دراسة اقتصادية تحذر من تراجع التصنيف الائتمانى لمصر.. وتطالب البنوك بفتح فروع خارجية لخدمة الاستثمار

دراسة "التخفيض الائتمانى لمصر إلى أين" تكشف:
السياسة النقدية تغيرت بعد تولى "رامز" مقاليد "المركزى" ومراعاته للبعد الفنى
التخفيض سيؤثر على الاستثمارات المباشرة الداخلة لمصر
استخدام الاحتياطيات في استيراد الاحتياجات الضرورية إحداث توازن ظاهري لسعر صرف الجنيه
تخفيض التصنيف سيرفع من عبء خدمة الدين الخارجى ويرفع تكلفة فتح الاعتمادات المستندية
طالبت دراسة اقتصادية حديثة البنك المركزى ضرورة تشجيع البنوك ذات رؤوس الأموال الوطنية من القطاع العام والخاص على فتح فروع خارجية تستطيع من خلالها آداء الخدمات المصرفية للمصدرين والمستوردين المصريين بسهولة ويسر كما أن فتح فروع خارجية للبنوك الوطنية يتيح لها زيادة حجم أصولها وبالتبعية أرباحها مع إمكانية تحول بعضها وبخاصة بنكى مصر والأهلى إلى بنوك عالمية.
وكشفت الدراسة التى اعدها الباحث الاقتصادى احمد أدم وحصل "صدى البلد "على نسخه منها وجاءت تحت عنوان "التصنيف الائتمانى لمصر إلى أين" أن الواقع يؤكد أن الحكومة الحالية هى أيضاً حكومة تسير أعمال على الرغم من القيام بتغييرها سبع مرات منذ قيام ثورة 25 يناير وبالتالى فبقاء الأوضاع كما هى عليه وعدم اتخاذ خطوات فعلية للإصلاح فى ظل احتمالات توقف المساعدات العربية سيؤدى حتى لو هدأت واستقرت الأمور الداخلية لتخفيض جديد للتصنيف الائتمانى لمصر.
وقال "آدم" فى دراسته إن تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر شهد تسارعا فى وتيرته بعد ثورة 25 يناير إلا أن التصنيف قد شهد انخفاضاً فى وتيرة التسارع منذ عام تقريباً ووقت تسارع التخفيض كان الاستمرار فى الاضطرابات السياسية عبارة استخدمتها أغلب وسائل الإعلام المصرية آنذاك كسبباً للتخفيض وهى عبارة ممطوطة تحمل فى طياتها إخفاءاً للأسباب الفعلية.
ولفت "آدم" إلى وجود مؤشرين عملا على تخفيض التصنيف أولهما: أوضاع السيولة بالعملة المحلية بداخل مصر آنذاك وهو ما سبق ونبهنا له منذ عام 2008 وأكدنا على أن إدارة السياسة النقدية غير السليمة للبنك المركزى ( منذ تولى الدكتور العقدة لمقاليد الأمور وحتى تركه لمنصبه) قد تسببت فى أن يظل سعر الفائدة سلبياً فى مقابل معدل التضخم، وهو ما أدى إلى تآكل ودائع العملاء فانخفضت معدلات نموها وتدنت حتى وصلت نهاية العام المالى المنتهى فى نهاية يونيو 2011 إلى 7.2% وفى المقابل زادت معدلات نمو الديون المحلية زيادة كبيرة حتى وصلت فى نهاية يونيو 2011 أيضاً إلى 17.6% وإذ ما وضعنا فى الاعتبار أن البنوك هى التى تتحمل عبء تمويل معدل نمو الدين المحلى منذ عام 2008 يتأكد لنا أن السيولة المتاحة بالبنوك لتمويل معدل نمو الدين المحلى قد جفت آنذاك وهو ما يعنى أن البنوك يمكن أن تتوقف عن عملية تمويل معدلات نمو الدين المحلية فى أى وقت.
وأشارت الدراسة إلى انه رغم أن هناك حلولاً متاحة لعلاج هذا الوضع إلا أن السلطات النقدية المصرية لم تجد حلاً لهذا الأمر فى ضوء إدارة السياسة النقدية آنذاك بأبعاد سياسية لخدمة حكومات تعاقبت على مصر وخصوصاً من بعد ثورة 25 يناير والإهمال التام للبعد الفنى فى إدارة السياسة النقدية وبالتالى ارتفعت نسبة المخاطر على الديون المحلية فتم تخفيض تصنيفها إلى BB-.
وواصلت الدراسة قائلة: إن إدارة السياسة النقدية قد تغيرت كثيراً بعد رحيل الدكتور العقدة وتولى السيد هشام رامز مقاليد الأمور وبدأ البنك المركزى المصرى فى مراعاة البعد الفنى فى إدارة السياسة النقدية، وهو ما أدى مع أسباب أخرى لأن تحقق الودائع بالبنوك المصرية لأعلى معدل نمو فى القرن الحالى، وذلك نهاية ديسمبر 2013 وزيادة معدلات نمو الودائع أعطت قبلة الحياة لاستمرار تمويل عجز الموازنة من موارد محلية وهو ما أدى لحل مشكلة وجود مصادر محلية لتمويل عجز الموازنة خلال الفترة الحالية.
وتركز ثانى أسباب تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر فى أوضاع السيولة بالعملات الأجنبية والتدهور الواضح بالاحتياطيات الرسمية لمصر لأسباب متعددة سبق وأشرنا إليها أيضاً تفصيلاً بدراسات كثيرة وكان أهمها سوء إدارة هذه الاحتياطيات علاوة على استخدامها الخاطئ فى إحداث توازن فى سعر صرف الجنيه أمام الدولار رغم أن السبب لم يكن راجعاً وفى كل المرات التى تدخل فيها البنك المركزى إلى مضاربة بل كان عائداً لخروج استثمارات قصيرة الأجل من داخل مصر لخارجها كنا قد سمحنا بدخولها للاستثمار بأدوات الدين المحلى قصيرة الأجل وبشكل مستفز على الرغم من أن هذة الإستثمارات غير مرحب بها بكافة الاقتصاديات المحترمة.
ونبهت الدراسة إلى أن تدهور ميزان المدفوعات المصرى لم يكن عائداً إلى انخفاض فى الموارد الأساسية لمصر من العملات الأجنبية بقدر ما كان عائداً لأسباب أخرى أهمها استثمارات فاشلة لنا بالخارج تدر عوائد ضعيفة فى المقابل استثمارات للأجانب بأدوات الدين المحلى تدر عوائد غير مسبوقة تخرج من مصر مدعومة بالضخ من الاحتياطيات الرسمية لمصر، والتى من المفروض أنها تؤمن للمواطن المصرى حاجته من الغذاء ومستلزمات الإنتاج الضرورية كما أنها تؤمن لمصر سيادتها وقرارها سواء كان سياسياً أو اقتصادياً. ولولا المساعدات العربية التى حصلنا عليها من الدول العربية الشقيقة.
وأشار الباحث الاقتصادى أحمد ادم إلى أن الوضع تغير وبشكل واضح بعد رحيل الدكتور العقدة وتولى هشام رامز مقاليد الأمور وقرارة بعدم استخدام الإحتياطيات وعلى الإطلاق في إحداث توازن ظاهري على سعر صرف الجنيه المصري ويتم استخدامها فقط في استيراد الأغذية والأدوية والاحتياجات الضرورية بينما يترك استيراد أي سلع لها نظير محلي أو سلع غير ضرورية للتدبير من الموارد الخاصة لمستورديها حتى ولو كانت من السوق الموازية فارتفاع سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية بهذه السوق سيكون في صالح المنتجات المصرية، وبمرور الوقت سيتوقف مستوردي هذه السلع عن استيرادها، وهو ما يعني إنهاء ذاتي للسوق الموازية وبدأت الاحتياطيات مرحلة استقرار خلال الفترة الماضية على الرغم من الالتزامات الكثيرة التى تستحق علينا ونسددها وأهمها بعض ودائع الدول العربية وكذا أقساط نادى باريس ومستحقات هيئة البترول للشركاء الأجانب، وهو ما أدى للنظرة المستقرة لوكالات التصنيف العالمية.
وأكد ادم أن تخفيض التصنيف الائتمانى سيؤثر على الاستثمارات المباشرة الداخلة لمصر وهى متأثرة بالفعل منذ الأزمة العالمية وبالتالى فتخفيض التصنيف تأكيد على استمرار تدهور صافى الاستثمارات الأجنبية لمصر والتى كانت تبلغ قبل الأزمة العالمية 13.2 مليار دولار وتحديداً فى نهاية يونيو من عام 2008 أخذت فى التدهور حتى بلغت فى نهاية يونيو 2011 ما قدرة 2.2 مليار دولار فقط وأصبحت نهاية العام المالى الماضى (نهاية يونيو 2014) ما قدرة 4,1 مليار دولار.
ولفت إلى أن تخفيض التصنيف الائتمانى سيرفع من عبء خدمة الدين الخارجى فأى قروض سترغب مصر فى الحصول عليها من الخارج ستتزايد أسعار الفائدة عليها كما أن أى سندات تصدرها مصر بغرض الاقتراض من الأسواق الخارجية ستكون بأسعار عائد مرتفعة ستزيد من عبء المديونية الخارجية هذا بخلاف أن هناك احتمالات كبيرة بعدم تغطية طرح هذه السندات فى ظل تخفيض التصنيف وكذا الظروف التى تمر بها أوروبا وأمريكا من أزمات اقتصادية وهو ما ستكون له أصداء ستؤثر على سمعة مصر الاقتصادية.
وأضافت الدراسة أنه فى ظل المعاناة الحالية للدول العربية البترولية التى تعاوننا مالياً من جراء الانخفاض المستمر لأسعار البترول فيمكن أن تجبرنا الظروف الاقتصادية العالمية والإقليمية الراهنة على اللجوء لصندوق النقد الدولى وهو ما سيؤثر حتماً على القرار السيادى لمصر لأن الصندوق من المؤكد سيطلب تنفيذ برنامج إصلاحى أهم بنوده إلغاء الدعم، وبشكل أسرع مما تجرية الحكومة الحالية وهو ما يمكن أن يؤدى فى حال تنفيذه إلى غضبة شعبية يمكن أن تؤثر فى ظل الظروف الداخلية الراهنة على استقرار البلاد.
وقالت الدراسة ان تخفيض التصنيف ترتفع معه تكلفة فتح الاعتمادات المستندية وخصوصاً الخاصة بالإستيراد لأن المراسلين فى الخارج ستطلب من بنوكنا ضمانات أكثر سترفع من تكلفة فتح الاعتمادات بما سيشكل عبئاً على المستورد المصرى كما أن التخفيض سيفقد بنوكنا ذات رأس المال الوطنى مراسليها الجيدين مما سيؤدى لتأخير فى فتح الاعتمادات.
وأشارت الدراسة إلى ان تسهيلات الموردين الممنوحة لمستوردينا من الخارج قد تنخفض مما سيشكل أيضا عبئاً كبيراً على المستورد المصرى كما أن ارتفاع تكلفة التأمين على الواردات وكذا على الصادرات سيشكل أيضاً عبئاً على المستورد والمصدر المصرى.