الخبير المصري محمد العريان:المؤتمر الاقتصادي فرصة لإصلاح التصور العالمي عن الاستثمار المصري

الأوضاع السيئة في المنطقة .. أبعدت الأنظار عن التحولات الإيجابية في مصر
الإصلاحات الأخيرة إيجابية.. والأرقام مشجعة
مصر تستفيد من دعم شركائها في المنطقة
ولابد من تضافر الجهود لتحقيق تنمية شاملة في البلاد
أكد الخبير الاقتصادي العالمي محمد العريان في مقال كتبه لوكالة "بلومبرج" الاقتصادية أنه في ظل الأخبار السيئة الواردة من الشرق الأوسط وتتصدر عناوين الصحف، كان من الطبيعي أن يغيب عن العالم التحول المستمر في الاقتصاد المصري.
وأكد العريان أن الحكومة المصرية تسعى لتصحيح هذا التصور من خلال دعوة مجموعة من كبار المسئولين ورجال الأعمال الدوليين من القطاعين العام والخاص إلى شرم الشيخ للمشاركة في مؤتمر التنمية الاقتصادية مصر، ابتداء من 13 مارس الجاري. وشدد على أن المناقشات ستسلط الضوء على الإحياء المستمر لواحدة من أكبر الاقتصادات في المنطقة.
وأكد الخبير العالمي المصري الأصل أن الأرقام مشجعة. فبعد الإصلاحات الأخيرة ، بدأ الاقتصاد في الانتعاش، وتسارع معدل النمو إلى أكثر من 5 % في النصف الأول من هذا العام المالي الذي انتهى في ديسمبر 2014. وأكد أن الاستثمارات المحلية والأجنبية تتعافى تدريجيا. أما السياحة فتعود ببطء مرة أخرى إلى نشاطها. ومن المتوقع أن ينخفض العجز في الميزانية إلى 10.5 % من الناتج المحلي الإجمالي في إطار الميزانية 2014/2015 - من 12.5 % في العام السابق - وإلى 8 % في 2016/2017.
وعلاوة على ذلك، فقد خفف خفض سعر العملة من الضغوط ، وسمح للبنك المركزي بخفض أسعار الفائدة. وساهم كل ذلك في تأكيد صندوق النقد الدولي مؤخرا أن "الإجراءات التي تتخذها مصر حتى الآن، إلى جانب بعض الانتعاش في الثقة، بدأت تؤتي ثمارها".
وبقدر أهمية هذه المؤشرات فإن آثارها تتضاءل أمام رد الفعل للسياسة الاقتصادية المصرية الشاملة، والهدف ليس فقط لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد بل هو أيضا لإطلاق إمكانات كبيرة غير مستغلة في البلاد، والتي على الرغم من الأصول المادية بشرية كبيرة في مصر، إلا أنها لم تنجح في استخدامها بسبب العوامل السياسية والجمود البيروقراطي من توفير الازدهار للأجيال الماضية والحالية من المصريين التي تستحقه وتتوقعه الآن.
وتحقيقا لهذه الغاية، فلابد من دعم الإجراءات الفورية لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد من خلال ثلاث ركائز يعزز بعضها بعضا لتحقيق الإصلاح الاقتصادي الدائم:
1-تعزيز النمو الفعلي والمحتمل وخلق فرص العمل، بما في ذلك قانون الاستثمار الجديد للحد من أوجه القصور، وزيادة حماية المستثمر وتوفير حوافز المستهدفة؛ وإصلاح الدعم لتحسين استهداف الدعم للشرائح الأكثر ضعفا في المجتمع.
2-تشجيع البرامج التي تركز على القطاعات المختلفة من خلال التأكيد على المجالات الاقتصادية والاجتماعية الحيوية مثل التعليم والصحة والإسكان والطاقة والبنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
3-خلق إطار الاقتصاد الكلي التي تستهدف بمصداقية عالية النمو المستدام الشامل، الذي يتم تقاسمها على نطاق واسع من قبل السكان الفوائد، مع التركيز بصفة خاصة على حماية الفئات الأكثر ضعفا.
وأكد أن مثل هذا النهج الشامل للسياسات أمر بالغ الأهمية على المدى الطويل لتحقيق الرفاه الاقتصادي لمصر. كما أنه ضروري (وإن لم يكن كافيا) لتحسين الأوضاع في البلد بشكل عام، من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية.
هذه المرة، مصر تستفيد أيضا من دعم كبير من شركائها، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت.
السلطات المصرية ليست وحدها في جهودها الرامية إلى إصلاح السياسة الاقتصادية لضمان تحقيق نتائج متفوقة. أنها ليست الوحيدة التي اعترفت بأن النجاح يعني فعل الأشياء بشكل أفضل ومختلف. وليسوا وحدهم الذين يسعون التركيز على إشراك الشباب، وهو عنصر في غاية الأهمية من أي نهج شامل للإصلاح، وضرورة قصوى (وخاصة في أعقاب ثورة 2011).
الجهات المانحة أيضا تتكيف نهجها. دولة الإمارات العربية المتحدة، على وجه الخصوص، وقد تبنت نهجا مبتكرا على أرض الواقع في كل من المناطق الحضرية والريفية. هذا النموذج يكمل المساعدة المالية والتقنية بمشاركة وثيقة مع الحكومة والشركات المصرية في مشروعات بناء المنازل والعيادات الصحية، وإنشاء المدارس، وتوفير وسائل النقل العام، وتحسين خدمات الصرف الصحي وبناء الطرق.
ونظرا لهذه التطورات الواعدة، هناك ما لا يقل عن أربعة تحولات ستكون حاسمة بالنسبة لنجاح مصر في بناء اقتصاد أكثر ازدهارا:
1-تحسين تنفيذ السياسات لضمان تنفيذ البرامج بشكل يتواءم مع التطورات في الاقتصاد العالمي المضطرب على نحو متزايد.
2-انتقال التنمية الاقتصادية بعيدا عن الاعتماد فقط على النمو الذي تقوده الدولة إلى نموذج أكثر شمولية التي تكمل المشاريع الوطنية الهامة مع الشراكات بين القطاعين العام والخاص وأنشطة القطاع الخاص (الصغيرة بشكل خاص والمتوسطة الحجم والشركات المبتدئة).
3-إعادة هيكلة المؤسسات المحلية لضمان أن تكون أكثر شفافية وكفاءة ومساءلة وشامل، والتأكد من التزامها بتلبية احتياجات الناس كافة، وليس قلة محظوظة.
4-توسيع نطاق الدعم الخارجي للإصلاحات داخل مصر من عدد قليل من الشركاء لمجموعة واسعة من الجهات المانحة (بما في ذلك المؤسسات الإقليمية والمتعددة الأطراف).
هذه التحولات هي الحاسمة إذا كانت مصر قادرة على التغلب على عقود من ضعف الأداء الاقتصادي المزمن، والحد من التعرض المفرط لتقلبات الاقتصاد العالمي المضطرب على نحو متزايد، وتلبية التطلعات المشروعة للثورة يناير عام 2011.
التأكد من أنها تحدث بنجاح، في وقت واحد، سوف يتطلب مزيجا من التنفيذ المحلي دقيق والدعم الخارجي في الوقت المناسب.
إن الفوائد المترتبة على التحول الاقتصادي المصري الناجح سيكون له تأثيرات ملحوظة التي تمتد إلى ما وراء حدود البلاد.إن مصر قوية هي جزء لا يتجزأ من شرق أوسط أكثر أمنا واستقرارا.