- مستشار شيخ الأزهر:
- هيئة كبار العلماء ناقشت «الطلاق الشفوي» بحياديَّةٍ وعُمق علمي يستحقُّ الفخر والاعتزاز
- «العلماء» ناقشوا الدراسات العلميَّة والاجتماعية لظاهرة تزايد نسبة الطلاق في مصر
- اجتماع كبار العلماء استغرق 4 ساعات واتفق المجتمعون على وقوع الطلاق الشفوي
- إعلاميون يئولون كلمات للرئيس لشيخ الأزهر بما لا تحتمل ويحرفونها عن مَقاصِدها
- البعض حاول «لَيِّ» كلمات بيان كبار العلماء واقتطاع العبارات بطريقةٍ سافرة
رفض فتوى هيئة كبار العلماء بوقوع الطلاق الشفوي دون توثيق أو إشهاد، عددٌ من الشيوخ الذين يطالبون بعد وقوع الطلاق الشفوي إلا موثقًا عند مأذون، وأيدهم في ذلك بعض الإعلاميين والمفكرين الذين هاجموا هيئة كبار العلماء في عدد من المقالات، وزعموا وجود خلافات بين الأزهر والرئاسة.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، في عيد الشرطة، قد طالب الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، بمناقشة مسألة توثيق الطلاق الشفوي أمام مأذون للحد من انتشار فوضى الطلاق.
وانطلاقًا من المسئوليَّة الشرعيَّة للأزهر الشريف ومكانته في وجدان الأمَّة المصريَّة التي أكَّدها الدستور المصري، وأداءً للأمانة التي يحملُها على عاتقِه في الحِفاظ على الإسلام وشريعته السمحة على مدى أكثر من ألف عام من الزمن، عقدت هيئة كبار العلماء عدَّة اجتماعاتٍ خلالَ الشهور الماضية لبحثِ عدد من القضايا الاجتماعية المعاصرة؛ ومنها حكم الطلاق الشفويِّ، وأثره الشرعي، وقد أعدَّت اللجان المختصَّة تقاريرها العلمية المختلفة، وقدَّمتها إلى مجلس هيئة كبار العلماء الذي انعقد الأحد 8 من جمادى الأولى 1438هـ الموافق 5 من فبراير 2017م، وأقرت وقوع الطلاق الشفوي دون توثيق أو إشهاد.
واعتبر بعض إعلاميين، فتوى عدم توثيق الطلاق الشفوي، مخالفة لما أمر به الرئيس السيسي وزعموا وجود خلافات بين الرئاسة والأزهر.. «صدى البلد» يعرض رأي المستشار محمد عبد السلام، مستشار شيخ الأزهر في هذه المسألة.
وكشف المستشار محمد عبد السلام، المستشار القانوني لشيخ الأزهر، عن كواليس اجتماع هيئة كبار العلماء بالأزهر الذي عقد الأحد الماضي، وأصدرت فتوى بقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه، دون اشتراط إشهاد أو توثيق.
الطلاق الشفوي نوقش بحياديَّةٍ:
وقال «عبد السلام» عبر موقعه الرسمي على «فيس بوك»، أن هيئة كبار العلماء نقاشت مسألة «الطلاق الشفوي» نقاشًا علميًّا عميقًا بين كبار علماء مصر على اختلاف التخصُّصات الشرعية والمذاهب الفقهية من كافَّة وجوهها وجوانبها، وتفنيد كافة الآراء والشبهات الواردة على المسألة بحياديَّةٍ وعُمق علمي يستحقُّ الفخر والاعتزاز.
4 ساعات من النقاش العلمي:
وأكد مستشار شيخ الأزهر، أن هيئة كبار العلماء حرصت على دراسة التقارير والدراسات العلميَّة والاجتماعية المتعلِّقة بالأسباب الحقيقيَّة لظاهرة تزايد نسبة الطلاق في مصر، مشيرًا إلى أنه بعدَ 4 ساعات من النقاش العلمي اتفق المجتمعون: الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف والعلماء أعضاء الهيئة ومعهم الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، بإجماع الآراء، على وقوع الطلاق الصادر من الزوج بألفاظه الشرعيَّة والخالي من الموانع دون أن يكون توثيق الطلاق أو الإشهاد عليه شرطًا في صحَّته.
الرئيس يقدر الأزهر:
ورأى «عبد السلام» أنه من عجائب الزمان أنَّه في الوقت الذي قدَّر فيه الإمام الأكبر وجميعُ أعضاء الهيئة - موقفَ الرئيس حين وصَلَتْه إحصاءات الطلاق المتزايدة في مصر، بإسناد الأمر لأهله، وانتظار الرأي الشرعي من أهل الاختصاص، ووجَّه الرئيس حديثَه متسائلًا عن الحكم الشرعي إلى الإمام الأكبر شيخ الأزهر.
تأويل كلمات الرئيس بما لا تحمل:
وتعجب أنه في ظل تقدير الأزهر وهيئة كبار العلماء لهذا الموقف من الرئيس نجدُ بعض الإعلاميين يَبذُلون جهدَهم ليلَ نهارَ لتأويل وتحميل كلمات وعبارات الرئيس بما لا تحتمل، وتحريف مَقاصِدها للقول بما لم يَقُلْ به، وعلى عكس ما يُعلِن الرئيس دائمًا للكافَّة باحترامِه وتقديره للأزهر وشيخِه الأكبر؛ حتى قالها صَراحةً لهؤلاء: «إنها مصيبة وكارثة أن يعتقد أحدٌ خلاف ذلك».
«اجتزاء» كلمات بيان هيئة كبار العلماء:
وأضاف أنه مع كل ذلك نجد هؤلاء لا يزالون ماضين في لَيِّ كلمات بيان هيئة كبار العلماء واقتطاع العبارات من سياقها بطريقةٍ سافرة، لا يَنقضِي منها العَجَبُ، في حِين أنَّ البيان يشير - صَراحةً - إلى المتساهلين في الفتاوى أن يتقوا الله في تبليغ الحكم الشرعي للناس بأمانة وأن يكون كلامُهم مُنصَبًّا على توعية الناس بكل ما من شأنه أن ييسر لهم سبل العيش الكريم، بدلًا من إغراقهم في فتاوى إباحة الخُمور وعدم وقوع الطلاق الشفوي.
لا يوجود خلافات:
ونبه على أنه في ظل هذا الوضوح للبيان لازال هؤلاء يَنشُرون أحقادهم بأقلامهم المقصوفة وصُحفهم الخاوية؛ لتصوير الأمر وكأن هناك مشكلة وصِدامًا بين الأزهر والرئاسة، وهو زعمٌ غير موجود، ولن يُوجَد - بإذن الله - إلا في خَيالِهم المريض!.
واختتم حديثه بالدعاء، قائلًا: «أعانَك الله يا سيادة الرئيس، وأعانَ معك الإمام الأكبر على رعاية مصالح الدِّين والدُّنيا.. وهَدى الله هؤلاء الفارغين التائهين المُترنِّحين في ظُلمات الظلم وعدم الإنصاف».
وكانت هيئة كبار العلماء بالأزهر، برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قد أصدرت بيانًا صحفيًا، الأحد الماضي، بوقوع الطلاق الشفهى دون اشتراط توثيق أو إشهاد.
بيان هيئة كبار العلماء
وكانت هيئة كبار العلماء بالأزهر، برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، قد أصدرت بيانًا صحفيًا، الأحد الماضي، بوقوع الطلاق الشفهى دون اشتراط توثيق أو إشهاد.
وعقدت هيئة كبار العلماء بالأزهر، عدَّة اجتماعاتٍ خلالَ الشهور الماضية لبحثِ عدد من القضايا الاجتماعية المعاصرة؛ ومنها حكم الطلاق الشفويِّ، وأثره الشرعي، وقد أعدَّت اللجان المختصَّة تقاريرها العلمية المختلفة، وقدَّمتها إلى مجلس هيئة كبار العلماء الذي انعقد اليوم، الأحد 8 من جمادى الأولى 1438هـ الموافق 5 من فبراير 2017م.
وانتهى الرأي في هذا المجلس بإجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم وتخصُّصاتهم، إلى القرارات الشرعية التالية: أولًا: وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحتى يوم الناس هذا، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق.
وأضافت: ثانيًا: على المطلِّق أن يُبادر في توثيق هذا الطلاق فَوْرَ وقوعِه؛ حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وأبنائها، ومن حقِّ وليِّ الأمر شرعًا أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل توقيع عقوبةً تعزيريَّةً رادعةً على مَن امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه؛ لأنَّ في ذلك إضرارًا بالمرأة وبحقوقها الشرعيَّة.
وترى هيئة كبار العلماء أنَّ ظاهرةَ شيوع الطلاق لا يقضي عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق، لأن الزوجَ المستخفَّ بأمر الطلاق لا يُعيِيه أن يذهب للمأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه، علمًا بأنَّ جميع إحصاءات الطلاق المعلَن عنها هي حالاتٍ مُثبَتة ومُوثَّقة سَلَفًا إمَّا لدى المأذون أو أمام القاضي، وأنَّ العلاج الصحيح لهذه الظاهرة يكون في رعاية الشباب وحمايتهم من المخدرات بكلِّ أنواعها، وتثقيفهم عن طريق أجهزة الإعلام المختلفة، والفن الهادف، والثقافة الرشيدة، والتعليم الجادّ، والدعوة الدينية الجادَّة المبنيَّة على تدريب الدُّعاة وتوعيتهم بفقه الأسرة وعِظَمِ شأنها في الإسلام؛ وذلك لتوجيه الناس نحوَ احترامِ ميثاق الزوجية الغليظ ورعاية الأبناء، وتثقيف المُقبِلين على الزواج.
وناشدت الهيئةُ جميعَ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، الحذَر من الفتاوى الشاذَّة التي يُنادي بها البعض، حتى لو كان بعضُهم من المنتسِبين للأزهر؛ لأنَّ الأخذَ بهذه الفتاوى الشاذَّة يُوقِع المسلمين في الحُرمة.
وأهابت بكلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ التزام الفتاوى الصادرة عن هيئة كبار العلماء، والاستمساك بما استقرَّت عليه الأمَّةُ؛ صونًا للأسرة من الانزلاق إلى العيش الحرام.
وحذِّرُت الهيئة المسلمين كافَّةً من الاستهانة بأمرِ الطلاق، ومن التسرُّع في هدم الأسرة، وتشريد الأولاد، وتعريضهم للضَّياع وللأمراض الجسديَّة والنفسيَّة والخُلُقيَّة، وأن يَتذكَّر الزوجُ توجيهَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ الطلاق أبغَضُ الحلال عند الله، فإذا ما قرَّر الزوجان الطلاقَ، واستُنفِدت كلُّ طرق الإصلاح، وتحتَّم الفراق، فعلى الزوج أن يلتزم بعد طلاقه بالتوثيق أمام المأذون دُون تَراخٍ؛ حِفظًا للحقوق، ومَنعًا للظُّلم الذي قد يقعُ على المطلَّقة في مثلِ هذه الأحوال.
واقترحت الهيئة أن يُعادَ النظرُ في تقدير النفقات التي تترتَّب على الطلاق بما يُعين المطلَّقة على حُسن تربيةِ الأولاد، وبما يتناسبُ مع مقاصدِ الشريعة.
وتمنت هيئةُ كبار العلماء على مَن "يتساهلون" في فتاوى الطلاق، على خلاف إجماع الفقهاء وما استقرَّ عليه المسلمون، أن يُؤدُّوا الأمانةَ في تَبلِيغ أحكامِ الشريعةِ على وَجهِها الصحيح، وأن يَصرِفوا جُهودَهم إلى ما ينفعُ الناس ويُسهم في حل مشكلاتهم على أرض الواقع؛ فليس الناس الآن في حاجةٍ إلى تغيير أحكام الطلاق، بقدر ما هم في حاجةٍ إلى البحث عن وسائل تُيسِّرُ سُبُلَ العيش الكريم.