التصنيف الائتماني لبريطانيا يواجه العديد من المخاطر حال خرجت لندن من الاتحاد الأوروبي

تزايدت التحذيرات من المخاطر الاقتصادية التي قد تتعرض لها المملكة المتحدة في حالة التصويت نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي، بعد انضمام مؤسسات التصنيف الائتماني لقائمة منتقدي خطط حزب المحافظين لإجراء استفتاء على عضوية البلاد في التكتل الأوروبي بنهاية عام 2017.
وكشف بنك انجلترا الأسبوع الماضي أنه يدرس حاليا المخاطر الاقتصادية التي قد تنجم عن الخروج المحتمل لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وأكد محللون اقتصاديون أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمكن أن يؤدي إلى تدمير موقف لندن بوصفها المركز المالي الوحيد المنافس لمدينة نيويورك، وهو ما يدفع نحو عزل الاقتصاد البريطاني، مما يجعلها أقل جاذبية للمستثمرين.
وحذرت إحدى أكبر مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية من أن التصويت على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي قد يوجه ضربة قوية للاقتصاد من خلال إجبار البنوك التي لها عمليات كبيرة في المملكة المتحدة أن تفكر في الانتقال إلى مكان آخر.
وذكرت مؤسسة "ستاندارد أند بورز"، وهي إحدى أكبر ثلاث مؤسسات للتصنيف الائتماني، أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يضر الفائض التجاري للبلاد في مجال الخدمات المالية، وهو ما يعادل أكثر من 3% ناتجها الاقتصادي السنوي، مما يمثل خسائر حادة للأرباح لبريطانيا إذا تركت الاتحاد الأوروبي.
وأوضحت مؤسسة التصنيف الائتماني أن ما يقرب من ثلث الاستثمارات الأجنبية تأتي من البنوك الأجنبية والشركات المالية الأخرى، نصفهم مقرضين ومؤسسات موجودة في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، مشيرة إلى أنه سيتعين عليهم الانتقال إلى دول أخرى، وهذا يمكن أن يؤدي إلى انسحاب الشركات مع التي تجد صعوبة في اتخاذ بريطانيا قاعدة لإدارة عملياتها الأوروبية.
وطبقا للمؤسسة الدولية فإنه يمكن تعريض خمس الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة للخطر من خلال هذا الانسحاب، ورغم أن مدينة لندن ستظل قوة اقتصادية عالمية، فإن هناك احتمالات أن تتضاءل قوتها.
وتوجد في العاصمة البريطانية العديد من المؤسسات المصرفية الرائدة عالميا، ومع ذلك فإن مكانة لندن كمركز مالي عالمي يعتمد إلى حد كبير على قدرة البنوك الأجنبية، بما في ذلك تلك التي توجد مقرها في دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، لاستخدامها كقاعدة يمكن من خلالها إدارة عمليات التداول في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
وقال المحلل الاقتصادي في مؤسسة "ستاندارد اند بورز" فرانك جيل "إذا فقدت البنوك ميزة حق المرور أو قلة قدرتها على الوصول إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك سيدفع العديد منها لنقل أجزاء من عملياتها أو مغادرة بريطانيا تماما لدولة في منطقة اليورو".
وأضاف "مدى تأثير ذلك سيعتمد على ترتيبات التجارة الحرة التي ستتوصل لها الحكومة البريطانية مع شركائها الأوروبيين في حالة الخروج".
وكانت مجموعة من المصارف الكبرى، ومن بينها جولدمان ساكس وسيتي و"جي بي مورجان"، قد حذرت من أن خروج بريطانيا
يمكن أن يضر موقف لندن.
يذكر أن مؤسسة "ستاندارد اند بورز" هي مؤسسة التصنيف الائتماني الوحيدة بين المؤسسات الثلاث الكبرى التي منحت الأسبوع الماضي المملكة المتحدة أعلى تصنيف لها "ايه ايه ايه"، حيث يحذر محللوها بأنهم سيخفضون من نظرتهم للاقتصاد من مستقر إلى سلبي بالنظر إلى الخطورة التي يمثلها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
كما حذرت مؤسسة "مووديز" للتصنيف الائتماني هذا الأسبوع بشأن المخاطر التي قد يتعرض لها الاقتصاد البريطاني من مغادرة التكتل الأوروبي.
وقللت المؤسسة بالفعل تصنيفها لبريطانيا في عام 2013، قائلا إن الشكوك التي يفرضها الاستفتاء وما يتبعه يخلق مناخا من الضبابية على نمو الاقتصاد البريطاني.
وسبق لرئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أن تعهد بإعادة تقييم علاقات بلاده مع الاتحاد الأوروبي قبل طرح موضوع البقاء أو المغادرة في استفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد ينتظر أن ينظم في عام 2017.
يأتي ذلك في الوقت الذي ادعت فيه مجموعة من رجال الأعمال في تقرير لها أمس الثلاثاء بأن الوضع المالي للأسر البريطانية سيكون أفضل إذا خرجت بريطانيا من اتحاد أوروبي لم يتم إصلاحه.
وأوضح تقرير مجموعة "أعمال تجارية من أجل بريطانيا" أن ميزانية الأسر البريطانية ستصبح أفضل حالا بنحو ألف جنيه استرليني سنويا خارج الاتحاد الأوروبي إذا لم يتم إصلاحه، مشيرة إلى أن البلاد في وضع مثالي حاليا للتفاوض على شروط عضويتها في الاتحاد الأوروبي.
ويدفع رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، تجاه إصلاح مجموعة من البنود تصب في صالح المملكة المتحدة، وخاصة حرية حركة مواطني الاتحاد الأوروبي ومنعهم من الحصول على إعانات اجتماعية في بريطانيا لمدة أربع سنوات من تاريخ وصولهم، قبل الاستفتاء المزمع على عضوية البلاد في الاتحاد الأوروبي في عام 2017.