الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

م. أحمد اليمنى يكتب: الإرث الرقمى!!

صدى البلد

الجميع يعرف كلمة "الإرث" ومعناها الدارج "الميراث" فالمنتقل إلى العالم الأخر فى الغالب ما يترك شيئأ للورثة من متاع الحياة كالأموال أو العقارات وما إلى ذلك، وربما كان الإرث أعظم من ذلك لو أنه ترك علما، وفى جميع الأحوال فالمتروك مادى ملموس يمكن لمسه ومن ثم تقسيمه، حتى لو كان علما فهذا العلم مدون فى كتب وقد يكون له حقوق طبع ونشر وتدخل فى الميراث الشرعى للورثة، ويبدوا أن هذا المفهوم قد تغير فى عصرنا الحديث واصبح للسحابة المعلوماتية نصيب فى المواريث.
أكتب هذا عندما قرأت خبرا مفادة : رفع زوجان في برلين عام 2015 دعوى قضائية ضد موقع فيسبوك للحصول على إمكانية الدخول على حساب إبنتهما المتوفاة. والإشكالية هي هل المحتويات الرقمية يمكن إرثها مثل المقتنيات العادية الأخرى؟
القصة تبدأ بشك الأبوين فى طريقة وفاه ابنتهما مما دفعهما لمحاولة ازالة هذا الغموض عن الحادث، وكان من المنطقى محاولة الحصول على بيانات حسابات موقعها على فيسبوك فربما كان هناك جوابا، وسريعا ما جاءت الفكرة للأبوين أن هذا الحساب وان كان شيئا غير مادى ولا يُصنف فى عداد التركة إلا ان العقل يقول أنه من التركة ويكون القرار للمحكمة، فهى التى ستجبر القائمين على موقع فيسبوك بتسلم والدى المتوفاة بيانات الدخول على حساب ابنتهما. وبالفعل كان قرار المحكمة تسوية الخلاف بين الطرفين لمدة اسبوعين وبعدها أقرت محكمة برلين في صالح الأبوين بحكم أنهما الوريثين الوحيدين وأمرت بأن يسمح فيسبوك للأبوين بالدخول على حساب البنت المتوفاة.
هذه الواقعة وإن كانت لا تعدو كونها مشكلة بسيطة وانتهت إلا أنها كانت بمثابة اشارة للعديد من الجهات لاعادة ترتيب أوراقها. فقد لا يكون الأمر مقتصرا على مواقع تواصل اجتماعى ولكنه قد يتمتد ليشمل الأصول الرقمية والشهادات الرقمية وحقوق استخدام برامج أو مواقع وتراخيص البرمجيات، وقد لا تسعنا السطور لدرج كل ما هو رقمى يمكن أن يقع تحت تصنيف الميراث الرقمى. ناهيك عن حق أصيل للمتوفى وهو "حقه فى أن يُنسى" .. فكيف يحصل على حقه هذا فى ظل عالم رقمى؟
ففى المجال المعلوماتى لجأت بعض الشركات وعلى رأسها الشركة صاحبة الخصومة إلى استحداث طريقة لغلق الحساب بعد وفاة الأشخاص، حتى لا تتعرض الشركة لمثل هذه القضايا بعد ذلك، ومن بين هذه الإمكانيات حذف الحساب كليا. أو أن يحول الحساب لما يسمى ب "حالة تذكارية" . فعندما يموت المستخدم يظهر بجانب اسمه كلمة “في الذاكرة” ويمكن للأصدقاء والعائلة أن يتبادلوا تلك الذكريات. وبيانات المستخدم قبل وفاته، وأيضا من ضمن الامكانيات أن يقول الشخص بوضع اسم شخص يحق له التصرف فى الحساب أو غلقة بعد وفاته وغالبا يكون من المقربين، هذا فى الشق المعلوماتى.
وأما فى الشق الشرعى، فالسؤال الذى يطرح نفسه الآن وخصوصا فى الدين الإسلامى: هل يُعد الملك الالكترونى المعلوماتى إرثا؟
وعلى الجانب القانونى وخاصة فى القانون المصرى : هل يُعد الملك الالكترونى المعلوماتى إرثا؟
أعتقد أن هذه الأسئلة سيظل الباب مفتوحا فيها لمدة قد تطول ..
وربما لم اجد خاتمة لهذا المقال إلا أن أردد البيت القائل : " مامن كاتب إلا سيفنى ويبقي الدهر ماكتبت يداه فلا تكتب بكفك غير شيئ يسرك في القيامة."