين الخمسة الآخيرين اعتبروا العراق بمثابة أداة لخدمة المصالح الأمريكية أو أنهم توقعوا من بغداد الإذعان لمطالب أمريكية بعينها ، لكنهم فشلوا جميعا في مساعيهم وخابت توقعاتهم وورّثوا هذا الفشل وتلك الخيبة إلى خلفائهم في منصب الرئاسة الأمريكية.
وعاد أستاذ التاريخ بالأذهان إلى حقبة ثمانينات القرن الماضي ، وأوضح كيف استعان الرئيس رونالد ريجان بنظيره العراقي صدام حسين في تحجيم الطموح الإيراني الثوري ، فكانت النتيجة الرئيسية "تضخيم جنون العظمة عند هذا الديكتاتور العراقي ، إلى جانب إهدار الكثير من الدماء المراقة من أجل لا شيء في الحرب الإيرانية - العراقية".
وفي ظل إدارة جورج بوش الأب ، تحول العراق من شريك مخالف إلى خصم كامل العداء ، ونوه باسيفيتش الي ثقة بوش عندما عاقب العراق بعد اجتياحه الكويت بأن النصر سيتمخض عن "نظام عالمي جديد" ، إلا أن ما حدث أن الولايات المتحدة وجدت نفسها مثقلة بمسؤولية حماية دول الخليج.
وتابع الكاتب " إن بوش الأب وخليفته بيل كلينتون انتهجا سياسة احتواء العراق عسكريا بتمركز قوات أمريكية على مقربة منه وفرْض عقوبات على العراق ، إلا أن هذا وذاك تمخضا عن ظهور حركات جهادية مناوئة لأمريكا ، حتى كانت هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 ، التي ألهمت جورج بوش الإبن بجعل العراق مرتكزا لحملته صوب (شرق أوسط كبير) ، وبدلا من تحرير العراق وإرساء قيم الديمقراطية به على حد ما وعد به بوش الإبن ، ها هو العراق قد تحطم".
ووصل الكاتب إلى العهد الحاضر ، قائلا " إن الأحداث خيّبت آمال الرئيس باراك أوباما بنزع الولايات المتحدة من مستنقع الحرب ، ذلك أن دولة العراق الضعيفة بقواتها المسلحة غير الفاعلة أثبتت عجزها عن التصدي للعنف المتصاعد".
ورأى باسيفيتش أن فكرة عودة الولايات المتحدة لهذا المستنقع هي وهْم مؤكد ، وإذا نجحت قوات جوية أمريكية في إنقاذ أرواح أناس داهمهم الخطر ، فالحقيقة أن العراق سيظل مضطربا.
وأكد أن الإنقاذ المؤقت للأكراد أو اليزيديين أو مسيحيي العراق ربما يسكن ضمائر الأمريكيين ، لكنه لن يمحو سجلا من الفشل سطره الساسة الأمريكيون في تلك المنطقة على مدار عقود طويلة ، إن هذا الفشل بات مطبوعا وغير قابل للانمحاء.
ورجح أستاذ التاريخ أن ينشغل المؤرخون طويلا بتوزيع حصص المسؤولية في هذا الفشل ، وأن يثير ذلك موجات من الجدل قد تمتد إلى المستقبل.
وأردف " إذا كان استعادة الإستقرار بمنطقة الشرق الأوسط بين أهداف الولايات المتحدة ، وهو كذلك بلا شك ، فإن اللحظة الراهنة تتطلب أمرين : الأول ، التوقف عن الإقدام على خطوات مُنتجة لردود أفعال عكسية ، وهذا يعني التوقف عن التسليح المفرط للسياسة الأمريكية ، وأري أن أغبى ما يمكن أن يُقدم عليه أوباما هو الإنجرار إلى صراع آخر واسع النطاق ، والأمر الثاني لاستعادة استقرار المنطقة هو وضع أولويات معقولة ، والتمييز بين ما هو أساسي وضروري حقا وما هو مهم فقط".
ورأى أستاذ العلاقات الدولية أن هوَس أمريكا بالعراق على مدار سنوات عديدة أفسد أولويات السياسة الأمريكية ، وقال إن ثمة وجهات أخرى ينبغي على الأمريكيين النظر في النضال بها ، ثمة ميادين يتوقف عليها مصير الكوكب الأرضي ، لكن العراق ليس بين تلك الوجهات ولا ميادينها ، لذا فقد حان وقت التحرر من هوَس العراق.