أحمد جويلي.. وزير "تموين الغلابة".. خاض معارك ضد مافيا الفساد.. تم إبعاده من وزارة "عبيد" ليتربع على قلوب المصريين

بعد رحلة عطاء لا يختلف عليها أحد، قضاها فى الدفاع عن قضايا وحقوق البسطاء من أبناء مصر، توفى منذ قليل وزير التموين الأشهر فى تاريخ مصر الدكتور احمد جويلى، ولا يخفى أن د. جويلى الرجل الخلوق صاحب الشخصية الهادئة خاض معارك لا حصر لها ضد مافيا الفساد من مستوردى اللحوم، حتى وصل الأمر إلى تهديدات باغتياله..
وفى النهاية أفلح هؤلاء فى أبعاده عن الوزارة إلا أن اسمه ظل محفورا بحروف من ذهب فى قلوب المصريين، فهو وزير التموين الأشهر، وربما الأوحد الذى جمع بين تخصصه كخبير فى الاقتصاد الزراعى وشئون الغذاء، وفى نفس الوقت الالمام بمشاكل البسطاء، واحتياجاتهم من المقررات التموينية ليكون بحق هو وزير "تموين الغلابة".
والدكتور احمد جويلى من العلماء القلائل المشهود لهم بالخبرة والتميز فى مجال البحوث والدراسات الاقتصادية ذات العلاقة بالشأن الزراعى وشغل منصب الأمين العام لمؤتمر الاقتصاديين الزراعيين الذى كان يعقد سنويا بمشاركة جادة وفعالة منه، وهو استاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة.
كما شغل الدكتور جويلى منصب الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية لعدد من الدورات، وحقق تقدما ملموسا على مستوى دعم التعاون الاقتصادى وازالة الحواجز الجمركية، كما أشرف على اعداد عدد كبير من الدراسات والبحوث والمؤتمرات التى تدعم هذا التوجه.
وكان ملف السكر من الملفات المعقدة التى تصدى لها الدكتور جويلى، حيث رفض رئيس الشركة القابضة لإنتاج السكر والصناعات التكاملية المصرية محمد خليف، وقتها توريد الحصة المقررة لوزارة التموين والتجارة الداخلية؛ فما كان من د. جويلى إلا ان اتصل بالدكتور عاطف عبيد وزير قطاع الاعمال الذى لم يحرك ساكنا، ونفس الوضع عندما تم الاتصال برئيس الوزراء د. عاطف صدقى، فما كان من الدكتور جويلى إلا التحرك منفردا بالتعاون مع مفتشى التموين فى محافظات الوجه القبلى.
وتم بالفعل التوجه الى مخازن الشركة والاستيلاء على المنتج لصالح المواطن قبل تصديره إلى الخارج.. واللافت للنظر ان الرئيس الأسبق حسنى مبارك لم يعلم بتفاصيل ازمة السكر وقتها، والتحركات التى كان يقوم بها البعض إلا بعد انتهائها، ويرجع للدكتور جويلى الفضل فى تأمين وتوفير مخزون استراتيجى من السكر يلبى الاحتياجات المحلية فى أى وقت، وعلى الرغم من انتهاء هذه الأزمة إلا ان أزمة السكر كانت احد الاسباب التى اطاحت بالرجل من منصبه كوزير للتموين.
ويمثل ملف تنمية الصادرات المصرية من القطن طويل التيلة، أحد الملفات الشائكة التى رفض فيها الوزير جويلى الرضوخ لضغوط أصحاب المصالح، ففى الوقت الذى كان يحرص فيه على زيادة صادرات مصر وفتح أسواق جديدة أمام المنتج المصرى طلب منه وزير قطاع الأعمال وقتها الدكتور عاطف عبيد عدم التوسع فى التصدير، إلا ان رد د. جويلى كان حاسما، بأن المصانع المحلية لديها ما تحتاجه من هذه الاقطان، فلماذا لا نقوم بتصدير الباقى للحصول على العملة الصعبة؟.
ونجح الدكتور احمد جويلى فى ان تكون المجمعات الاستهلاكية تابعة لوزارة التموين وقام بطرح السلع الاستهلاكية للمواطنين فيها بأسعار تنافسية ، وبذلك أحبط مخطط بعض رجال الأعمال الذين كان هدفهم احتمار السوق والسيطرة عليه ، إلا ان فرحة جويلى لم تكتمل فبمجرد تولى عاطف عبيد لمنصب رئيس الوزراء اعاد المجمعات الاستهلاكية مرة أخرى لقطاع الاعمال العام .
وبعد خروج د. جويلى من وزارة التموين فى وزارة "غريمه" دكتور عاطف عبيد، وبعد الاعلان عن مشروع توشكى، تولى منصب رئيس شركة المملكة للتنمية الزراعية لصاحبها الوليد بن طلال، واجرى عددا من البحوث والدراسات على التربة والاراضى، كما حدد التركيب المحصولى المناسب فى الزراعة، إلا أنه ترك هذه المنصب ليتولى منصبا آخر اكثر اهمية، وهو منصب الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية.
ومجهودات الدكتور أحمد جويلى، خلال توليه منصب الامين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية معروفة، فعلى يديه تم الاعلان عن خطوات مهمة باتجاه السوق العربية المشتركة، وتم الانتهاء من الاتحاد الجمركى العربى، بجانب جواز سفر موحد لرجال الأعمال العرب.