منتدى تازة لمناهضة التطرف يدعو إلى إحياء تراث الأدب العربي

شهدت مدينة تازة بالمملكة المغربية مؤخرا "المنتدى الدولي الأول لمناهضة الفكر المتطرف"، والذي نظمته "شبكة تازة التنموية" بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية، وصدر في ختام جلساته "إعلان" يدين كافة أشكال الإرهاب بمختلف دول المنطقة والعالم.
وحمل الإعلان اسم مدينة "تازة" التي استضافت الملتقى وهي مدينة صغيرة تبعد عن العاصمة الرباط نحو 450 كيلومترا جهة الشرق، وتضمن العديد من التوصيات في مقدمتها إعادة الاعتبار للغة العربية كلغة للقضاء على تلك الظاهرة "الفكر المتطرف" سواء عبر إحياء تراث الأدب العربي أو من خلال إحياء دور المثقفين والشعراء والأدباء وتخريج جيل جديد من المبدعين يؤمن بدور الأدب والفنون والرياضة في توجيه طاقات الشعوب وتهذيب السلوك، التأكيد على دور المثقفين العرب في نبذ العنف والتطرف ودراسة أسباب هذه الظاهرة ومنظومة القيم الإنسانية باختلاف مكوناتها التي تستلزم مواجهة الإرهاب.
وأكدت التوصيات أهمية دور التربية المدنية بجميع مكوناتها الأسرية والمدرسية والدينية والإعلامية والثقافية في إرساء ثقافة نبذ العنف والتطرف والإرهاب وإنشاء تربية السلام والتسامح بين الشعوب، وأخيرا العمل على بناء صناعات الإبداع الثقافية للكتابة والنشر والتأليف والتعبير والرواية والموسيقى والفنون التشكيلية والمسرح.
افتتح المنتدى كل من لكبير الحراق رئيس "شبكة تازة التنموية"، والدكتور خالد عزب رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية، وسكينة بوعلي؛ بالنيابة عن رئيس المجلس المحلي لمدينة تازة.
وأكد الدكتور خالد عزب خلال كلمته علي أن مكتبة الإسكندرية تقوم حاليا بتوثيق حياة العلامة عبد الهادي التازي، والذي يعد من أعلام المغرب، لهذا اتجهت المكتبة لإطلاق نشاطها من مدينة تازة، فقد تخرج عبد الهادي التازي من قسم الجغرافيا في كلية الآداب جامعة الإسكندرية، وكان عضوا في مجمع اللغة العربية.
وأضاف أن مكتبة الإسكندرية تهتم بمجابهة التطرف والإرهاب بعدة مستويات بدءا من دراسة ارتباط العنف بالدين عبر آليات علم الاجتماع الديني، لذا أنشأت المكتبة الإسكندرية سلسلة "مراصد" التي تدرس ظواهر التطرف وتحليل ونقد خطاب الجماعات المتطرفة وكذلك سلسلة الدراسات المستقبلية، وبدأت في العمل علي أرض الواقع عبر دورات الثقافة الإسلامية.
وتضمنت فعاليات اليوم الأول للمنتدى جلستين، كانت أولاهما بعنوان "تأثير التطرف علي الحياة العامة ومقاربات مختلفة"، وتحدث خلالها المستشار معتز إبراهيم توفيق؛ وكيل نيابة بالإسكندرية عن مفهوم التطرف وتأثيره على الوظيفة العامة، وتحدثت أولغا فرحات؛ وهي ناشطة تربوية لبنانية، عن التربية ودورها في تعزيز ثقافة السلام.
من جانبه أكد عبد الوهاب مطيش؛ نقيب المحامين السابق في تازة، خلال كلمته حرص المملكة المغربية على التصدي للإرهاب من خلال القانون الجنائي، مشيرا إلى الحاجة إلى ترسانة من القوانين الرادعة في هذا الصدد.
وشدد مهدي الإدريسي؛ على أن خطاب التطرف اليوم هو خطاب عالمي لاسيما من طرف بعض أحزاب اليمين في أوروبا، كما أكد أن مواجهة هذا هذا التطور الخطير تأتي عبر التمسك بمدنية الدولة.
وناقشت الجلسة الثانية "الشعر والأدب ودورهما في نشر ثقافة التسامح والحوار والمواطنة"، وبدأت بكلمة للدكتور خالد عزب، أكد خلالها أن الثقافة العربية تواجه عدة تحديات معقدة، لعل أبرزها تحدي الهوية، في ظل تراجع المشروع القومي العربي، وتصاعد النبرات القطرية.
وتطرق الدكتور خيري دومة؛ الأستاذ بقسم اللغة العربية بكلية الآداب؛ جامعة القاهرة إلى الأدب والتطرف، قائلا: نحن نقرأ القصائد والروايات وغيرها من أشكال الأدب، نستمتع بها، ونشعر أنها تنطوي علي سرها الذي يسحرنا ويغير حالتنا، ومع أن القصيدة أو الرواية ربما تكون قد غيرتنا فعلا، وغيرت إحساسنا بالعالم، فإن الشك يظل يساورنا دائما في مدى جدواها أو قدرتها علي تغيير ما يحيط بنا من واقع سييء.
وأكمل حديثه قائلا أنه ما من شك في أن الأدب يغير الواقع في كثير من الأحيان، لكن ما يقوم به من تغيير يتصف بخصائص محددة، أولاها أنه يجري علي المستوي العميق لعقل المتلقي ووجدانه، والثانية أنه يجري ببطء وعلي مهل، والثالثة أنه تغيير يجري علي أساس من اتصال فردي بين كاتب وقارئ يلتقيان علي صفحات نص أدبي يصنع عالما متخيلا، ومن مجموع الأفراد الذين قرأوا عملا أدبيا ما، فيمكن أن يحدث تغيير علي مستوي جماعي في فترة محددة، أو علي الأقل مستوي يتجاوز الفرد إليّ المجتمع في عمومه.
ومن جانبه أكد الدكتور محمود عزت؛ نائب مدير إدارة المشروعات الخاصة بمكتبة الإسكندرية أن الدول والمجتمعات العربية في حاجة إلى إعادة النظر في البيئة الاجتماعية والثقافية السائدة لتنشئ عزيمة جدية لتحسين حياتها ومنظومتها الاقتصادية والسياسية على النحو الذي يحسن حياتها ويحقق كرامتها.
وأضاف أن أضعف الإيمان فيما يمكن فعله في هذا المجال هو مؤتمرات ومنصات النقد للتطرف والعنف والرد عليهما وإثبات عدم صحة علاقتهما بكل ما هو عربي وكل ما هو إسلامي.