قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

بالصور.. رسام الحي الشعبي والمسلسلات.. صلاح «فنان الشارع» بخشبة وقلم رصاص

صلاح القاضي رسام الشارع
صلاح القاضي رسام الشارع

على مدار 30 عامًا، امتهن صلاح القاضي مهنة الرسم، وجد في نفسه الموهبة منذ نعومة أظافره، أصر على تنمية موهبته بـ"كورس" للدراسات الحرة في كلية الفنون الجميلة عام 1984، واصل القاضي مسيرة التأكيد على الموهبة، حتى جاءت لحظة الاحتراف والانطلاق في عام 1990، ليبدأ العمل رسامًا في حي مسطرد الشعبي بمدينة شبرا الخيمة، قبل أن يستقر به المقام في منطقة كوبري عز الشعبية بالهرم.

"اتعلمت في الكلية إزاي ارسم طبيعة صامتة، ومنظر طبيعي، وأنواع خط النسخ والرقعة والفارسي، لكن تركيزي كله في الرسم اللي كنت مهتم به، وأنا من صغري بقلد الرسومات، وبعد كده كبرت معايا". يتحدث صلاح القاضي الرجل الستيني، فيما تتحرك أصابع يده في حركة رشيقة ودائرية على الوجه المرسوم بالقلم الرصاص الذي يتوسط الحامل الخشبي العتيد، وهو يجلس على كرسي بلاستيكي على ناصية حارة بشارع المنصورية.




بقلمٍ رصاص وآخر ملون وورق من نوع "فبريانو"، يرسم القاضي لوحاته، فيما تحيطه أصوات الباعة الجائلين، ونبح الكلاب، ولهو الصبية الصغار، وصوت يأتي من بعيد يقطع عمله " أزيك يا عم صلاح يا فنان"، فيبتسم القاضي ويلوح للمنادي بيده مواصلًا عمله " هنا الناس بيقولولي يا فنان، حتى اللي في العربية رايح جاي ينادوني يا فنان".

الشارع بالنسبة للقاضي هو حياته، مصدر رزقه، أو إن شئت فقل معرض لوحاته للمارة من الشباب والشيوخ والصغار " أنا مينفعش أقعد في محل، لأنه محدش هيشوفني، فأنا شغلي بييجي من مجرد النظر، بييجي لي شغل من كل حتة، ومن الناس اللي رايحة المنيب أو المعادي من على الطريق ده"، يشير القاضي إلى الطريق ثم يشيح بوجهه مرة أخرى إلى اللوحة لاستكمال رسم "بورتريه" لسيدة خمسينية طغت عليها ملامح الأمومة وعلامات الزمن.

بشكل غير ثابت، يستقبل القاضي طلبات المارة برسم لوحات يهادون بها أحبائهم في مناسبات عيد الحب أو الأم، ومن دون مناسبة أيضًا، فتارة يكون المرسوم أمًا، وأخرى يكون حبيبًا أو حبيبة وهلم جرًا.. وأغلب اللوحات المرسومة عبارة عن "بورتريهات" يعكف القاضي على تحديد ملامحها بواسطة جهاز "بروجيكتور" في منزله، مختص بتحديد ملامح الشخص ومقاس الصورة، ثم يشرع القاضي في إلقاء الظلال على ملامح الشخصية، سواء بالأبيض أو الأسود أو الألوان، وحسب الألوان تتفاوت أسعار اللوحة التي تبدأ بأسعار 100 جنيهًا للرسم بالرصاص، و150 جنيهًا للرسم بالألوان، وبعد الانتهاء من الرسم يحتفظ القاضي باللوحة في كيس بلاستيكي كبير أصفر اللون، لحين تسليمها للمشتري.


لم تعدْ المهنة بعوائدها المادية الكافية على القاضي، فيوم يعمل وأيام أخرى لا يعمل ورغم ذلك " بنزل اقعد في الشارع مش بحب أقعد في البيت" يقول القاضي الذي لم تراوده فكرة التخلي عن مهنته أبدًا نظرًا للأسباب الاقتصادية " كله بياخد رزقه، وربنا بيديني على قد شغلي، هي دي شغلتي اللي بفهم فيها، أول حاجة بدأتها ومش بلاقي نفسي غير فيها".

في حياة القاضي أسرار كثيرة، احتفظ ببعض منها وأجاد بالبعض الآخر، فما زال الرجل الستيني يتذكر بعض من أعماله التي عرضت في مسلسلات وأعمال فنية، صحيح أن ظهورها كان بسيطًا، لكن حفرت في ذهن القاضي ذكرىات طيبة "أنا اشتغلت في مسلسل تاجر السعادة لخالد صالح، كان في بداية المسلسل رسام بيرسم وأنا اقوم بتوجيه، كمان عملت صور مرسومة لأحمد بدير وأحمد رزق ظهرت في مسلسلات ليهم بس مش فاكر إسمها إيه، ومسلسل حارة اليهود لمنة شلبي، في المسلسل أهدت هدت لصاحبتها بورتريه، وأنا اللي كنت رسمته"، يضيف القاضي فيما ظهرت على جبينه موجات من تجاعيد بشرته السمراء إثر ضحكة صاحبت حديثه وهو يتحدث عن أعماله.


يفرغ القاضي يده من إحدى اللوحات، ويسلم أحد المشترين لوحة صغيرة، ثم يتكأ بيده على الكرسي، واضعًا رأسه على مقدمة كفه قائلًا :"لما بكون مضايق بطلع أحلى شغل، ولما أكون مخنوق أو شغال في حاجة اركز فيها جامد تطلع أحلى حاجة، مبحبش أسلم نفسي أبدًا للزعل".