الطلاق الصامت .. «منفصلين تحت سقف بيت واحد»

تعاني بعض البيوت المصرية من مشكلة «الإنفصال تحت سقف واحد» والذي يلجأ إليه بعض الأزواج لعدم تأثير وتداعيات الطلاق على نفسية الأطفال، حيث تبتعد المسافة بين الزوجين وتتلاشي ملامح الشراكة فى علاقتهما ويصبح كل منهما مستقلا بحياته ولكن فى بيت واحد.
نهاية للمشاعر
الدكتورة إيمان دويدار استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية تؤكد لـ «صدي البلد» .. أن الإنفصال الصامت أو العاطفي بين الزوجين هو نهاية للمشاعر العاطفية فى الحياة الزوجية، وتلك المشكلة واقع موجود فى حياتنا بكثرة حيث يغيب التفاهم ولغة الحوار والحب بين الزوجين وتتسع الفجوة بسبب كثرة المشكلات والتنافر الروحي والنفسي بين الشريكين.
العناد بين الزوجين
وأشارت استشاري الصحة النفسية إلى أن ذلك يعود إلى أسباب كثيرة أبرزها عدم استطاعة الزوجين حل مشاكلهما الحياتية وتجميد المناقشة والمصارحة فيما بينهما، وإختلاف الطباع والرغبات والإهتمامات المشتركة بين الزوجين، والبيئة الاجتماعية التي ينشأ فيها الزوج أو الزوجة، وتراكم المشكلات وعدم حلها والعناد بين الزوجين فذلك يؤدي إلى تدمير العلاقة بين الطرفين.
حفاظا على الأطفال
وأضافت هناك الكثير من الأزواج والزوجات يتقبلون هذا الوضع المؤسف حفاظا على الأطفال وخوفا عليهم من التفكك الأسري ونظرة المجتمع تجاه المرأة المطلقة وعدم وجود دخل مادي لها تستطيع أن تتكفل بأبنائها كل ذلك يجعل الزوجة تستسلم لتلك الحياة الصعبة.
انحرافات نفسية
واشارت إلى أن تأثير الإنفصال الصامت على الأطفال متفاقم فقد اثبتت الأبحاث أن معظم الأطفال الذين يعانون مشاكل نفسية جاءوا من منازل مفككة أسريا، وتكثير فيها المشكلات الزوجية، وجميع الانحرافات النفسية لدي الأطفال تقع تبعيتها على البيئة العائلية والإجتماعية التي يتربي فيها الأطفال.
انعدام الثقة
فالطفل عادة يكون حائرا بين الأب والأم وفى بعض الأحيان يتعلم الطفل استخدام أحد الأبوين ضد الآخر، أو يهمل أحد الأبوين الطفل فيجعله يشعر أنه غير محبوب، وكل ذلك يؤدي إلى اضطرابات سلوكية متنوعة عند الأطفال كالسرقة أو التراجع الدراسي أو السلوك العدواني، وكذلك يقلل من ثقة الطفل فى نفسه طوال حياته، وأيضا تكاد تكون ثقته معدومة فيمن يتصل بهم فى الحياة.
الوحدة ومشكلة الفتيات
وأضافت استشاري الصحة النفسية أن الأطفال من سن عامين وحتي 5 سنوات فإن الإنفصال المنزلي بين الزوجين يسبب لهم تقيؤا بشكل مستمر وهو عامل نفسي بسبب المشاكل والمشاجرات بين الأبوين، أما الأطفال من سن 9 إلى 12 عاما فيشعرون بالوحدة وعدم الاهتمام خصوصا الفتيات، وربما يتطور الأمر إلى مشاكل نفسية أكبر تؤثر فى الطفل مدي حياته، بسبب كره لتلك الحياة وكثرة المشاكل والقطيعة بين والديه.
أحلام اليقظة
أما فى مرحلة المراهقة فيحدث لدي الأبناء ما يسمي بأحلام اليقظة، ويتمني خلالها أب وأم غير والديه ويعيش الأبناء حياة غير حياتهم وهم مستيقظون، وللفتيات فالأمر ربما يكون أكثر اضطرابا فربما تلجأ للإنسان غير الآمن والبحث عن الحنان والعاطفة التي تفتقدها والهروب من المنزل الذي تحول إلى جحيم بسبب المشاكل وانفصال الوالدين فى بيت واحد، كذلك تؤدي تلك الحالة بين الزوجين إلى شعور الأبناء بالسلبية والبرود العاطفي فى المنزل وتنعكس عليهم كثرة المشكلات والخلافات ويصيبهم بالاضطرابات السلوكية مثل الكذب والعدوانية والعنف والوحدة والإنطواء.
ونصحت استشاري الصحة النفسية الزوج بأن يراجع نفسه ويحاسب ضميره ويعامل زوجته بالحسني كما أوصانا الرسول صلي الله عليه وسلم، وبالمقابل على الزوجة أن تراعي بيتها وزوجها وتعينه على أداء واجباته ولها فى ذلك أجر كبير.
عودة الروح والدفء
وأضافت أنه رغم كل تلك المشكلات يمكن إعادة الروح والدفء إلى الحياة الزوجية وانقاذ العلاقة الأسرية وعودتها لطبيعتها بعد حالة الفتور بين الزوجين بعدة وسائل على الطرفين الإلتزام بها، بان يشعر كل طرف شريكه بالحب والإنتماء والصحبة والمساندة، ومحاولة كل منهما حل المشكلات والإختلافات فى جو من التفاهم والمصارحة والتعامل بمرونة وموضوعية مع المشكلات وتبادل الأراء فيما بينهما مع تقديم التنازلات من كل طرف.
الاحترام المتبادل
وأن يحافظ الزوجان على الإحترام المتبادل والإفصاح عن مشاعر الحب فيما بينهما وإطراء الآخر بالكلمات الرومانسية بشكل دائم والتشجيع المستمر لبعضهما البعض من أجل التفاعل الإيجابي فى علاقتهما ومشاركتهما الفاعلة فى تحمل الحياة معا والمعاشرة الحسنة.
التفاهم والمصارحة
وقالت دويدار إنه يمكن لأي من الزوجين أن يطلب المشورة والنصيحة الأسرية والزوجية من مراكز متخصصة لتحسين العلاقة بين الزوجين وتقليل الصراع بينهما وتأكيد الروابط الوجدانية بينهما . فلا تخلو حياة زوجية أو بيت من الاختلافات ولكنها تتحول بالتفاهم والمصارحة إلى دعم للتوافق الزوجي وبقدر نجاح الزوجين فى تحقيق هذه المهمة يكون توافقهما الزوجي، فالحياة الزوجية تتطلب الأخذ والعطاء والتعاون المتبادل عند ممارسة الحقوق والمسئوليات ووجود الاحترام والتقدير من أهم أسس النجاح بين الشريكين فى الحياة الزوجية.
تبادل الهدايا
كما نصحت استشاري الصحة النفسية فى هذه الحالة بالإهتمام بتفاصيل الحياة الزوجية وتبادل الهدايا وكلمات الحب لإذابة الجليد بين الزوجين وتبقي المشاكل ملح الحياة بين الزوجين، والمرأة ذات طبيعة شفافة وحساسة إلى أبعد الحدود ويجب الاهتمام بها من خلال تخصيص الزوج وقتا للجلوس معها وإطرائها بعبارات الحب والثناء على اهتمامها بنفسها وواجباتها المنزلية مما يدفعها إلى بذل المزيد، وبذلك تبتعد الأسرة عن كل ما يعكر صفوها ويسبب الجفاء العاطفي والجفاف الأسري ويوفر جوا عائليا صحيا تحيطه مشاعر الحب والدفء.
مشاعر الحب
كذلك على الزوجين القيام بدور الأحباء من خلال الأفعال والسلوكيات المشتركة البسطية مثل تذكر المناسبات المشتركة والخروج فى نزهات معا وعدم التردد فى التعبير عن مشاعر الحب إلى جانب اهتمام المرأة بمظهرها والتحدث سويا عن المشكلات بشكل هادىء للنقاش قبل أن تصل الأمور إلى نهاية العلاقة.
الانفصال النفسي
كذلك على الزوجين تقريب وجهات النظر واللجوء لأحد الأشخاص المقربين من الأسرة لتقريب وجهات النظر بينهما وتصحيحها أو اللجوء إلى استشاري علاقات أسرية لتصحيح تلك المفاهيم المغلوطة بينهما، والتخلص من الأفتراضات السلبية داخل كل منهما والتي تدمر الحياة فيما بينهما، وتجعل الفجوة تزداد مما يؤدي إلى الانفصال النفسي ومنه إلى الانفصال النهائي والطلاق.