قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

جدل فرنسي حول مقترح إسقاط الجنسية عن جميع المدانين بالإرهاب


تشهد الساحة السياسية الفرنسية جدلا واسعا ما بين مؤيد و معارض لمقترح اسقاط الجنسية بلا استثناء عن كل الفرنسيين المدانين بشكل قاطع بالارهاب و ليس فقط عن مزدوجي الجنسية كما يطالب مشروع تعديل الدستور الذي سيبدأ البرلمان في مناقشته اعتبارا من فبراير المقبل.
ويمثل مقترح تعميم هذه العقوبة تتطورا جديدا لهذه القضية الحساسة التي تشغل الرأي العام في فرنسا منذ اعلان الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند عقب اعتداءات 13 نوفمبر التي خلفت 130 قتيلا اعتزام الحكومة رفع مشروع تعديل دستوري الى البرلمان لإدراج اسقاط الجنسية في الدستور مع توسيع نطاق هذه العقوبة لتشمل كذلك المولودين في فرنسا.
وبعد ان اثار مقترح سحب الجنسية -عن مزدوجي الجنسية المدانين بالارهاب - انتقادات واسعة واستياء شديدا في مختلف الأوساط، لاسيما من قبل النواب و السياسيين و الحقوقيين الذين أعربوا عن قلقهم من المساس بالحريات وبمباديء المساواة بين جميع الفرنسيين و التي يكفلها الدستور الفرنسي ، طالبت شخصيات من احزاب اليسار و اليمين بتطبيق هذه العقوبة على كل الفرنسيين تجنبا لحدوث انقسام في الاجتماع و اثارة شعور عند مزدوجي الجنسية الذين يمثلون نحو 5%من الشعب الفرنسي بأنهم صاروا مواطنين من الدرجة الثانية. وقد كان اول من عبر عن شعورهم بالظلم هم المسلمون الفرنسيون الذين توقعوا ان يكونوا اول المتضررين من هذا المقترح بما ان أصابع الاتهام تشير اليهم دائماً.
وقد طالب البعض بإيجاد مخرج لالتزامات فرنسا الدولية التي تمنعها من التسبب في حالات انعدام الجنسية من اجل إعلاء مبدأ المساواة في العقوبة و هي تجريد الارهابي من جنسيته الفرنسية حتى و إن كان ذلك سيحوله الى فئة "عديمي الجنسية".
وانتقدت إليزابيت جيجو رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الفرنسي تطبيق العقوبة على مزدوجي الجنسية فقط، و شددت على ضرورة مراجعة هذا الامر لاسيما في ضوء ردود افعال المواطنين الفرنسيين خاصة من المسلمين .
وأكدت على أن الشعور بالظلم حاضر و لا يمكن تجاهله و من الممكن أن يثير انقسامات بين الفرنسيين.
وذكرت بان القانون الفرنسي ينص بالفعل على هذه العقوبة و يتيح اسقاط الجنسية عن الأشخاص المدانين بالارهاب و الذين اكتسبوا الجنسية الفرنسية اثناء إقامتهم بفرنسا و لم يمض عليهم 15 عاما.
وأعربت عن تأييدها لمقترح سقاط الجنسية بلا استثناء، حيث كشفت وزيرة العدل الأسبق أن هناك مخرجا يتيح التعامل مع الأشخاص المعدودين الذين سيتحولون الى عديمي الجنسية، و هو وضع يمنحه المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين و عديمي الجنسية و يجيز لهؤلاء العمل بشروط محددة مع وضعهم تحت المراقبة الوثيقة.
و من جانبه، أعتبر الامين العام للحزب الاشتراكي جون كريستوف كومبادليس ان مشروع التعديل الدستوري في صيغته الحالية لا يعبر عن قيم اليسار، معربا عن تأييده لاسقاط الجنسية عن الأشخاص المدانين في قضايا الاٍرهاب بشرط تطبيقها على جميع الفرنسيين. و قال ان محاربة الاٍرهاب تتطلب وحدة الصف بين جميع الفرنسيين، مما يتطلب عدم التمييز بينهم، مستبعدا في الوقت ذاته التسبب في حالات انعدام جنسية.
وكذلك أيد برونو لورو رئيس الكتلة الاشتراكية بالجمعية الوطنية الفرنسية مقترح تعميم هذه العقوبة على كل الفرنسيين المدانين بشكل قاطع بالارهاب . ودعا الى إعداد نص قانون لا يحمل طابعا تمييزيا ضد مزدوجي الجنسية و متوافق مع التزامات فرنسا الدولية بشأن حالات انعدام الجنسية.
واعتبر ان سحب الجنسية الفرنسية من المدانين بالارهاب لا يشكل عائقا، و تابع قائلا:" لسنا بصدد قضية دولية ينتج عنها الآلاف من حالات انعدام الجنسية بل الامر يخص أعداد قليلة من الارهابيين سيتم معاقبتهم."
و في احزاب اليمين، عبر كزافييه برتران القيادي بحزب اليمين الوسط " الجمهوريون" عن دعمه لاسقاط الجنسية من جميع الفرنسيين المدانين و شدد "على ضرورة قطع أي صلة بين هؤلاء الارهابيين و أمتنا".
كما اعتبرت نتالي كوسيسكو موريزيه بحزب" الجمهوريون" (يمين وسط) ان اسقاط الجنسية يجب ان يشمل جميع المواطنين المدانين بالارهاب حتى و ان كان سيسفر عن جعل اشخاص بلا جنسية و ذلك لتجنب التمييز بين المواطنين، و اضافت ان مسألة اعفاء الارهابي من هذه العقوبة لكونه يحمل جنسية واحدة امر غير مقبول.
و في المقابل، استبعد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس مقترح تعميم عقوبة نزع الجنسية في قضايا الاٍرهاب على كل الفرنسيين بلا استثناء، مؤكدا ان باريس لا يمكنها التسبب في حالات انعدام الجنسية لتعارض ذلك مع صورة و قيم و التزامات فرنسا الاوربية والدولية.
وشدد على ان الحكومة لن تتراجع عن التعديل الدستوري الذي يرمي الى اسقاط الجنسية الفرنسية من مزدوجي الجنسية فقط المدانين في قضايا الاٍرهاب مع توسيع نطاق تنفيذه ليشمل المولودين في فرنسا.و توقع فالس ان يعتمد البرلمان بأغلبية واسعة التعديل الدستوري بصيغته الحالية.
واعتبر انه اذا نتج عن تطبيق هذا القانون فئتين من الفرنسيين فسيكون حفنة من الإرهابيين في جانب بينما الجانب الاخر سيضم الأغلبية العظمى من الفرنسيين الذين يشعرون بأنهم مهاجمون"، مشيرا الى التأييد الواسع من الشعب الفرنسي لهذا القرار بحسب استطلاعات الرأي الاخيرة.
وشدد على ان سحب الجنسية لا يمس "بحق الارض" (اي اكتساب الجنسية بموجب المولد في البلد) أو بازدواج الجنسية و لكنها تستهدف حصرا الإرهابيين المدانين بالارهاب و اختاروا مهاجمة مواطنيهم الفرنسيين.
و قد دعم زعيم حزب "الجمهوريون" نيكولا ساركوزي مقترح الحكومة بسحب الجنسية من مزدوجي الجنسية المدانين بالارهاب، مشترطا في الوقت ذاته ان يكون مصحوبا بإجراءات أخرى، وكذلك أيده شخصيات بارزة مثل زعيم حزب "مودم" الوسطي فرانسوا بايرو و من جون كريستوف لاجارد رئيس حزب اتحاد الديمقراطيين المستقلين (يمين وسط) و بريس هورتوفو القيادي بحزب "الجمهوريون " بالاضافة الى نواب اليمين المتطرف الذين يطالبون فضلا عن ذلك بإلغاء الجنسية المزدوجة.
ووسط حالة الجدل الحالية، خرجت أصوات بمقترح ثالث بعيد عن فكرة إسقاط الجنسية ، حيث رأت أن هناك حل أخر يتساوي فيه جميع الفرنسيون و يراعي الاتفاقات و المعاهدات الدولية التي وقعت عليها فرنسا و هو تطبيق عقوبة "عدم الاهلية الوطنية" و التي تنص على حرمان الشخص من جميع الحقوق الأهلية والمدنية والسياسية مع احتفاظه بالجنسية الفرنسية.
وقال النائب الاشتراكي بنوا هامون:" اقترح على الحكومة بدلا من تطبيق اسقاط الجنسية على الفرنسيين الذين يحملون جنسية أخرى ان تفكر في عقوبة عدم الأهلية الوطنية التي تحرم من الحقوق العائلية و المدنية مع مصادرة جواز السفر و ذلك بحق أي شخص يكون قد حمل السلاح ضد وطنه بغض النظر عن جنسية والديه".
واكد ان تطبيق هذه الفكرة سيسمح من ناحية لفرنسا بعدم الاخلال بالتزاماتها و من ناحية أخرى سيحول دون التقسيم الرمزي للفرنسيين المولودين في فرنسا الى فئة من أب و ام فرنسيين و فئة ثانية من أب و ام اجانب.
ويحظى اقتراح تطبيق عقوبة "عدم الأهلية الوطنية" على جميع الفرنسيين المدانين بالارهاب بترحيب واسع من مسؤولين أخرين بارزين في الحزب الاشتراكي الحاكم و من بينهم عمدة باريس آن هيدالجو و جون بيير مينيار، المقرب من الرئيس فرانسوا اولاند، حيث نشرا مقالة مشتركة في صحيفة "لوموند" تحت عنوان " لا لاسقاط الجنسية و نعم لعدم الأهلية الوطنية".