الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكري رحيله..تعرف على "عقدة" لازمت صاحب "قنديل أم هاشم" حتى وفاته

صدى البلد

يحيى حقي أديب تركي الأصل مصري الهوية والنشأة
ولد في حي السيدة زينب عام 1905
قنديل أم هاشم وأم العواجيز وكناسة الدكان وخليها على الله.. أهم أعماله

في درب (الميضة ) بحي السيدة زينب وبمنزل متواضع من بيوت وزارة الأوقاف المصرية ولد في 7 يناير عام 1905 الأديب يحيي حقي لأسرة مصرية من أصل تركي مما يؤكد علي مدي الارتباط الخفي بين نشأته وبين تأثره بالأحياء الشعبية والتي انعكس ذلك بوضوح في كتاباته وقصصه فرائعته (قنديل أم هاشم ) ما كانت لتخرج إلى النور لولا تأثره القوي بمنطقة السيدة زينب وزوارها ممن يرجون التبرك بها.

وفي هذا الجو المفعم بالثقافة والأدب كانت النشأة والتربية فخاله هو (حمزة بك)، الذي كان يشغل منصب رئيس القلم العربي في ديوان الخديوي إسماعيل وعمه (محمود طاهر حقي ) ، الذي امتلك في شبابه مجلة (الجريدة الأسبوعية ) فشب الطفل والشاب يحيي منذ البداية علي كتب الجاحظ وابي العلاء المعري وغيرهم من أعمدة الأدب العربي.

تأثر حقي أيضا بعد من الكتاب الغربيين مثل فرجينيا وولف واناتول فرانس ،ليخرج لنا بعد ذلك من هذا المخزون الثري ابداعاته الرائعة مثل رواية (قنديل أم هاشم ) ثم (أم العواجيز ) و (كناسة الدكان ) و (خليها علي الله ).

وكأي مبدع مر الأديب يحيي حقي بظروف صعبة في حياته الشخصية كان لها تأثير كبير علي مسيرته الأدبية فقد نال حقي حظه من المعاناة الكثير عند زواجه من زوجته السيدة نبيلة التي لم يكد يمضي علي هذا الزواج سوي ثلاثة أشهر حتي أصيبت بمرض غامض في عينيها اليسري منعها من الرؤية ثم زحف علي العين اليمني لتفقد البصر تماما.

كانت زوجته ورفيقته حاملا بمولوهما الأول وفي الشهور الأخيرة من الحمل اكتشفوا إصاباتها بالتهاب في عطلة القلب إذ أصيبت في صغرها بحمي روماتيزمية أثرت عليها في شبابها ونالت منها في شهور الحمل الكثير من التداعيات ونتج عنها تعب في القلب. 

ولم يكن هناك علاج حتى ظهرت تباشير دواء جديد هو (البنسلين ) وكان وقتها باهظ الثمن نادر التواجد في مصر ويصعب الحصول عليه  إلا عن طريق وزارة الخارجية أو من قوات الحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية.

استطاع الزوج الأديب من خلال عمله بالسلك الدبلوماسي أن يحصل علي العلاج ولكن بعد فوات الاوان فقد وصلت حالتها إلى مرحلة حرجة لا تستجيب فيها للعلاج وتوفيت الزوجة بعد أن وضعت مولودتها (نهى) ببضعة شهور وقد رثاها الأديب بمقال نشرته آنذاك مجلة (الثقافة ) عنوانه (الموت ..إلي نبيلة ).

شكلت وفاة زوجته صدمة كبيرة ظل وفيا لذكراها لمدة عشر سنوات كاملة حتي عام 1954 وبالرغم من زواج حقي من السيدة الفنانة التشكيلية الفرنسية (جان )  إلا أنه ظل يذكر تلك المرأة التي عرف معها معني السعادة الحقيقية ولم تجن هي غير الالم وكلما تذكرها حقي بكي حزنا وكانها لم تمت لتلك اللحظة.

ظل الأديب يحيي حقي ذلك الإنسان الخجول الذي عاش صراعا بين أصله التركي وانتمائه إلى المجتمع المصري الذي ولد ونشأ وتربي وعاش تحت مظلته وفي احضانه وقد حصل علي تعليم جيد حتي انخرط في المحاماة حيث درس في معهد الحقوق بالقاهرة وتخرج منه عام 1925 .

قضي يحيي حقي عمره كله في الخدمة المدنية وعمل بالسلك الدوبلوماسي المصري وتم تعيينه في منصب مستشار في دار الكتب والوثائق القومية حتي رحل في يوم 9 من شطر ديسمبر من عام 1992.