عادة سنوية تأبى أن تنقطع أو تتوقف تنفيذًا لنذر أجدادهم قبل ٨٥ عاما من أيامنا الحالية، حيث يحرص أبناء منطقة النزلة بقرية الشرقى بهجورة شمال قنا، على الاحتفال بشفاء قريتهم من وباء الكوليرا والطاعون الذى اجتاح الكثير من البلدان المصرية فى ذاك التوقيت، وقضى على الآلاف من المواطنين.
مراسم الاحتفال بهذه المناسبة تبدأ مع حلول منتصف شهر نوفمبر من كل عام، حيث يبدأ أهالى منطقة نزلة الشرقى بهجورة بنجع حمادى، التحضير للجمعة الأخيرة التى تجهز فيها عائلات القرية ما لذ وطاب من أطعمة و الخروج بها على "صوانى" إلى الشوارع، واستضافة كل من يعبر بالمنطقة عقب صلاة الجمعة، تعبيراً عن شكرهم للمولى عز وجل على نعمة الشفاء من الكوليرا والطاعون.
عادة سنوية عمرها 85 عاماً
مراسم الاحتفال السنوية، التى تشهدها منطقة النزلة بالشرقى بهجورة فى الجمعة الأخيرة من شهر نوفمبر، يتم تنفيذها هذه الجمعة للعام ال 85، بإعداد موائد طعام وتقديمها للأصدقاء من القرى المجاورة وللفقراء وعابرى السبيل والأيتام، حيث يبدأ التجهيز والإعداد لها فى الصباح الباكر، ويخرج بها الرجال والأطفال إلى الشوارع بعد أداء صلاة الجمعة مباشرة فى مشهد غير معتاد أو مألوف، إلا فى هذا اليوم من العام.
الجمعة الأخيرة من نوفمبر
الجمعة الأخيرة من شهر نوفمبر، لم يأتى من فراغ، فالشهر يرتبط بموسم حصاد بعض المحاصيل الزراعية، منها حصاد محصولى السمسم و الكركديه، إضافة لبدء الاستعداد لكسر محصول القصب، وبدء زراعة محاصيل جديدة، تدر عليهم مبالغ مالية، فضلاً عن السبب الرئيس المتمثل فى انتهاء المرض خلال هذه الفترة من العام ما يجعل وفائهم بالنذر بمثابة صدقة جارية تحميهم من الأوبئة و تحافظ على أبنائهم من الأمراض.
وقال أشرف رزق، مدرس، احتفال منطقة النزلة التابعة لقرية الشرقى بهجورة، تحولت إلى عادة سنوية ينفذها الأهالى بحب فى هذا التوقيت السنوى، وفاءًا لنذر قطعه آبائنا و أجدادنا على أنفسهم فى منتصف القرن الماضى، بتقديم الأطعمة للفقراء والمساكين فى هذا اليوم، حال شفائهم من مرضى الكوليرا والطاعون المنتشرين فى مصر خلال هذه الفترة والتى تسببت فى موت المئات من أبناء القرية، وقد كانوا لهم ما تمنوا وتضروعوا به للمولى عز وجل.
وأضاف رزق، ومن باب الشكر لله سبحانه وتعالى على هذه الاستجابة ، نحرص جميعاً على تنفيذ نذر أجدادنا بإطعام الطعام، ومن وقتها وأصبح هذا الأمر عادة سنوية لم تنقطع طوال السنوات الماضية والتى تزيد عن ثمانين عاماً، ومن وقتها نحرص على تنفيذ هذه العادة يوم الجمعة الأخيرة من شهر نوفمبر، كما نحرص على غرس حب هذه العادة فى أبنائنا الحرص من خلال مشاركتهم عملية التجهيز لمراسم هذا اليوم.
عيد خاص لمنطقة النزلة
وأوضح محمد عبدالسلام، محاسب، بأن هذا اليوم من كل عام بمثابة عيد خاص لنا، لما تشهده المنطقة من استعدادات مسبقة، فالجميع يتصافح بفرح وسرور أمام المساجد وفى الشوارع، كأنهم فى يوم عيد، مع تقديم التهانى لبعضهم البعض ابتهاجاً بالمناسبة السعيدة التى كانت بالنسبة للقرية يوم نجاة من وباء الطاعون و الكوليرا.
وأشار عبدالسلام، نحرص على مشاركة أطفالنا فى مشاهد الاحتفال والموائد خلال اليوم، حتى يشعر أبنائنا بأن هناك شىء مختلف، ما يساعد فى الحفاظ على هذا الموروث الشعبى الذى توارثناه من آبائنا و أجدادنا، والوفاء بالنذر الذى قطعه أجدادنا على أنفسهم وحرص على تنفيذه آبائنا.







