توحيد التعليم

مثلما سجّل التاريخ بمداد الذهب للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الله ثراه صناعة الاتحاد وتوحيد قواته المسلحة، فإن التاريخ سيسجّل وبمداد الذهب أيضا لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله قراره التاريخي بتوحيد التعليم في البيت المتوحد.
فالتعليم اليوم ليس مسألة ثانوية، وإنما هو ركنٌ أساسيٌّ في نهضة الدولة، وتمتين اتحادها، وتعزيز رفاه شعبها، وما خطوة صاحب السمو رئيس الدولة حفظه إلا مدماكٌ جديدٌ يضاف إلى المداميك الحصينة التي تُعلي البنيان المرصوص لهذا البيت المتوحد، والهدف، كما قال سيدي صاحب السمو نائب رئيس الدولة رعاه الله، هو "أن تعمل مدارس الدولة كافة ضمن منظومة متجانسة لتخريج أبناء الإمارات ضمن أفضل المعايير الدولية وبما يلبي تطلعات وتوقعات شعب الإمارات".
ومن يستعرض مسيرة التعليم في الدولة منذ تأسيس الاتحاد يدرك أننا بجهدنا الجمعي وتكاتفنا الوطني حققنا الكثير، لكن العصر يتغير، ولا بد لنا أن نتغير معه لكي نستطيع أن نحقق أهدافنا الطموحة. من هنا فإن توحيد صفوف العملية التعليمية وتقويتها يمثل نقطة انطلاق قوية تتوافق وتتكامل مع غيرها من مبادرات وطنية جليلة ليس أدناها تهيئة المواطن لعصر ما بعد النفط، وعصر استيطان المريخ ولا أقصاها مبادرة الذكرى المئوية.
من هنا يأتي في مكانه تماما قولُ صاحب السمو ولي عهد أبو ظبي نصره الله إن "عملية تعزيز وتطوير التعليم في الدولة يجب أن تتم وفقًا لخطط استراتيجية شاملة ليكون بوابة دخولها إلى المستقبل، والارتقاء بمستوى مخرجاته بما يواكب التطور النوعي والشامل في الدولة".
وسيسجّل التاريخ لقادة هذه اللحظة التاريخية الفاصلة من تاريخ دولتنا أنهم تحلّوا بأنبل صفات القيادة وهم يضعون مستقبل أبنائنا وأجيالنا القادة في مقدمة اهتماماتهم وعلى رأس سلّم أولوياتهم، فقد كان رهان القيادة دائما على أجيال المستقبل، وهو ما انعكس عمليا في مختلف القرارات التي تم اتخاذها في هذا المستوى أو ذاك.
إن توحيد المنظومة التعليمية سيتيح من بين ما يتيح للقيادات التربوية في وزارة التربية والتعليم دمج التجارب الأكثر نجاحا وتعزيز مكامن القوة في كل تجربة، ووضع الجميع على سكة قطار واحدة ينطلق بسرعة الطموحات الإماراتية إلى المستقبل حاملا معه أبناء الإمارات وبناتها، هؤلاء الذي تضع الأمة فيهم ثقتها وطموحاتها وأحلامها لأنهم هم؛ وليس نحن، من سيتعامل مع مخططات المستقبل التي تضعها القيادة مثل عصر ما بعد النفط عام 2050 على سبيل المثال.
وإذا كان "زايد الخير"، يرحمه الله، أطلق قاطرة الاتحاد، وجيشه الواحد، فحقق بفضل الله تعالى ما عجزت دولٌ أخرى عن تحقيقه في أضعاف عمر دولتنا الفتيّة، فإن التاريخ سيسجّل بإذن الله أن "خليفة الخير"، متّعه الله بموفور الصحة والعافية، ومعه عضداه "المحمّدان الخيّران"، وحّدوا أحلام أبنائنا ومستقبلهم حين وحّدوا التعليم! وتذكروا أننا لا زلنا عند مؤشر الـ 10% من طموحات القيادة!
حماكِ الله يا دولة الإمارات، وحماكِ الله يا قيادة الإمارات، وحماكَ الله يا شعب الإمارات.