الإرهابيون أفسدوا على اللبنانيين عيد الأضحى.. والجغرافيا تحتم وقوع معركة كبيرة

أفسدت "جبهة النصرة"، وتنظيم "داعش" إجازة عيد الأضحى على اللبنانيين جميعا سنة وشيعة، مسلمون ومسيحيون بعد أن شن مسلحوهم هجوما على مراكز حزب الله في جرود بلدتي جرود بريتال ويونين بالبقاع اللبناني.
وبات واضحا للبنانيين جميعا أن خطر مسلحي النصرة وداعش يقترب كل يوم، فبعد أن كان محصورا في جرود بلدة عرسال الحدودية حاولوا التوغل في مناطق البقاع الأخرى وشنوا هجوما على مواقع الحزب في بلدة بريتال التي تبعد عن العاصمة بيروت نحو 75 كلم.
وخلطت الأحداث الأخيرة الأوراق في لبنان، فالبعض مثل حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع وبعض أعضاء تيار المستقبل يتهمون حزب الله بأنه جلب النار السورية إلى لبنان، وأن تورطه في الحرب السورية استفز المسلحين ودفعهم للتوغل داخل لبنان.
وفي المقابل بدت تعلو أصوات ولو خافتة ترى أن وجهة نظر الحزب بالتدخل في سوريا كانت صائبة وأنه لو انتظر سقوط النظام السوري في أيدي المسلحين لكانوا قد اجتاحوا لبنان، بل بدأ البعض من مؤيدي حزب الله وحلفائه يؤكدون أن الحزب هو الضمانة الأساسية في مواجهة احتمال اجتياح الإرهابيين للبنان مثلما فعلوا في العراق وسوريا.
وفي هذا الإطار.. نقلت صحيفة السفير اللبنانية عن مصدر لبناني واسع الاطلاع أن البطريرك الماروني اللبناني بشارة الراعي، ردد أمام حلقة ضيقة في البطريركية "لو سئل المسيحيون في لبنان اليوم عن رأيهم بما يجري من تطورات، لرددوا جميعا أنه لولا "حزب الله" لكان "داعش" قد أصبح في جونيه" (وهي مدينة مسيحية تقع شمال بيروت تعتبر معقل للموارنة وكان ينظر لها أن خلال الحرب الأهلية أن حصن الموارنة وميناء لهم وعاصمة محتملة لدويلتهم).
ولفهم خطورة الوضع، فإن المناطق التي دار فيها القتال لا تبعد عن عن بيروت سوى نحو ساعة بالسيارة فلبنان دولة لها طول ويكاد لا يكون لها عرض إذ أن عرض لبنان أقل من مائة كلم.
ويشعر أهل البقاع أكثر بوطأة الأحداث، وتتحدث التقارير عن عمليات تسلح وأمن ذاتي ودوريات في البقاع اللبناني من قبل الدروز والمسيحيين بما فيهم الأرمن، في ظل مخاوف من توغل المسلحين في البقاع.
ولكن هناك جانب إيجابي في الأمر، وجانب سلبي، أما الإيجابي فهو أن المسلحين في لبنان والمنطقة المحصورة بين لبنان وسوريا، ليسوا سوى مجموعة صغيرة لا تزيد على 4 آلاف على أقصى تقدير تتحصن في مناطق جبلية وعرة يصعب القضاء عليهم بها.
أما الجانب السلبي، فهو أنه إذا كان بضعة آلاف من المسلحين يتسببون في هذه المشكلات للدولة اللبنانية، فماذا لو استطاعت داعش ومعها غريمتها النصرة، ربط أقاليم دولتهم المزعومة في شمال سوريا والعراق بجيبهم الصغير في جبال لبنان الشرقية.
ورغم أن وجود النصرة وداعش ليس سوى جيب صغير في ظهر لبنان، فإن المعركة تبدو حتمية في ظل الظروف الجغرافية والمناخية في المنطقة التي يتواجدون بها.
وفي هذا الإطار.. توقع مصدر مسئول من بلدة عرسال اللبنانية وقوع معركة خلال أقل من شهر نظرا لأن المسلحين يتواجدون في جرود عرسال وهي منطقة مرتفعة للغاية تصل الارتفاعات بها إلى أكثر من 2000 متر وأحيانا تنخفض درجات الحرارة بها إلى 20 تحت الصفر خلال فصل الشتاء، مما يجعل الحياة فيها شبه مستحيلة، كما أن أحكم فرض الطوق على الممرات التي تصل بين جرود عرسال والبلدة ذاتها.
ويتخوف المصدر من أن المسلحين سيكونون أكثر شراسة لأن الموضوع أصبح يتعلق بحياتهم، وليس فقط بما يعتبرونه جهادا.
وقال مصدر أمنية لبنانية لوكالة أنباء الشرق الأوسط إن الهجوم الذي شنه مسلحو جبهة النصرة وداعش يرجح أنه سببه محاولتهم فتح طريق إلى منطقة آمنة وأقل تطرفا في تضاريسها ومناخها ليستنى لهم التحصن بها في الشتاء، ويرجح أنها منطقة عسال الورد السورية وهي منطقة معزولة يكونون فيها آمنين ، كما يكون خطرهم أقل على لبنان.