قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

زيارة أولاند للمغرب...انطلاقة جديدة نحو تعميق العلاقات الفرنسية المغربية


يبدأ الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند اليوم السبت زيارة للمغرب، تستمر لمدة يومين، يلتقي خلالها العاهل المغربي الملك محمد السادس لبحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك على رأسها التعاون الأمني بين البلدين ومكافحة الإرهاب وتطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والساحل، والتنمية الاقتصادية وأزمة المهاجرين، فضلا عن الإعداد للرئاسة الفرنسية للمؤتمر الدولي للمناخ في دورته الـ21 والرئاسة المغربية للدورة 22 من المؤتمر ذاته.
ويرافق الرئيس أولاند في هذه الزيارة كل من وزير الخارجية لوران فابيوس ووزيرة البيئة سيغولين رويال، ووزيرتين من أصل مغربي هما وزيرة العمل مريم الخمري وهي من طنجة، ووزيرة التربية نجاة بلو بلقاسم.
وتعتبر هذه الزيارة هي الثانية من نوعها للرئيس أولاند منذ وصوله إلى الإليزيه في عام 2012 حيث قام بزيارة المغرب لأول مرة كرئيس في أبريل 2013 ألقى خلالها خطابا أمام مجلس النواب المغربي وقام بزيارة الرباط والدار البيضاء غير أنه اختار هذه المرة أن يزور مدينة طنجة الواقعة شمال البلاد نظراً للأهمية التي تحظى بها هذه المدينة.
فإلى جانب اعتبارها "بوابة لأوروبا"، تحتل طنجة مكانة اقتصادية بارزة على الساحة المغربية حيث أنها تحتضن عدد من المشروعات الاقتصادية التي تم إنجازها أو جاري إنجازها بشراكة مع مؤسسات اقتصادية فرنسية، على رأسها القطار فائق السرعة، الذي سيربط بين كل من مدينتي طنجة والدار البيضاء وهو من أبرز المشروعات الاقتصادية التي أطلقها المغرب خلال السنوات الأخيرة من أجل تحسين البنية التحتية.
وتأتي هذه الزيارة في إطار التحسن الملحوظ الذي تشهده العلاقات المغربية الفرنسية منذ مطلع العام الجاري بعد توتر خيم على علاقات البلدين طوال عام 2014 وبالأخص منذ قرار القضاء الفرنسي إرسال قوات شرطة لاستدعاء السفير المغربي في باريس للاستماع إلى أقوال رئيس الاستخبارات المغربية "عبد اللطيف الحموشي" بعد أن اتهمته منظمات حقوقية فرنسية بالمشاركة في عمليات التعذيب على مغاربة تم احتجازهم بالسجون، مما جعل الرباط تستدعي السفير الفرنسي لديها احتجاجا على هذا القرار.
ومنذ ذلك الحين شهدت علاقات البلدين توترا ملحوظا وتسبب ذلك في وقوع أزمة دبلوماسية أدت إلى تجميد التعاون القضائي والأمني بين فرنسا والمغرب في 20 فبراير 2014.
وارتفعت وتيرة الخلاف بين باريس والرباط وهو ما كان له أثراً سلبياً واضحاً على مسار القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك لدى الطرفين، ففيما يخص ملف الإرهاب مثلا، عمدت باريس إلى تهميش المغرب في المؤتمرات الدولية التي احتضنتها حول محاربة داعش، رغم أن الخطاب الدبلوماسي المغربي يقوم من ضمن عناصره الجديدة على مساهمة المغرب في محاربة الإرهاب دوليا، كما تم استبعاد المغرب من المشاركة في مفاوضات السلام في مالي العام الماضي.
غير أنه مع بداية العام الجاري ظهر في الأفق بوادر لعودة الدفء من جديد إلى العلاقات المغربية الفرنسية خاصة بعد الزيارة التي قام بها وزير العدل المغربي مصطفي الرميد إلى فرنسا في 29 يناير الماضي والتي أكد خلالها عقب اللقاء الذي جمعه بوزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا أن "البلدين أحرزا بعض التقدم في المشاورات ويسيران على الطريق السليم".
جاءت هذه الزيارة كتمهيد لزيارة العاهل المغربي محمد السادس لباريس في فبراير الماضي والتي التقى فيها بالرئيس أولاند وتم خلالها التوقيع على اتفاق جديد للتعاون القضائي بين البلدين في الإليزيه، وخلال الزيارة أكد كل من العاهل المغربي والرئيس الفرنسي تصميم بلديهما على "مكافحة الإرهاب معا والتعاون التام في مجال الأمن" مما أعطى انطباعا ببدء صفحة جديدة في علاقات البلدين.
بعدها عُقدت العديد من اللقاءات رفيعة المستوى مثل زيارة وزير الداخلية الفرنسي "برنار كازنوف" للمغرب، والتي اعتبرت الزيارة الأولى لمسئول حكومي فرنسي بعد المصالحة بين العاصمتين، كما قام رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس بزيارة إلى الرباط في أبريل الماضي، وأعقبتها زيارة في مايو لرئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران و12 من وزرائه إلى باريس في إطار الدورة 12 للقاء مغربي فرنسي رفيع المستوى هو الأول منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية التي عرقلت علاقات البلدين لنحو عام.
ويتوقع المراقبون أن تفتح زيارة أولاند إلى المغرب عهدا جديدا في العلاقات الثنائية بين البلدين خلال السنوات المقبلة خاصة أن باريس والرباط تواجهان مشاكل أمنية مماثلة، الأمر الذي يتطلب تكثيف التعاون الاستخباراتي والتعبئة وتبادل المعلومات بين أجهزة الأمن التابعة للبلدين تجنبا لوقوع أي عمليات إرهابية جديدة.
وترتبط فرنسا والمغرب بعلاقات قوية على مختلف الأصعدة، فاقتصاديا تعتبر فرنسا الشريك التجاري الأول للمملكة المغربية، ومن أشهر القطاعات التي تشهد شراكة بين الطرفين قطاع السيارات مثل "رينو" و"سيتروين" وقطاع الصناعات الغذائية وصناعة الطيران.
كما تعد فرنسا المستثمر الأجنبي الأول في المغرب حيث تمثل الاستثمارات الفرنسية أكثر من نصف رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المملكة والذي يوجد به أيضاً حوالي 750 فرعاً لشركات فرنسية تضمن أكثر من 120 ألف وظيفة.
وتتعدد الاستثمارات الفرنسية بالمغرب في مختلف الأنشطة حيث تظهر حيوية وكفاءة فروع الشركات الفرنسية في العديد من القطاعات التي تخدم السوق المحلي المغربي مثل الصناعات الغذائية، وصناعة الأدوية، وقطاع البنوك والتأمين والبيئة والاتصالات ومواد البناء، إضافة إلى قطاع البناء والأشغال العمومية والتوزيع.
أما على المستوى الثقافي ترتبط فرنسا بعلاقات وثيقة مع المغرب خاصة وأن عنصر اللغة يساعد في تذليل العقبات في هذا المجال، وتحتضن فرنسا أكثر من 800 ألف مغربي، وتستقبل جامعاتها 61 % من إجمالي الطلبة المغاربة الراغبين في استكمال دراستهم في الخارج والذي يصل عددهم إلى 300 ألف طالب، وهو أكبر عدد بين الطلبة الأجانب.
وفي المقابل، توجد في المملكة 30 مدرسة فرنسية، نصف مجموع تلاميذها البالغ عددهم 300 ألف مغاربة.
وهناك نحو 60 ألف شاب يتعلمون اللغة الفرنسية في المؤسسات التابعة للمعهد الثقافي الفرنسي بالمغرب، حيث ساعدت هذه اللغة المتبادلة على تعزيز التعاون الثقافي بين البلدين بشكل غير مسبوق، ويحرص المعهد دائماً على المشاركة في العديد من الفعاليات وتسجيل حضوره في الكثير من الأحداث المهمة على الساحة المغربية.
وتعد فرنسا في مقدمة الدول التي تعرف أكبر حجم لتحويلات المغاربة المقيمين في الخارج، وأول مصدر على مستوى دخول السياحة حيث تمول فرنسا المغرب بنحو 40 %من عائدات السياحة.
ويتراوح عدد الفرنسيين المقيمين في المغرب بين 70 و80 ألف فرنسي، 40 % منهم يحملون الجنسيتين المغربية والفرنسية. وهناك أيضا ما بين 20 ألفاً و30 ألف سائح فرنسي يتوافدون يوميا على المغرب، حيث يتصدر الفرنسيون قائمة السياح الوافدين سنويا إلى المملكة.
كما يتقدم المغرب بوضوح قائمة الدول التي يتوجه إليها بانتظام الفاعلون السياسيون الفرنسيون على اختلاف توجهاتهم وأحزابهم وتناقض أيديولوجياتهم.