قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ليس صدفة ولا عشوائية


ھذا العالم الذى نحيا فى أرجائه بكل ما فيه من موجودات وما يتعلق بها من أحداثٍ كونية، وما يحدث للإنسان فيه من رفعةٍ وسقوطٍ وسعادةٍ وشقاءٍ وقوةٍ وضعفٍ ونحو ذلك، كل ذلك لا يقع صدفة ولا بضربة حظ، ولا خبط عشواء، وإنما وفق سنن إلهية جارية فى كون الله لا تتخلف ولا تتعطل، كما فى الآيات التالية: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) القمر/ 49. (اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)) الرعد /8:9 . (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(38)) يس/ 38. (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ(5)) الحج/ 5.
وأودعَ الله فى الإنسان سُبل التعرف على ھذا القانون والانتفاع به (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78)) النحل/ 78.
وسنن الله الجارية فى كونه فى الأفراد والجماعات لا تتبدل ولا تتغير، قال تعالى: (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلا) فاطر/ 43.
وجعل الله التأمل فى جريان ھذه السنن مادة للعظة والاعتبار، قال تعالى: (قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ (138)) آل عمران/ 137:138.
وأخبر القرآن الكريم أن كل شىء بسبب؛ ومن ھنا اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى ربط المسببات بأسبابها. وبيًَن القرآن أسباب هلاكِ الأمم ورفعتها، وأسباب سعادة الفرد وشقائه، من ذلك قوله تعالى:( فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)) اللیل/ 5-10 .
فإن لله سنة فى الهداية وسنة فى الإضلال، فمن استجاب لله فقد اھتدى، ومن اتبع ھدى الله فلا يضل ولا يشق: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/ ٩٧.
فى مقابل أنه من يعرض عن ذكر الله فقد أخبر القرآن الكريم عنھ فى قوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (طھ / ١٢٤.
ولله سنة فى النصر وسنة فى الهزيمة، قال تعالى: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ(الصافات/ ١٧٣:١٧١. وقال تعالى: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) الروم/ 47 .
فمن أخذ بأسباب النصر نصره الله، فينبغى أن نكون مؤھلين للنصر عملاً بقوله تعالى: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ) الأنفال/ ٦٠ .
وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) الأنفال45-46 / ولله سنة فى الابتلاء، فالصبر والرضا باب النجاة، والجزع وعدم الرضا باب الخسران، ولله سنة فى الظلم والظالمين، فالله سبحانه وتعالى بيًّن أنه: (لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) الأنعام/21.
وأنَّ الظلم من أقوى أسباب هلاك الأمم وانهيار الحضارات، من ذلك الآيات الكريمة:
•(وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا) طھ/ ١١١.
•(فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) النمل / 52.
•(وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) البقرة /270.
فى مقابل أنَّ الله عز وجل ضمن الأمن لمن تنزه عن الظلم أفرادًا وجماعات، انظر إلى قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) الأنعام / 82.
ولله سنة فى الاختلاف، ولله سنة فى الترف والمترفين، قال تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) الإسراء / 16، فالترف مؤذن بانهيار الحضارات.
ولله سنة فى النعم، ولله سنة فى الذنوب والسيئات، ولله سنة فى الاستدراج، ولله سنة فى المكر والماكرين، ولله سنة فى الخلق وفى الرزق.
وھكذا سنن الله شاملة وسارية ونافذة، وليس الأمر صدفة ولا ضربة حظ عشوائية، ولكن من أراد شيئًا فينبغى أن يؤھل نفسه له بإتقان أسبابه، والله لا يضيع أجر من أحسنَ عملاً.
وما يعقلها إلاَّ العالمون.