قال الكاتب الصحفي عمرو الخياط رئيس تحرير أخبار اليوم في مقاله نقطة فوق حرف ساخن" وتحت عنوان «انتهي الدرس يا قطر.. عــلى من سيرســو العطاء؟! » .. واحد وعشرون عامًا مرت على قناة الجزيرة من مقرها بالدوحة، قناة صنعت دولة ومنحتها تمددًا إعلاميًا فاق حجمها الجغرافي وتفوق علي قدرتها السياسية، منحتها تأثيرًا دوليًا لم يسبق لقناة أن منحتها لدولة أو حتي لاتحاد مجموعة من الدول.. الجزيرة المحاطة بالمياه من كل جوانبها يبدو أن لها نصيبًا من اسمها، بعدما أحاطت الوطن العربي بالكوارث والفتن والانقسام من كل جوانبه.
على قاعدة استهداف الدولة المصرية انطلقت القناة التي اعتقدت أنها نجحت عشية ٢٨ يناير ٢٠١١ في إسقاط الوطن القديم، لم تكن مصادفة أن سيطرت علي إدارتها عناصر التنظيم الدولي الإخواني فليس أقدر علي إسقاط الوطن إلا من لا يؤمن بوجود الوطن.
لقد أصبحت القناة واقعًا فرض نفسه علي تاريخ الدولة القطرية، واحتلت لنفسها مكانًا فاق كيان الدولة ذاتها، حتي إنك وأنت بصدد الحديث عن قطر تجد نفسك قد استدرجت للحديث عن القناة، كما لوكانت المكون الرئيسي لأول دولة تليفزيونية عرفتها الأنظمة السياسية.. انطلقت القناة عبر مدارات الأقمار الصناعية المتعددة لتمنح الدولة القطرية مساحات من التأثير المصطنع، لا يمكن أن يتحملها جسم الدولة الناشئة.
وبالرغم من الأموال الطائلة التي أنفقها النظام القطري فإن وحدة الريموت كنترول لم تكن يومًا في الدوحة، وحدات التحكم عن بعد لم تسيطر علي شاشة القناة فحسب بل سيطرت علي حركة الدولة ونظامها ومستقبلها وتفاعلاتها في محيطها الإقليمي، القناة تسيطر علي الدولة، والريموت يسيطر علي القناة، وآلة الحرب والتفكيك والتخريب تسيطر علي الريموت.
صباح 5 يونيو ٢٠١٧ وتزامنًا مع ذكري النكسة التي لم تكسر الوطن المصري يومًا، استيقظ المصريون علي القرار المصري بقطع كامل العلاقات مع قطر مدعومًا بمقاطعة مماثلة من دول السعودية والبحرين والإمارات، التي أصدرت بيانات استعرضت فيها بنود الجرائم المتورطة فيها قطر بحق الأمن القومي العربي، والتي تكاد لا تذكر مقارنة بصحيفة سوابق الكيان القطري وقناته التي ارتكبت في حق الشعب والدولة المصرية، وبرغم ذلك فقد استقبل المصريون تلك القرارات باعتبارها عقابًا إلهيًا عادلًا لمن ارتكب تلك الجرائم التي لا يمكن أن تغتفر.
في نهاية ذات اليوم كانت دول غير عربية قد انضمت لحملة المقاطعة دون معرفة سابقة بأي سبب للعداء بين تلك الدول وقطر إلا أن الأمر بدا كما لو كان هناك طرف خفي حريص علي توسيع رقعة المقاطعة المباركة بصمت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، إلا أن احدًا لم يهتم بتوقيت المقاطعة التي جاءت بعدما يزيد علي عشرين عامًا أُطلقت خلالها قطر نحو الوطن العربي فأدت مهمتها باقتدار فأجهزت علي القضية الفلسطينية برعاية إعلامية للانقسام بين فتح وحماس، ودمرت العراق ثم ليبيا ثم سوريا.
والغريب أن أبطال المقاطعة -باستثناء مصر - لم يعلن أحد منهم موقفًا صريحًا من التنظيم الدولي للإخوان الذي كان وما زال فاعلًا رئيسيًا في عملية التفكيك من القاعدة القطرية التي يبدو أن دورها قد انتهي، وصدرت التعليمات للاعبيها القدامي بالانتقال إلي ملعبهم الجديد إيذانًا بجولة جديدة من قاعدة جديدة. عملية تسليم وتسلم قيادة الفوضي في المنطقة التي تتم في الخفاء، بينما المقاطعون منشغلون بقطر المقالة المستقيلة التي حصلت علي مكافأة نهاية الخدمة واجبة التحصيل في ٢٠٢٢، قواعد التخريب الجديدة يتم تجهيزها، حتمًا ستنطلق منصاتها تجاه مصر الصامدة التي أجبرت الجميع علي تغيير قواعد اللعب وتكتيكاته، حتمًا ستكثف القواعد الجديدة ضرباتها لأركان الدولة العميقة ومؤسساتها التي حفظت الوطن وفي المقدمة منها الجيش المصري الذي حال دون سقوط أقدم دولة في التاريخ.
حتمًا سيشارك التنظيم الإخواني بكل قوته في إعادة إحياء الفوضي، لن ينسي ما فعله المصريون لفضح فشله وإرهابه وتخابره، لن ينسي ما فعله المصريون لكشف التنظيم أمام مشغليه في أعتي الأجهزة.
علي من سيرسو العطاء؟، السؤال الملح الذي يستدعي عمليات الرصد المبكر لأجهزة الدولة المصرية وإعلامها، يستدعي تنشيط الذاكرة الجمعية للمخلصين من المصريين، يستدعي رصد أماكن نزوح الإخوان إلي معسكراتهم الجديدة إيذانًا باستئناف مخططات الفوضي والتخريب، انتهي الدرس يا قطر بعد نفاد طرق استخدامك سرًا وعلانية، فلم تحجزي لنفسك مكانًا نظيفًا في التاريخ، ولم تزدد مصر إلا صلابة.