الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رسميًا.. الأزهر ينتصر لـ«الأطفال» ويجرم زواج القاصرات.. الإمام الأكبر: تحديد «السِن» مُرتبط بتطورات العصر.. والمفتي: القانون يحافظ على الأسرة ومصلحة المرأة.. وخالد الجندي: انتصار كبير

أرشيفية
أرشيفية

  • شيخ الأزهر:
  • تحديد سن الزواج مسألة تخضع لظروف العصر
  • مفتي الجمهورية:
  • المفتي: زواج القاصرات ظلم وإجرام في حق الأطفال
  • وزير الأوقاف:
  • زواج القاصرات مُخالف للشرع وجريمة يُحاسب عليها كل المشاركين فيها

وافق مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر في اجتماعه الأخير الثلاثاء الماضي، على مقترح قانون تجريم زواج القاصرات -الفتاة التي لم تبلغ 18 عامًا-، المُقدم من وزارتي «العدل والصحة»، وبدوره وافق المجمع من الناحية الشرعية والدينية على تجريم هذا الزواج، لأنه لم يأمر به الشرع ويجلب الضرر للقاصرات لأنهن لسن على مسئولية كافية بأمور الزواج.

ويرصد «صدى البلد» في هذا التحقيق، حكم زواج القاصرات، وهل أمر الشرع به، وما مدى مشروعية سن قانون بتجريم ذلك، وأكد «علماء الدين»، أن زواج القاصرات جريمة وكارثة، ولا بد من سن قانون يعاقب كل من شارك فيه. 

وقال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن قضية تحديد سن الزواج مسألة تخضع لظروف العصر ويكون لها حكم مُختلف، مشيرًا إلى أن مسألة زواج القاصرات كانت محل خلاف بين العلماء قديمًا، وإن أجازه غالبية الفقهاء، والبعض منعه، والبعض جعل العقد فيه باطلًا ولا تترتب عليه أي آثار شرعية.

وأوضح «الطيب»، أن الأمانة العلمية حتمت عرض أوجه الخلاف بين العلماء وأسبابهم، مشيرًا إلى أنه بالنظر إلى مقاصد الشريعة إلى الزواج، نجدها تقف إلى جوار هؤلاء المانعين، حيث يكون الزواج بين طرفين لا يعرفان معنى الزواج أو على الأقل أحدهما لا يعني بالمسئولية، وبعد البلوغ تتغير نظرته إلى الزواج وقد تتحول الحياة إلى جحيم، حين يدرك ويعي، مشيرًا إلى أن زواج القاصرات يكون فيه نوع من المخاطرة.

وفسر شيخ الأزهر، سبب ذهاب الفقهاء إلى جواز زواج القاصرات، أن هذا النوع من الزواج كان موجودًا أو شبه موجود في المجتمع.

وفرّق الإمام الأكبر بين القاصرات بمعنيين، أولهما بمعنى ما دون البلوغ، وثانيهما بعد البلوغ مباشرة، دون اكتمال الفترة، التي تكون فيها الفتاة مستعدة ومهيأة نفسيًا وعقليًا للزواج، قائلًا: لا أظن أن زواج القاصرات ما دون البلوغ كان موجودًا أو حدث من قبل، وإنما ما ساد هو زواج الفتاة بعد البلوغ مباشرة، أو تنتظر حتى تبلغ.

ونوه الدكتور أحمد الطيب، بأن هناك زواجًا بمعنى إبرام عقد، لمصالح معظمها مادية ومالية، بأن تكون الفتاة مُسماه لابن عمها، وعادة ما يكون الطرفان قُصر.

لا نص صريح يبيح أو يمنع:

وأكد شيخ الأزهر، أنه لا يوجد نص صريح لا فى القرآن ولا فى السنة يبيح زواج القاصرات أو يمنعه، موضحًا أن ما جعل الفقهاء يتصدون لهذه الظاهرة أنها توجد أحيانًا فلابد أن يواكبها بتشريعات من هنا يوجد فراغ تشريعي ولا يوجد نص يأمر أو ينهى بالنسبة للصغيرة وأحيانًا يحدث عقد على صغيرات قبل البلوغ توجهًا بتلك الأحكام، ومع ذلك وجدنا الخلاف منهم من أجاز ومنهم من منع وقال إنه عقد باطل ولا يترتب عليه أى أثر بمعنى إن مات أحدهما لا يرث الآخر.

زواج القاصرات ظلم:

شدد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، على أن زواج القاصرات ظلمٌ وإجرامٌ في حق الأطفال ولا ينبغي عقد زواج إلا في الإطار القانوني حتى لا تتعرض حقوق المرأة ومؤسسة الأسرة للخطر.

ونبه مفتي الجمهورية، على أن زواج القاصرات يُعد جريمة، ولا يجب على الأهالى أن يتحايلوا على القانون من أجل زواج بناتهم، وما يحدث من زواج القاصرات فهو أمر خطير يجب التصدى له بالتوعية من قبل جميع الهيئات والمؤسسات المعنية، وكذلك بسن القوانين الرادعة التى تحفظ حقوق الأطفال والفتيات من الوقوع فى هذا الخطر.

واستطرد: فحينما قال الرسول للشباب: «من استطاع منكم الباءة فليتزوج»، ليس معنى هذا القدرة الجسدية أو البلوغ فقط، لكنه يتضمن الوصول إلى سن الرشد والمسئولية».

البلوغ لا يوجب الزواج:

لفت الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إلى أن بلوغ الرجل أو الفتاة وحده لا يوجب الزواج، فالقدرة على الزواج ليست قاصرة على القدرة الجسدية فقط، وإنما بالمقومات الأخرى من القدرة على الإنفاق والوعي والفهم، والتي تضمن بناء الأسرة بناءً صحيحًا.

وذكر وزير الأوقاف، أن الزواج ميثاق غليظ، ومن لا يعي معناه يُعد غير مؤهل للزواج، لذا نستمر في عقد دورات تثقيفية للشباب، فإذا أقدم الشاب على بناء الأسرة دون أن يكون مؤهلًا فكريًا ونفسيًا وثقافيًا وقادرًا ماديًا، فإن مصير كثير من الأسر إلى طلاق مبكر وتشتيت أطفال وأطفال شوارع.

زواج القاصرات مخالف للشرع:

واعتبر وزير الأوقاف، أن زواج القاصرات مُخالف للشرع جريمة يُحاسب عليها الأب وكل من ساهم وشارك فيها، مشيرًا إلى أنه لابد أن تكون الفتاة عاقلة وقادرة على التمييز وأن تُستشار ولا تُجبر في زواجها، وكي يحدث هذا ينبغي أن تكون ناضجة، فالأب الذي يُزوج ابنته القاصر التي لا تعي معنى بناء الأسرة والزواج، فهو ظالم لنفسه ولابنته وللمجتمع، لأنه يؤدي إلى التشتيت.

«الفتوى هي ما عليه القانون»: 

ورأى أن الفتوى هي ما عليه القانون والعُرف ما يتعارف عليه الناس، منوهًا بما أن القرآن والسُنة النبوية لم يُحددا سنًا مُلزمًا للزواج، فصار الأمر من المُتغيرات التي قد تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال، والقدرة على تحمل تبعات الزواج، فإذا تعارف الناس على عرف، فيكون العرف أحد أهم الضوابط التي تُراعى، فما بالنا إذا أصبح العرف قانونًا، مشيرًا إلى أن باب كبير من الفساد فتح على المجتمعات بسبب الفتاوى الخاطئة التي ترى تعارضًا بين الشرع والقانون في هذه المسألة دون علمهم بالشرع ولا القانون.

وتابع: أن دخول غير المتخصصين وإقحام أنفسهم على الفتوى والدعوى، مؤكدًا أن الفتوى بمخالفة القانون للشرع في مسألة زواج القاصرات يفتح أبوابًا واسعة من الفوضى لا تُسد.

زواج القاصرات كارثة:

قالت الدكتورة نادية عمارة، الداعية الإسلامية، إن زواج القاصرات يعد كارثة، منبهة على كثرة انتشاره في المجتمع المصري.

وألمحت «عمارة»، إلى أن الإحصاءات الرسمية لزواج الفتيات القاصرات الأقل من 15 عامًا بلغت أرقامًا كبيرة جدًا فى وقتنا هذا، مشددة على أن هذا الأمر يعد كارثة، خاصة فى ظل وجود بعض من يقول بأن ذلك جزء من الشرعية الإسلامية، مؤكدة أن الشريعة الإسلامية بريئة من ذلك.

وتابعت: أن هناك أمورًا ثابتة وأخرى مُتغيرة فى الشريعة الإسلامية، ومن المتغيرات حسب المكان والزمان والظروف والأشخاص، ينظرون فيها المتخصصون من علماء الدين، فلا يمكن الحكم على القضايا التى كان لها وضعها فى زمن النبى -صلى الله عليه وسلم بعين الحاضر-، مضيفة: «فهم أصول الحديث يجعلنا نفهم معنى الأحاديث النبوية ولا يجعلنا نزج بفتياتنا زجًا إلى الزواج المبكر كون الدين من هذا براء».

وأردفت: أن هناك فارقًا بين تحرير عقد الزواج والدخول بالزوجة، موضحة أنه فى زمن النبى -صلى الله عليه وسلم- كان العرب يعقدون عقد الزواج فى سن مبكرة، وعندما تكون الفتاة تطيق النكاح يتم الدخول.

وطالبت الداعية الإسلامية، الجميع بضرورة الوقوف على السلبيات المترتبة على الزواج المبكر والتعمق فيها ثم عرضها على الشريعة الإسلامية هل تقبل بها أم لا،مضيفة: «بالتأكيد الشريعة لا تقبل الأضرار وعليه يجب أن نسير على الحق والدين الإسلامى الذى يحض على الحفاظ على كرامة الإنسان سواء فتاة أو شاب والحفاظ عليه».

القانون انتصار كبير:
وقال الشيخ خالد الجندي، الداعية الإسلامي، إن موافقة مجمع البحوث الإسلامية على هذا المقترح تعد انتصارًا كبيرًا، ونعمة كبيرة أنعم الله بها علينا.