الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العسكر والإخوان.. ولعبة الكراسي المصرية


يقول العظيم فرج فودة: "في غياب المعارضة المدنية سوف يؤدي الحكم العسكري إلى السلطة الدينية ولن ينتزع السلطة الدينية من مواقعها إلا الانقلاب العسكري الذي يسلم الأمور بدوره بعد زمن يطول أو يقصر الى سلطة دينية جديدة حتى يحدث الانقلاب العسكري... وهكذا" ليضع فرج فودة يده علي مشكلة تاريخية تشمل الصراع بين العمامة والباريه العسكري.
طريق سقطت فيه دولة عريقة سياسيًا وتاريخيًا مثل مصر بينما لم تسقط فيه دولة اقل خبرة سياسيًا مثل ليبيا ربما لان المرحلة الانتقالية هناك لم تكن تحت حكم العسكر فنجح الليبيون في استبدال عسكرية القذافي بتيارات مدنية وطنية وسيري الليبيون والعالم نتيجة هذا الاختيار الصائب في الغد القريب.
أقول هذا في أعقاب التلاسن والخلاف الملحوظ بين قطاع كبير من المصريين الآن بين من يؤيد العسكري نكاية في التيارات الاسلامية وجماعة الاخوان تحديدًا وبين من يؤيد جماعة الاخوان نكاية في العسكر ونظام مبارك العسكري السابق، فوجدنا كاتب ليبرالي يدافع عن تيار ديني اختلف معه بل وعاني منه كثيرًاً في الماضي فقط خوفًا من عودة العسكريين، وكذلك وجدنا من كان يهاجم النظام السابق ورموزه ويتهمه بالفساد والقمع في الماضي قد تحول في الحاضر الي الدفاع والبكاء على "عمر سليمان" والحديث عن وطنية الرجل الثاني في نظام مبارك فقط نكاية في التيارات الدينية.
وربما نتفهم خوف الكثيرين المبرر من عودة الحكم العسكري او نظام مبارك وكذلك خوف الكثيرين المبرر "جدًا" من وصول التيارات الدينية الي سدة الحكم ولكن اختيار أحدهم نكاية في الآخر هو اشبه بمن خاف من الموت فأقدم على الانتحار.
فالواقع يقول إن كلاً من الحكم العسكري والحكم الديني لا يحقق الحد الأدني من آمال وحرية أي شعب ولم يعرف التاريخ دولة دينية أو عسكرية تسلك سلوكًا ديمقراطيًا حقيقيًا وليس الديمقراطية الشكلية كالتي تحدث في إيران أو كوريا الشمالية.
ولا تختلف المدرسة العسكرية عن المدرسة السلفية في رؤية كل منهما لمبادئ حقوق الانسان والديمقراطية والحرية، وربما هذا هو الدرس الذي فهمه "المبطلون" في الانتخابات الرئاسية الاخيرة والذين قارب عددهم المليون ناخب والذين تحملوا عناء طابور الانتخاب في الداخل أو السفر للسفارات في الخارج لرفض الاختيار بين شفيق "العسكري" ومرسي "الإخواني"، فتجربة العسكر على مدى ستين عامًا وقراءة حال الدول الدينية وما تعانيه كانت كافية لرفض الاختيار من بينهم.
كما أن الاختلاف بين العسكري والتيارات الدينية علي كتابة الدستور لم يكن على هوية الدولة "المدنية" أو "الدينية" لكنه خلاف قائم على مكانة ووضع كل طرف في هذا الدستور الوليد، فالمجلس العسكري يريد الاطمئنان الى مكانة المؤسسة العسكرية في الدستور، والتيارات الدينية تريد إضفاء الصبغة الدينية علي الدستور لاعطاء مكانة خاصة لرجل الدين وكل من يتكلم باسم الدين في أن يتحكم في حياة المصريين وأن يسيطر على البلاد والعباد.
إن الحكم العسكري "فاشل" بطبيعة الحال لانعدام الخبرة واختلاف ساحة المعركة بين الحرب والسلم والحكم الديني هو حكم فاشي بطبيعته لانه يعتمد علي الاقصاء وتحريم الاختلاف وتجريم الديمقراطية والبحث العلمي وحرية الفكر والإبداع وهي القيم التي قامت عليه كل الدول المتحضرة التي تقود العالم الآن.
طريق النجاة الوحيد لمصر والمصريين هو ان تنجو مصر من مطرقة العسكر وسندان التيارات الدينية بتوحد القوى المدنية الليبرالية في كيان كبير باستكمال مشروعات مهمة مثل جماعة "التيار الثالث" والتي أسسها مجموعة من انصار الدولة المدنية الصحيحة أي ال "لا عسكرية" و"لا دينية" مثل نجيب ساويرس وحمدين صباحي ومحمد أبو حامد وغيرهم وكذلك "حزب الدستور" والذي أسسه الدكتور محمد البرادعي ومعه مجموعة مهمة من صفوة كتاب ونشطاء ومفكرين المجتمع المصري.
لقد تعلم المصريون الدرس وهتفوا في ميادين مصر "يسقط يسقط حكم العسكر" و"يسقط يسقط حكم المرشد" وهم في امس الحاجة الان لتيار ليبرالي لينقذهم من الاثنين.