بالصور .. كتاب "لبنان فتنة القصور" يكشف سر تخوف سعد الحريري من العودة لبيروت

لبنان فتنة القصور
كتاب يتجول فى الغرف المغلقة لزعماء لبنان ويرصد ما يدور بداخلها
ويجيب على السؤال لماذا يخشى سعد الحريرى الحريرى العودة إلى بيروت؟
تجربة صحفية طويلة ومثيرة عاشها الكاتب الصحفى ماهر مقلد فى لبنان على 3 سنوات ونصف العام حيث عمل مديرا لمكتب الأهرام قى لبنان من عام 2006 وحتى يناير 2010، وثقها فى كتابة" لبنان فتنة القصور" الصادر عن مركز الأهرام للنشر والذى يكشف فيه دهاليز السياسة فى لبنان ولعبة الأمم التى تتحكم بدرجة وآخري فى المشهد اللبنانى.
ويرصد فى الكتاب كيف يعيش لبنان البلد المثقل بعبء الطائفية ، والمحكوم دوما بعلبة التوازنات الإقليمية ؟ وينجح فى أن يتجاوز صعوباته آحيانا، وفى مرات كثيرة، تدور رحى الحرب الأهلية بعد أن يفشل السياسيين فى إيجاد الأرضية للتفاهم .
ويستهل المؤلف مقدمة كتابة بسرد معلومات ذات دلالة عن لبنان فيقول لبنان وطن يمثل حالة فريدة من نوعها على خريطة العالم، من حيث التنوع الطائفي، والنظام السياسي.
ويقول على مساحة 10452 كيلومتر مربع يعيش خمسة ملايين نسمة هم إجمالي عدد سكان لبنان، وينتشر في ربوع العالم ضعف هذا الرقم وفق أقل التقديرات، ينتمون إلى أكثر من 18 طائفة، وكل طائفة لها حقوق وتطالب بالمزيد دوما.
لبنان لا يتمتع بحدود جغرافية مشتركة مع 4 دول أو أكثر، فهو وطن له حدود فقط مع سوريا وأخرى مع فلسطين المحتلة لكنها موصدة على الدوام.
خاض حروباً مع إسرائيل وعانى ويلات الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من 16 سنة و 7 أشهر من 13 أبريل/ نيسان حتى 13 أكتوبر/ تشرين الأول 1990، وراح ضحيتها ما يزيد على 150 ألف قتيل، وأكثر من 20 ألف مفقود وتشرد مئات الآلاف.
دارت رحى الحرب الأهلية الدامية بعد حادثة "البوسطة" في عين الرمانة التي تُعرف أيضاً باسم حادثة عين الرمانة أو مجزرة عين الرمانة، والتي اعتبرت فيما بعد الشرارة المباشرة لاندلاع الحرب.
الروايات عديدة حول أسباب الحرب وحتى الآن وبعد مرور 40 عاماً تقريباً على بدايتها ما تزال الأسباب الحقيقية غير معروفة ،وهناك ثلاث روايات راجحة.
في أغسطس "آب " 1989 توصل النواب اللبنانيون في المملكة العربية السعودية إلى اتفاق الطائف الذي كان بداية لإنهاء الحرب الأهلية.
بعد عودة النواب اللبنانيين من مدينة الطائف تم انتخاب رينيه معوّض رئيسا للجمهورية، ولكن رفض الجنرال ميشال عون الاعتراف بمعوّض واتفاق الطائف.
وجرت عملية إرهابية قُتل فيها رينيه معوّض بعد انتخابه بـ 16 يوماً، وخلفه إلياس الهراوي. ومن جديد رفض عون الاعتراف به.
وتم قصف قصر بعبدا الذي كان يتحصن داخله عون، وهرب من القصر، ولجأ إلى السفارة الفرنسية، وتوجه بعد ذلك إلى منفاه في باريس.
انتهت الحرب اللبنانية الأهلية بهروب عون وتمكين حكومة إلياس الهراوي، وبإصدار البرلمان اللبناني في مارس 1991 قانون العفو عن كل الجرائم التي حصلت منذ 1975.
وفي شهر مايو/أيار تم حل جميع التنظيمات المسلحة باستثناء حزب الله، وبدأت عملية بناء الجيش اللبناني كجيش وطني غير طائفي.
وشكلت مأساة الحرب مادة خصبة للأدباء والكتاب ، وصدر الكثير من الأعمال الروائية عن خفايا هذه الحرب من الناحية الاجتماعية والسياسية، منها الجبل الصغير إلياس خوري. وبيروت. بيروت للروائي صنع الله إبراهيم ، وطواحين بيروت للكاتب توفيق يوسف عواد تلك الذكريات للكاتب إيميلي نصر الله ،ومراسلات الحب الأعمى للكاتب عبد الرحمن دلول ثم وسادة الحجر للكاتبة فيوليت طراد الخوري وكوابيس بيروت للكاتبة غادة السمان، والاعترافات للكاتب ربيع جابر.
وزع اتفاق الطائف السلطات بين الطوائف الكبرى بحيث يكون رئيس الجمهورية مارونياً ورئيس مجلس النواب من الطائفة الشيعية، ورئيس الحكومة من الطائفة السنية . هل تعلم لبنان من درس الحرب الأهلية المريرة وابتعد عن الفتنة بعد كل هذه السنوات؟
التجربة تقول إن شبح الانقسام يهدده في كل وقت، وخطر الحرب قائم، وما مر به لبنان منذ اغتيال رفيق الحريري في 14 فبراير/شباط 2005، وحتى الآن أكبر شاهد على ذلك. فالصراع الطائفي يشتعل في هذا البلد بشكل مخيف، والتدخلات الإقليمية الكبرى لا تتوقف .
وتخرج الفتنة من داخل قصور الزعامات ليشقى بها عامة الناس، كما لو كانت تلك القصور "مفارخ" لتأجيج الصراعات بين الطوائف.
ويتساءل الكتاب لماذا تحدث الخلافات العميقة فى كل مرة تجرى فيها انتخابات رئيس الجمهورية ويستمر القصر الجمهوري فى منطقة بعبدا شاغرا دون رئيس لشهور طويلة بسبب عدم التوافق على اسم الرئيس بين القوى السياسية .
يروى الكاتب تفاصيل السنوات الصعبة التى مر بها لبنان بعد الحرب الإسرائيلية عام 2006 وكيف كانت حالة العاصمة بيروت وخصوصا منطقة الضاحية الجنوبية التى كانت هدفا مباشرا لإسرائيل للانتقام من حزب الله ردا على عملية قتل الجنود الإسرائيليين التسعة وإسر جنديين منهم .
ويقول فى الكتاب :عشت في لبنان سنوات عاصرت فيها أحداثاً جساماً، وتابعت عن قرب كيف عجز اللبنانيون عن انتخاب رئيس للجمهورية طوال 182 يوما بعد أن دبت الخلافات بين القوى السياسية، وتلكأت الأطراف الخارجية التي تملك تأثيرا في المشهد اللبناني في رسائل التوجيه بالحل، وظل قصر الرئيس شاغراً، ولبنان بدون رئيس، حيث تم تأجيل جلسة البرلمان لانتخاب الرئيس 19 مرة، ولم تحل الأزمة وقتها إلا بعد انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان ليصبح الرئيس الثاني عشر في تاريخ لبنان، وشاهدت كيف دارت رحى الحرب فى شوارع بيروت ومناطق الجبل وطرابلس في شهر مايو/ أيار2008 بعد أن نفّذ حزب الله تهديده واجتاح بيروت العاصمة لأيام.
وتابعت بحسرة شديدة مسلسل الاغتيالات المرير للسياسيين والنواب والوزراء والعسكريين وضباط الشرطة، دون دليل على من يقف وراء هذه العمليات الإرهابية، التي جعلت شخصية في وزن وثراء وتأثير سعد الحريري يغادر لبنان ويقيم في المملكة العربية السعودية خشية الاغتيال طيلة ثلاثة أعوام متواصلة
الكتاب يقع فى 292 صفحة وهو يضم 7 فصول وفيه شهادات حية للسيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية السابق والذى قاد مبادرة الجامعة لحل النزاع الداخلى اللبنانى، لكن كما يكشف الكتاب اصطدمت مساعى موسى بالتعنت الداخلى وعدم رغبة الأطراف الإقليمية فى تسوية الأزمة .وتحركت قطر وزار وزير خارجيتها لبنان على راس وفد وزارى عربى وبحضورعمرو موسى ونجح فى إقناع الطراف بالحل بل واصطحب جميع القيادات معه إلى الدوحة على متن طائرتين قطريتين.