علاقات "القاهرة- بكين".. عشرات المشروعات الصينية على الأرض المصرية.. وتعاون غير مسبوق خلال الأيام المقبلة

تعود العلاقات بين الجانب المصرى والصينى إلى 30 مايو 1956، حين أنشأت مصر كأول دولة عربية وأفريقية علاقات دبلوماسية كاملة مع الصين الشعبية.
وقد مثل إعلان الجانبين إبرام الشراكة الاستراتيجية في 1999 تحولاً نوعيا في العلاقات، وهو ما ساعد على تشكيل آلية الحوار الاستراتيجي بين وزيري خارجية البلدين، وبين وزير خارجية الصين ووزراء الكهرباء والتعاون الدولي والصناعة والتجارة، والاستثمار والتي عقدت آخر جولاتها في أغسطس 2014 في القاهرة، وهو ما رفع مستوى العلاقات خلال تلك الفترة في جميع أوجه التعاون بين البلدين، خاصة سياسيا، حيث وثق البلدان قنوات التنسيق في المحافل الدولية وتبادل الرأي بشأن القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وشهدت الفترة الأخيرة سعيا مصريا لتعزيز علاقات التعاون مع الصين، خاصة في المجال الاقتصادي والفني لمعالجة العجز التجاري المزمن (بلغ حجم التجارة 10 مليارات دولار، لا تتجاوز صادرات مصر ضمنها 1.9 مليار دولار، كما لا تتجاوز استثمارات الصين في مصر 400 مليون دولار)، وهو ما تجاوبت معه الصين بعدة خطوات، منها تقديم منحتين ماليتين متتاليتين عقب ثورة يناير وأخرى في هيئة 700 سيارة شرطة لدعم جهود استعادة الأمن والانتهاء من مشروع مجمع للأسمنت بسيناء والذي ينتج 7% من إنتاجنا الوطني.
أما عن موقف الصين من ثورة 30 يونيو، فقد ساندت الصين الحكومة المصرية من الناحية السياسية، ومع إجراء الانتخابات الرئاسية فى مايو 2014، وتشكيل حكومة دائمة فى مصر، فقد باتت الصورة أكثر وضوحا لدى صانع القرار السياسي فى الصين، خاصة بعد الأحداث الإرهابية المتكررة التى شهدتها الصين خلال الفترة الأخيرة بما جعلها أكثر تفهما للأوضاع فى مصر ودعمها لجهود الحكومة المصرية للتصدى للإرهاب وأعمال العنف التى تشهدها مصر.
وأعرب الجانب الصينى عن دعمه واحترامه لخيارات الشعب المصرى بعد ثورة 30 يونيو ورفضه للتدخل الأجنبي فى شئون مصر الداخلية، ومع استقرار الأوضاع فى مصر شهدت العلاقات بين البلدين زخما إيجابيا فى الفترة الماضية كان أبرز ملامحها توقيع شركة "تيدا" الصينية التى تتولى تطوير وتنمية مشروع المنطقة الاقتصادية المصرية الصينية الخاصة بشمال غرب خليج السويس على الاتفاق النهائي لتطوير المنطقة فى يناير 2014.
وقام وزير الخارجية الصينى "وانج يي" بزيارة لمصر خلال الفترة من 1 إلى 3 أغسطس 2014، حيث تم عقد الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجى المصرى الصينى، وذلك تزامناً مع الاحتفال بمرور خمسة عشر عاما على إبرام اتفاقية الشراكة الاستراتيجية في عام 1999، والذي كان متوقفا منذ فترة طويلة.
شارك فى جولة الحوار من الجانب المصرى وزير الخارجية والسادة وزراء الصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والتعاون الدولى، والاستثمار، بالإضافة إلى ممثل عن هيئة قناة السويس، حيث قدم الوزراء شرح بشأن المشروعات الكبرى المطروحة من وزارتهم على الجانب الصينى للتعاون، فضلاً عن الإصلاحات والتعديلات على القوانين المحفزة للاستثمارات فى القطاعات المختلف.
كما قدم ممثل هيئة قناة السويس عرضا لمشروع القناة الجديدة والتوسعات المطروحة على الممر الملاحى والمشروعات التى ستطرح للتعاون مع الجانب الصينى.
وقد أبدى وزير خارجية الصين ترحيب بلاده بالتعاون مع مصر فى العديد من المجالات والمشروعات المهمة، خصوصا مجالات الكهرباء والطاقة، النقل والسكك الحديدية، فضلاً عن التعاون فى المشروعات المطروحة لتنمية الممر الملاحى لقناة السويس، حيث تم الاتفاق خلال الزيارة على الارتقاء بمستوى العلاقات إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، ومن المتوقع أن يتم التوقيع علي البيان المشترك بشأن الارتقاء بالعلاقات الثنائية خلال الزيارة الرئاسية المقبلة.
بالإضافة إلى ما سبق، قام وفد استثماري برئاسة الوزير أشرف سالمان، وزير الاستثمار، بزيارة للصين في الفترة من 9 إلى 12 سبتمبر 2014 بهدف زيادة مجالات التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، وعرض المشروعات الاستثمارية في مصر التي يمكن للجانب الصيني المشاركة فيها.
وعقد وزير الاستثمار عددا من الاجتماعات مع المسئولين الصينيين، بالإضافة إلى عقده اجتماعات مع ممثلي كبرى مؤسسات التمويل والشركات الصينية التي تعمل في مجالات متعددة مثل الصناعة والطاقة الشمسية والتشييد والسكك الحديدية.
وقد أعقب ذلك زيارة مهمة للسيد Meng Jianzhu، عضو المكتب السياسي باللجنة المركزية بالحزب الشيوعي الصيني وأمين اللجنة السياسية والقانونية باللجنة المركزية للحزب إلى مصر (بدرجة تعادل نائب رئيس الوزراء) في الفترة من 19-23 نوفمبر 2014، التقى خلالها بالرئيس ورئيس الوزراء ووزير الخارجية ورؤساء الجهات الأمنية، حيت تركزت تلك الزيارة على مناقشة سبل التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب.
وقام كل من السادة وزراء الكهرباء والطاقة المتجددة، والتعاون الدولي، والتجارة والصناعة، والنقل، إلى الصين خلال الفترة من 8-12 ديسمبر 2014 للتحضير للزيارة الرئاسية المتوقع أن تتم في الفترة من 23-24 ديسمبر 2014.
بناءً على الموافقة بالارتقاء بالعلاقات إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية الشاملة، تم تشكيل وحدة الصين تابعة لرئاسة الوزراء، وعقدت أولى جلساتها في 23 أكتوبر 2014 على المستوى الوزاري برئاسة رئيس الوزراء، وبحضور السادة وزراء التجارة والصناعة، والاستثمار، والتعاون الدولي، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والصحة، والزراعة، والنقل، وبحضور ممثل عن وزارة الخارجية، وممثل عن جهاز المخابرات العامة، وتم الاتفاق على قيام وزارة التعاون الدولي بالتنسيق مع تلك الوزارات المعنية واختيار عدد محدد من المشروعات لتقديمها للجانب الصيني لدراستها وبحث إمكانية التوقع عليها خلال الزيارة.
وعقد الاجتماع الوزاري الثاني لوحدة الصين برئاسة الوزراء في 20 نوفمبر 2014، ومن المقرر عقد الاجتماع الوزاري الثالث في 13 ديسمبر 2014.
ويقوم الجانبان حاليا بالتفاوض على مشروع للبيان المشترك بشأن إقامة العلاقات الإستراتيجية الشاملة والمقترح أن يقوم الرئيسان المصري والصيني بالتوقيع عليه خلال الزيارة في ديسمبر، ويشمل مشروع البيان الخاص بإقامة العلاقات الإستراتيجية الشاملة التعاون في ستة مجالات هى: المجال السياسي، والمجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، والمجالات العسكرية والأمنية، والمجالات الثقافية والإنسانية، ومجالات العلوم والتكنولوجيا، وأخيراً الشئون الإقليمية والدولية.
وعن أهم المشروعات الصينية في مصر، نجد مشروع المنطقة الاقتصادية المشتركة المصرية - الصينية بشمال غرب خليج السويس، حيث قامت شركة "تيدا" الصينية، التى تتولى تطوير هذه المنطقة بالتوقيع النهائى على عقد التطوير فى يناير 2014، وهو ما يعد بادرة إيجابية ينبغى الاستفادة منها من أجل إيجاد حلول لمعوقات الاستثمار فى أقرب وقت ممكن بما يعطى رسالة إيجابية بشأن جديتنا فى تحسين المناخ الاستثمارى فى مصر، وبما يساعد على جذب مزيد من الاستثمارات الصينية المباشرة لمصر خلال الفترة المقبلة لدفع جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص عمل للشباب المصرى (تم افتتاح مشروع استثماري كبير لشركة "جوشى" الصينية لإنتاج الألياف الزجاجية بالمنطقة خلال أيام).
كما أن هناك اتفاق بشأن إنشاء خط سكة حديد (السلام - الروبيكى - العاشر – بلبيس) بين وزارة النقل وشركة AvicIntl الصينية على أساس نظام التصميم والإنشاء والتنفيذ، وتوفير مقترحات للإدارة والتشغيل، بالإضافة إلى التمويل من خلال بنك تنمية الصادرات الصينى.
بالإضافة إلى مشروع بناء مصنع ضخم لإنتاج الأسمنت بمدينة العريش، قامت بإنشائه شركة SINOMA ويبلغ إجمالي إنتاج هذا المصنع نحو 3.2 مليون طن وهو ما يشكل نحو 7% من إجمالي إنتاج الأسمنت في مصر، وطبقا للعقد الموقع بين الجانبين ستقوم الشركة الصينية بإدارة المشروع لمدة 3 سنوات مقبلة.
وهناك العديد والعديد من المشاريع المشتركة والاستثمارات الصينية فى مصر، وأهمها:
- التوقيع على مذكرة تفاهم لإنشاء أكبر مصفاة تكرير في مصر، بطاقة تبلغ 15 مليون طن سنويا (تمثل 40% من طاقة التكرير في مصر) تضاف إليها 15 مليون طن أخرى، بحيث يكون المشروع بنظام BOT وتؤول ملكيته إلى مصر بعد 25 عاما.
- شهد نهاية عام 2012 تدشين أول حفار بحري صيني مصري لصالح شركة "سينو ثروة".
- تم التوقيع في مايو 2012 على عقد بقيمة 120 مليون دولار تقوم بموجبه شركة Brilliance بتجميع وإنتاج السيارات في مصر.
- الانتهاء من المبنى الرئيسي بالمنطقة الاقتصادية بشمال غرب خليج سويس بقيمة إجمالية 20 مليون دولار كمنحة لا ترد.
- قدمت الحكومة الصينية منحة لوزارة الداخلية المصرية تتألف من 700 سيارة شرطة تم تسليمها.
- تدشين مركز صيني بقناة السويس بقيمة إجمالية تصل إلى 5 ملايين دولار أمريكي لتنمية المصائد السمكية.
- وقع السفير الصيني بالقاهرة ومحافظ الأقصر في مايو 2013 على عقد إنشاء منتزه على الطراز الصينى بالأقصر بقيمة 7 ملايين دولار أمريكي.
- تم افتتاح مدرسة صينية بمدينة 6 أكتوبر من خلال منحة بقيمة 100 ألف دولار، تقوم بتدريس اللغة الصينية كلغة ثانية.
- مشروع لأعلاف الدواجن بمدينة السادات برأس مال 10 ملايين دولار.
- مصنع للخمائر والعجائن فى مدينة بنى سويف برأسمال 75 مليون دولار.
- مصنع الألياف الزجاجية فى العين السخنة، وتبلغ تكلفة المرحلة الأولى منه 223 مليونا.
- تعمل كل من شركتى Huawei وZTE فى قطاع الاتصالات المصرى بالتعاون مع شركات المحمول.
أما عن التعاون الفنى، فتتعاون الصين مع مصر في مجال تكنولوجيا الفضاء، وذلك من خلال مشاركة الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا الفضاء CAST، في تنفيذ مشروعي القمر الصناعي المصري EGY SAT 2، وإنشاء وتجهيز مركز لتجميع واختبار الأقمار الصناعية الصغيرة بالتعاون مع الهيئة المصرية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء، وهى المشروعات التي نتطلع لتمويل جزء منها من خلال المنح الصينية لمصر.
كما أطلق الرئيس الصيني مبادرة لإحياء طريق الحرير البحري والبري لتعزيز حركة التجارة والاستثمار والتعاون الثقافي بين الشعوب على طول طريق الحرير.
فى هذا الإطار تبدي الصين اهتماما بالغا بمشروعات تطوير البنية التحتية في محور قناة السويس، في ضوء الاعتبارات المتعلقة بالموقع الجغرافي المتميز للقناة والموانئ المصرية بشكل عام، وذلك لتعزيز حركة التجارة والاستثمار والتعاون الثقافي بين الشعوب على طول طريق الحرير، حيث تعد قناة السويس ركنا أساسيا في هذه المبادرة باعتبارها معبرا للتجارة الصينية مع دول أوروبا وشمال أفريقيا.
وقد وصل حجم التجارة إلى 10 مليارات دولار بنهاية العام 2013، رغم وجود عجز كبير في الميزان التجاري لصالح الصين، وتتمثل أهم الاستثمارات الصينية في مصر في المنطقة الاقتصادية لشركة TEDA في منطقة العين السخنة، ومصنع الألياف الزجاجية في العين السخنة، وهناك عدد كبير من الشركات الصينية تسعى للاستثمار في تلك المنطقة.
كما توجد أيضا استثمارات صينية في قطاع البترول، حيث تمتلك شركة سينوبيك الصينية حوالي 30% من أسهم شركة أباتشى الأمريكية في مصر، مشيراًإلى أن الشركة ستقوم باستثمار 1.3 مليار دولار العام المقبل، من بينها 400 مليون دولار استثمارات صينية، وتقوم الشركة بأعمال التنقيب والحفر في آبار بالصحراء الغربية.
وقد نجحت الصين في الحصول على 100% من أسهم شركة "لافيجاس" اليونانية للبترول في مصر بقيمة 700 مليون دولار، والتي تقوم بأعمال حفر وتنقيب في منطقتين بالصحراء الغربية ومنطقة أخرى بالصحراء الشرقية، كما تعد استثمارات شركة "هواوي" في مجال الاتصالات من أهم قطاعات الاستثمار، حيث قامت بفتح مكتبها الرئيسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مصر، وتوظف أكثر من 1000 عامل من مهندسين وفنيين مصريين، كما أنها تقوم بإعادة استثمار أرباحها في مصر، حيث قامت باستثمار حوالي 30 مليون دولار من أرباحها لبناء أبراج اتصالات.
وهناك العديد من شركات السيارات التي تستثمر في مصر لإنتاج سيارات مثل اسببرانزا وبريليانس وجيلي وغيرها، بالإضافة إلى الحافلات، والتي تقوم بتصدير منتجاتها إلى دول أفريقية وعربية، بالإضافة إلى السوق المحلية المصرية.
أما عن الصادرات المصرية إلى الصين، فتستورد الصين الرخام من مصر، حيث إن 70% من صادرات الرخام المصري يتم تصديرها إلى الصين، وأن ذلك يتم بعد إتمام عمليات استخراجها وتصنيعها، وأن الرخام المصري أصبحت له سمعة طيبة وكبيرة في الأسواق الصينية، كما أن عام 2014 شهد صادرات من الرخام المصري إلى الصين بحوالي 150 مليون دولار.
ويهتم الجانب الصيني أيضا بمجال الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر، خاصة توليد الطاقة من الفحم ومن الرياح والطاقة الشمسية، خاصة أن مصنع الألياف الزجاجية في العين السخنة بصدد دراسة إنتاج المواد الأولية المستخدمة في معدات توليد الكهرباء من الرياح لتصدير جزء منها إلى الخارج واستخدام بعضها محليا لتوليد الطاقة في عدد من المحطات التي تعمل بالرياح في مصر.
وجار التوقيع خلال الزيارة على عدد من الاتفاقيات في المجالات المختلفة مثل وثيقة الشراكة الاستراتيجية الشاملة، واتفاقية إطارية للتعاون في مجال الطاقة، واتفاقية إطارية للتعاون في مجال الفضاء، والبرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي بين مصر والصين للأعوام 2015-2017، واتفاقين لإقامة مشروعين أولهما لإنشاء محطة تحلية لمياه البحر والأخرى لإقامة محطة للطاقة الشمسية بقوة 50 ميجاوات، محضر أعمال اللجنة التجارية المشتركة، فضلا عن عدد من الاتفاقيات التجارية على مستوى القطاع الخاص.