في زمن السوشيال ميديا، لم تعد الكلمة تُقال فحسب، بل تُرسل وتُنسخ وتُعاد مشاركتها مئات وربما آلاف المرات في ثوانٍ معدودة. أصبحنا نعيش في عالم لا يحكمه المنطق بقدر ما تحكمه سرعة الشير وعدد اللايكات، دون أن نتوقف لحظة لنسأل: هل ما ننشره صحيح؟ هل تحققنا من المعلومة؟ وهل الكلمة دي ممكن تدمر حياة انسان؟
عفوا، نحن فعلا في زمن الشير.. زمن أصبحت فيه الخصوصية رفاهية، والستر نادرا، والتأكد من المعلومة عبئا لا يتحمله الكثيرون. خبر بسيط من مصدر مشكوك فيه، لقطة شاشة مفبركة، فيديو مقصوص من سياقه، كلها أدوات قد تتحول إلى سهم يصيب شخصا في سمعته أو عمله أو حتى بيته.
كم من بيوت خربت بسبب شير؟ كم من ناس فقدت شغلها أو علاقتها بأهلها أو أصحابها بسبب بوست مفبرك؟ كم من إنسان دخل في اكتئاب أو فكر يؤذي نفسه بسبب كلام الناس عليه بناء على إشاعة مالهاش أي أساس؟
الكلمة مش بس وسيلة تواصل، دي ممكن تكون سلاح. ممكن تكون بلسم لجراح حد، وممكن تكون سبب في انهياره. لما تمسك موبايلك وتقرر تكتب بوست أو تعمل شير، انت بتستخدم الكيبورد، بس اللي بيخرج مش مجرد حروف.. ده تأثير حقيقي في حياة حد تاني.
المصيبة الأكبر إن بعض الناس بقت تتعامل مع الشير كنوع من التسلية. "شوفتوا حصل إيه؟"، "إلحقوا الفضيحة"، "شارك قبل ما يتحذف".. وكأننا فقدنا الإحساس بالمسؤولية تجاه بعضنا البعض.
يا جماعة، مش كل حاجة شير وخلاص. مش كل خبر لازم نساعد في نشره. مش كل إشاعة تستحق إنها تكبر بفضلنا. لازم نقف ونسأل نفسنا: هل لو كنا مكان الشخص اللي الناس بتتكلم عليه، كنا هنبقى مبسوطين إن الناس بتساعد في نشر الكلام ده؟
الوعي مش رفاهية. والمسؤولية مش اختيارية. قبل ما تعمل شير، تحقق. قبل ما تكتب، فكر. لأن الكلمة ممكن تعيش أكتر منك، وتسيب أثر ملوش علاج.
في النهاية، لازم نفتكر دايما إن السوشيال ميديا أداة، وإحنا اللي بنقرر نستخدمها إزاي. يا إما نكون جزء من الحل.. يا إما نكون جزء من الخراب. الاختيار في إيدينا.