إدارة الأزمة في سوريا

لم أكن متحمسًا- ربما علي عكس كثيرين- لحضور رئيس الجمهورية قمة عدم الانحياز في طهران. وكان تقديري أن حضور نائب رئيس الجمهورية يكفي لفتح أبواب, وإثبات أن مصر لم تعد كما كانت. ولم تكن قلة الحماس سببها بالطبع أن عدم الانحياز لم يعد له قيمة في عالم اليوم;
وهو تجمع احتفالي ينتمي إلي عصور سابقة أكثر منه تجمعا حقيقيا; وإنما لأن الظهور في إيران سوف يجري في اتجاه مضاد لمصالح مصرية كثيرة. فليس سرا علي أحد أن الغالبية من دول العالم تقف ضد إيران لأسباب شتي, كما أن المصالح المباشرة بين القاهرة وطهران محدودة للغاية, ولكن فوق ذلك فإن علاقاتها متوترة مع دول الخليج, وتاريخها في العراق وسوريا ولبنان وحتي مع مصر لم يكن أبدا يبعث علي الاطمئنان.
ولكن الحماس جاء مرة أخري بعد الاقتراح المصري في مؤتمر جدة بتشكيل لجنة رباعية تضم مصر والسعودية وتركيا وإيران لإدارة الأزمة السورية المستحكمة والتي أدت إلي سقوط آلاف الشهداء. اللجنة ضمت الكبار من الإقليم, وهذا في حد ذاته مكسب, كما ـ أن فيها إيران التي تناصر النظام السوري, وتركيا التي تناصر جماعات المعارضة, والسعودية التي تقف إلي جانب الثورة, ومصر بعد ذلك هي من ناحية دولة مؤسسات قادرة علي توليد الأفكار الإقليمية, وهي من ناحية أخري دولة ثورة تفهم معني الإطاحة بنظام وآلام الانتقال إلي نظام جديد. في مثل هذه الحالة فإن السفر إلي إيران يصبح محمودا, لأنه لا يجوز المشاركة معها في لجنة بمثل هذه الأهمية, ثم بعد ذلك نحرم إيران من فضيلة الحضور المصري.
ولكن المهم ليس فقط الحضور, أو تشكيل لجنة تضاف إلي لجان أخري دولية وإقليمية, وإنما الأهمية تكمن في القدرة علي التعامل مع ثلاث مهمات: الأولي بأن يقتنع بشار الأسد بأوان الرحيل; وهذه مهمة لا تستطيع قوة القيام بها أكثر من إيران. والثانية أن هناك حاجة لتوحيد قوي المعارضة السورية حول خريطة طريق للمرحلة الانتقالية, وهذه لتركيا فيها دور كبير. والثالثة ضمان وحدة الأراضي السورية, وخروج دولة جديدة لا تضر لا بالمصالح الداخلية لكل فئاتها, ولا المصالح الإقليمية لدول المنطقة وهذه لمصر والسعودية فيها دور عظيم. قول ذلك سهل, ولكن تفعيله بالغ الصعوبة, وربما كانت اتصالات الرئيس مرسي في الصين والولايات المتحدة أحد من السبل التي تعبر الصعب, وتحقق المستحيل. مثل ذلك ممكن وشرطه تحقيق أهداف الداخل المصري قبل كل شيء.
نقلاً عن الأهرام