إذا كان مما هو معلوم بالضرورة أن ممارسة الرياضة والاهتمام بها يشكل جانباً مهماً في حياة الشعوب بما تحويه من متعة وترفيه وتنافسية سواء للممارسين أو المتابعين والمشجعين فإن الرياضة المصرية تسير عكس اتجاه كل ما سبق ذكره وتحولت الساحات الرياضية إلى تربة خصبة للاحتقان والتعصب واختلاق الأزمات ....
وقبل أن يتبادر إلى الذهن أن هذه الأزمات هي مجرد مواقف عارضة فإن تكرار هذه الأزمات وتتابعها في وتيرة شبه منتظمة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أننا في مرحلة شديدة التعقيد من العشوائية والفوضى...
بالأمس وفي نهائي كأس المرتبط لكرة السلة بين الأهلي والإتحاد وفي نهاية مباراة شباب الناديين التي تسبق مباراة الكبار....قام أحد لاعبي الاتحاد مع صافرة النهاية بإلقاء الكرة بكل غل في اتجاه أجساد لاعبي الأهلي غير مبالٍ بما إذا كانت الكرة ستصيب وجه أحد اللاعبين أو رأسه....الحمد لله لم تحدث إصابة ولكن نشب شجار كبير بين لاعبي الفريقين واشتعلت المدرجات بالهتافات المسيئة رغم أن الحضور لم يتجاوز عددهم 600 مشجع للفريقين معا..... ونظراً للتوتر المصاحب لمثل هذه الأحداث ورغم أن مباراة الكبار كان مقررا لها أن تبدأ عقب المباراة الأولى بنصف ساعة فقد انشغل المسئولون في محاولة تهدئة الأمور واتفقت الأطراف المعنية سواء رئيس الاتحاد المصري لكرة السلة ومسئولو الناديين وممثلو الشركة الأفريقية والأمن على إقامة اللقاء بدون جمهور ومن ثم إخراج الحضور على أربع دفعات تجنباً لحدوث احتكاكات لا تحمد عقباها....استغرق الأمر حوالي ساعتين وبدأ لاعبو الأهلي في إجراء الإحماء المتبع قبل المباراة ثم حدثت المفاجأة حيث تبين مغادرة فريق الاتحاد للصالة مستقلين أتوبيس النادي....حيث اضطر رئيس الاتحاد المصري لإعلان انسحاب زعيم الثغر وفوز الأهلي بعد مضي 20 دقيقة وهو الزمن القانوني....
بعد المباراة انهالت التصريحات التليفزيونية والإذاعية من كافة المسئولين لنسمع العجب العجاب ....فرئيس الاتحاد المصري صرح بأن الجميع اتفق على لعب المباراة بدون جمهور وأن اللوائح في صف الأهلي وأنه "يعتذر" لجمهور الاتحاد لأنه مضطر لتطبيق اللوائح.....أما رئيس نادي الاتحاد فصرح بأن لاعبو فريقه تناولوا وجبة الغداء في الثانية ظهراً وبالتالي فهم عرضة لحدوث إصابات بسبب تأخير وقت انطلاق المباراة وأنه أخد اللعيبة "يعشيهم "....هكذا قال....!!!!!!؟
تُرى من المسئول من الأساس عن إقامة المباراة في صالة الشباب والرياضة في أكتوبر رغم تحذير البعض من صعوبة التأمين بها....ومن المسئول عن بقاء الفريقين لمدة حوالي ساعتين بعد انتهاء مباراة الشباب وإجراءهم الإحماء أكثر من مرة....ولماذا لم يتمم رئيس نادي الاتحاد اتفاقه مع المسئولين واستسهال اتخاذ قرار الانسحاب رغم وجود فرصة كبيرة لفريقه في الفوز ومن ثم لعب مباراة فاصلة....وما سبب قيام رئيس الاتحاد المصري بالاعتذار لجمهور الاتحاد عن أنه سيقوم بتطبيق اللوائح ....وهل تطبيق اللوائح يستدعي قيام المسئول بالاعتذار أولا لمن سيقوم بتطبيق اللوائح بحقهم !!!!!!!!
لم تكن هذه الأزمة الأولى ففي أكتوبر الماضي وخلال بطولة أفريقيا لتنس الطاولة بتونس نشبت أزمة بين اللاعب عمر عصر وزميله محمود أشرف خلال مباراة مصر ونيجيريا....هدد عصر بعدم استكمال المباراة بعد انتهاء أحد الأشواط في حالة استمرار جلوس محمود أشرف على دكة البدلاء نتيجة رفض الثاني مصافحة الأول ....تعالت أصوات الثنائي وحال الجهاز الفني دون حدوث الأسوأ....وقام الاتحاد بإيقاف الثنائي وتغريمهما 100 ألف جنيه مع التهديد بالشطب في حالة تكرار الأمر....خرج بعدها عمر عصر وهو كابتن المنتخب ببيان اعتذار وإعلان بتحمل المسؤولية رغم زعمه في وقت سابق بأن المنتخب سافر دون جهاز طبي ومعد بدني وأن رئيس الاتحاد هو الذي يقوم باختيار اللاعبين !!!!!!!
أما كرة القدم فلم تكن بمنأى عن الأزمات ففي كأس العالم للشباب التي أقيمت بشيلي وخلال مباراة مصر وشيلي وفي آخر دقائق المباراة احتسب الحكم ركلة حرة لصالح منتخبنا الوطني والطبيعي أن يكون هناك ترتيب يحدده المدير الفني لمسددي الضربات الحرة ولكن وللأسف الشديد حدث خلاف بين محمد عبدالله وعمر خضر لاعبي المنتخب على أحقية التسديد واستغرق الأمر حوالي دقيقتين ما جعل الشكل العام في منتهى السخافة والاستفزاز حتى تدخل المدير الفني ونفذ اللعبة عمر خضر وأحرز هدف الفوز ورفض الاحتفال مع زميله عبدالله الذي حاول تهنئته لتكتمل الصورة البشعة.....وفي الوقت الذي انتهت فيه المباراة بفوز مصر واحتفال اللاعبين والجهاز الفني بالتأهل للدور التالي جاءت المفاجأة الكبرى بتأهل شيلي على حساب مصر بحسابات اللعب النظيف وهو ما كان يجهله الجهاز الفني والإداري للمنتخب الوطني المصري.....وهو ما يمكن أن نسميه عقاباً مستحقاً على الفوضى والعشوائية .
إلى أين تسير الرياضة المصرية ؟.....متى تنتهي الأزمات ؟.....متى يشعر المسئولون بحجم المسئولية ؟....من يعيد الرياضة المصرية إلى مسارها الصحيح ؟.....هل من مجيب ؟
محمد ماهر يكتب: من خارج الخط