- مفاوضات " النقد الدولي" بين إنقاذ الموازنة وزيادة الدين العام
- 4 مرات لجأت الحكومة للصندوق.. و8.41% نسبة حصة مصر به
- مصر تصرف 421.3 مليون دولار من الصندوق على مدى 11 عاما
تستقبل وزارة المالية والبنك المركزي، غدا " السبت" وفدا من صندوق النقد الدولي برئاسة كريستوفر جارفيس، والذي وصل للقاهرة اليوم " الجمعة"؛ للتفاوض علي امكانية اقتراض الحكومة المصرية نحو 12 مليار دولار من الصندوق علي مدي 3 سنوات، ستوجه للفجوة التمويلية بالموازنة العامة للبلاد خلال السنة المالية الحالية والمقدرة بـ 319.5 مليار جنيه بخلاف أزمة الدولار والذي تفاقم سعر صرفه بالسوق الموازي لـ13 جنيها، إلا انه هبط لـ11 جنيها بعد تلويح الحكومة بضخ المزيد من السيولة المالية لضبطه.
بدأ الحديث عن صندوق النقد الدولي، بعد مرور عام من اندلاع ثورة 25 يناير 2011 وقدوم جماعة الإخوان لسدة الحكم في 2012، وتعهد حكومة الدكتور هشام قنديل وتحديدا وزارة المالية في ذلك التوقيت بإدارة ملف التفاوض مع الصندوق لتمويل الموازنة العامة للسنة المالية 2013/2014، بقرض قيمته 4.8 مليار دولار لسد العجز القائم بتلك الموازنة والمقدر وقتها بـ240 مليار جنيه إلا أنه قفز لـ255.44 مليار جنيه بنسبة 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
لكن تعاون مصر مع صندوق النقد الدولي له جذور تاريخية تبلغ 71 عاما، خصوصا أن الدولة المصرية تعد من أولي البلدان المؤسسة للصندوق ومقره بالعاصمة الأمريكية واشنطن، إذ أنها شاركت في الالتحاق بعضوية " النقد الدولي" عام 1945، وهو نفسه التاريخ الذي أنشئ فيه الصندوق بعد الحرب العالمية الثانية لبناء كيانا اقتصاديا تابعا لمنظمة الأمم المتحدة، يساعد البلدان الأعضاء فيه من حدوث أزمات اقتصادية ومعالجتها، طبقا لإتفاقية بروتون وودز بمشاركة ما يقرب من 44 دولة، إلا أن العضوية بالصندوق حاليا بلغت 188 دولة.
ويقوم الصندوق بإقراض الدول الأعضاء لتدبير السيولة المالية لسد الفجوات الموجودة بميزانيتها علي أن يقوم بمنح القرض بحدود أكبر من حصة كل دولة عضو، علي أن يتم توفير الاعتمادات المالية بناء علي برنامج محددة يشرف عليه ويراقبه الصندوق، بما يضمن الاستدامة المالية واعادة بناء تلك الدولة، من خلال وضع اجراءات معينة للقضاء علي التضخم وتحقيق الاستقرار لميزان المدفوعات وتحرير العملة الاجنبية ووضع نظام ضريبي معين.
ويقدم الصندوق أيضا للدول الاعضاء مساعدات فنية لتقليل عجز الميزانية والاستقرار المالي، بناء علي زيارات دورية عبر بعثات فنية بالاضافة للمؤتمر السنوي لمجلس المحافظين التابع للصندوق والذي يتم تنظيمه في مقر الصندوق بواشنطن او بمقر دولة عضو، ويكون الأمين العام في مجلس المحافظين ممثلا عن كل دولة عضو غالبا مايكون وزير المالية او محافظ البنك المركزي.
وتعد الولايات المتحدة الأمريكية من أكبر البلدان حصة في الصندوق إذ تبلغ حصتها نحو 17.6% من إجمالي الحصص، أما دولة سيشيل، كأصغر حصة بالصندوق والتي تبلغ 0.004%، أما مصر فتشكل نحو 8.41% مؤخرا، من إجمالي الحصص المقدرة بـ290 دولار؛ إذ ان حصة مصر كانت نحو 1.5 مليار دولار بما يعادل 2 943,70 مليون وحدة حقوق سحب إلا ان الحكومة أعلنت في فبراير الماضي، عن رفعها إلي 2.9 مليار دولار والتي تساوي 2 مليار وحدة حقوق سحب.
وسبق لمصر التعاون مع صندوق النقد الدولي لتمويل 4 برامج اقتصادية "قروض" بإجمالي 1.2 مليار وحدة حقوق سحب بما تعادل 1.85 مليار دولار، صرفت مصر منها فعليا 421.3 مليون دولار و التي تساوي خمس القيمة الإجمالية من الفترة 1987 حتي 1998.
كانت تلك أول تلك الحزم بداية من الفترة 1987 حتي 1988 بقيمة 185.6 مليون دولار من إجمالي مبلغ 400.2 مليون دولار المتفق عليه لتمويل أزمة المدفوعات الخارجية المتأخرة وأوجه الضعف الهيكلي التي انعكست في شكل تضخم محلي متزايد؛ وثانيها برنامج في الفترة من 1991 حتي 1993 والذي يعد من أنجح البرامج الاقتصادية لمصر، والذي بمقتضاه تم صرف ما يقرب من 375.2 مليون دولار لتمويل عجز الحساب الجاري وتراجع تدفقات الاستثمارات المحلية وافتقاد التمويل الخارجي مما أثار مشكلات كيفية تدبير المواد الغذائية لمصر؛ وثالثها كان في الفترة من 1993 حتي 1996.
وتم تدبير 1.015 مليار دولار لم تصرف مصر منها سوي 235.6 مليون دولار، لدعم السياسات الاقتصادية، ورابعها كان في الفترة من 1996 حتي 1998 تحت عنوان "الاستعداد الائتماني" بقيمة434.4 مليون دولار، كانت في اطار برنامج "تسهيل الصندوق الممدد" إلا أنه أصبح لاغيا ولم تسحبه مصر، لكنها استفادت من إسقاط 50% من الين الرسمي المستحق لبلدان أعضاء في نادي باريس.
واقتصر تعاملات مصر بعد عام 1998 علي المساعدات والمشاورات الفنية من الصندوق، لكنه اثير ملف الاقتراض من "النقد الدولي" في 2012 بقيمة 4.8 مليار دولار، لتمويل عجز الموازنة العامة في عهد الاخوان، لكنه في ظل تراجع التصنيف الائتماني للبلاد إلي من B و –B و CCC، من 3 مؤسسات عالمية هي ( فتيش، موديز، ستاندرد آند بورز) والتي اعلنت عن مرور الاقتصاد القومي المصري بمراحل حرجة، بالاضافة الي ضعف ادارة الاخوان لشئون البلاد وزيادة الاحتقان الداخلي بعد ارتفاع فاتورة الدين العام الي أكثر من 1.6 تريليون جنيه وقتها، ليتم توقف المفاوضات مع بمصر والصندوق في الوقت المذكور.
ومع اندلاع ثورة 30 يونيو 2013 و تقديم دول (الإمارات، الكويت، السعودية) ما يقرب من 12 مليار دولار لمصر ليتزامن ذلك مع تصنيفات المؤسسات الدولية و زيادة الثقة و الجدارة الائتمانية في الاقتصاد المصري، اعلن صندوق النقد الدولي علي لسان مديرته، كريستين لاجارد، عن ترحيب الصندوق باستئناف المفاوضات مع مصر ومساعدتها فنية.
وسبق ان شارك صندوق النقد في اعداد قانون الضريبة علي القيمة المضافة و الذي تعتزم مصر تطبيقه عقب انتهاء المناقشات الدائرة بشأنه حاليا داخل أروقة البرلمان، في الوقت الذي شاركت فيه وزارة المالية والبنك المركزي في اجتماعات مجلس المحافظين المعروفة بدول الربيع.
لكن خلال " الأربعاء" الماضي، اعلن عمرو الجارحي وزير المالية عن نية الحكومة اللجوء للاقتراض من الصندوق بقيمة 12 مليار دولار علي مدي 3 سنوات، لتمويل الفجوة التمويلية للبلاد وحل أزمة العملة الاجنبية، بالاضافة الي ان القرض سيكون بمثابة شهادة ثقة من المؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري ويؤكد تعافيه باعتبار ان الاقتراض هو حق مصري خالص خصوصا وانه يسمح بالاستفادة بحقوق مصر في الصندوق.
علي الرغم من انكار الحكومة المصرية في اكثر من تصريحات سابقة وخصوصا وزارة المالية بأنها لا تفكر في الاقتراض من الصندوق حتي وان كانت الخيارات مطروحة، لكنها لم تقدم فعليا أي طلبات للجوء لـ"النقد الدولي".
وتعاني الموازنة العامة للبلاد من عجزا متوقع وصوله بنهاية العام المالي الجاري بنح 319.5 مليار جنيه بنسبة 10.5% من الناتج المحلي الاجمالي، و دين عام بقيمة 2.4 تريليون جنيه بنهاية العام المالي 2015-2016 الماضي والذي يستقطع ما بين 94 الي 97% من الناتج المحلي الإجمالي، بالاضافة الي ما يقرب من 53.4 مليار دولار كدين خارجي بنهاية مايو الماضي.