الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبراهيم عطيان يكتب: مثلث برمودا الجزء السادس

صدى البلد

بعد أن استدعاه اللواء سليم 

يأتي الضابط ياسين حاملًا بيده بعض الأوراق يرجح أن تكون تقارير خاصة بالعملية التي تم الانتهاء من تنفيذها، 
فيتوقف قليلًا لتعديل ملابسه ورابطة العنق أمام الباب قبل الدخول ثم يدق الباب فيدخل قائلًا: 

أوامرك يا سيادة اللواء، خير يا أفندم؟

فيقابله اللواء سليم بابتسامته المعهوده، ويطلب منه الجلوس أولًا، ثم يسأله: تشرب شاي معايا؟ 
يبتسم ياسين ثم يقول : ياريت يا افندم لأن أنا في الحقيقة هنام على نفسي وسايب الشاي في المكتب، ملحقتش أشربه لما طلبتني.
بس الأول طمني سيادتك عايزني في إيه. 
اللواء سليم: لازم تكون عارف إننا شايلين مسؤولية بلد بالكامل 
ولو فشلنا ولا خسرنا لا قدر الله مش هنبقى لوحدنا الخسرانين،
البلد بالكامل متعلقة في رقابنا، ودي مصر مش أي بلد. 
ثم يبدأ في إطلاعه على رد فعل القيادة على ما تم إنجازه 
والأثر الإيجابي لنجاح العملية وإتمامها في الوقت المحدد. 
فاللواء سليم دائم الحرص على تشجيع فريق العمل الخاص به 
من خلال إطلاعهم على النتائج ومشاركتهم الأفكار، واستطلاع الأراء، كما يميل إلى توضيح توقعاته لفريق العمل بشكل مستمر،
مما يُقلل من حدة التوتر والقلق ويزيد من الإنتاجية، 
ويُبقيه على اتصال دائم مع فريقه. 
كما أنه لا يخفي تعاطفه مع الآخرين وتفهم مشاعرهم المختلفة
ومن ثم مشاركتهم تلك المشاعر، مما يولّد علاقة أفضل بينهم.
ولعل هذا هو السبب في إدارة اللواء سليم للمكان بنجاح،
وتحقيق أفضل النتائج. 
اللواء سليم: تعالى معايا يا بطل خلينا نشوفهم عاملين ايه.
ياسين بصوت منخفض: طيب والشاي؟
اللواء سليم : بتقول حاجة يا ياسين؟
ياسين: لا لا يا افندم مفيش حاجة. 
- طيب يلا عايز أشوفهم بنفسي، ثم انتصب اللواء واقفًا وأخذ يخطو نحو خزانة بها بعض الأوراق والملفات داخل مكتبه، 
فأخذ يقلب فيها ويبحث بين الأوراق محدثًا الضابط ياسين الذي يقف من خلفه فيقول:
انت طبعًا عارف إن اللي جاي هو الأهم والأصعب في العملية.
عشان كده عايزك دايمًا مركز ولو احتاجت أي حاجة كلمني في أي وقت حتى لو في البيت. 
ثم يلتفت نحو ياسين عائدًا للنظر في وجهه قبل أن يقول:
أنا عارف إنك من امبارح هنا مرجعتش بيتك. 
عشان كده هتيجي معايا دلوقتي نشوفهم وبعدين ترجع بيتك على طول تريح وتشرب الشاي بتاعك هناك؛ عشان عايزك فايق. 
القيادة دلوقتي في قمة السعادة بعد نجاح المرحلة الأولى من المهمة، لكنهم منتظرين تنفيذ المرحلة اللي بعد كده. 
ثم يخرج اللواء سليم والضابط ياسين متجهين إلى مكان ما يبدو أنه غرفة مجهزة يمكن من خلالها مراقبة ما يحدث في مكان أخر خارج المبنى بدقة عبر الشاشات. 
وما هي إلاّ لحظات قليلة بعد خروج اللواء ومساعده ياسين حتى حضر رجل مسن يدعى عم عبده عامل البوفيه
حاملًا الشاي، لكن حارس المكتب يمنعه من الدخول قائلًا: 
سيادة اللواء سليم مش في مكتبه يا عم عبده.
عم عبده: هو أنت مش طلبت مني شاي دلوقتي يا حمدي؟
حمدي: أيوه يا عم عبده، بس سيادة اللواء لسه خارج حالًا. 
فيبتسم عم عبده محدثًا نفسه كأنه يريد أن يخبرنا:
مش هتتغير أبدًا يا سيادة اللواء!!
ممكن تسيب كل حاجة إلا شغلك.
فيرد حمدي حارس المكتب: انت بتكلم نفسك يا عم عبده؟
عم عبده مبتسمًا: يا حمدي يابني أنت أصلك لسه صغير متعرفش حاجة ولا تعرف سيادة اللواء كويس إنما أنا أعرفه من زمان.
طول عمره نشيط وشغله أهم حاجة عنده. 
أي حاجة ممكن تتأجل عادي زي الشاي كده، إنما الشغل مش ممكن. 
- الحارس: يمكن نسي يا عم عبده متكبرش الموضوع.
- عم عبده يبتسم ثم يدنو قليلًا من أذن حمدي قائلًا:
مش قولتلك أنت لسه صغير يا حمدي،
سيادة اللواء مبينساش حاجة يا حمدي، ثم يعود حاملًا الشاي. 
بينما على الجانب الأخر وفي تلك اللحظة يدخل اللواء سليم والضابط ياسين غرفة ما، ثم ينظر من شاشة المراقبة ليلقي نظرة على مجموعة من الأشخاص يرقدون على أسرة المرضى، في مكان سري داخل مبنى عسكري غير معلوم، لكنه يبدو شديد الأهمية؛ فهو محاط بقدر كبير من الجنود وأبراج المراقبة والحراسات المشددة. 
فيعلق اللواء سليم على هذا المشهد قائلًا: يااااااه 
والله زمان يا برمودا 
كان فاكر إنه بعيد ومش هيتحاسب على جرايمه، لكن لكل بداية
نهاية والغيبة مهما طالت لابد من العودة في يوم من الأيام. 
- هي دي سنة الحياة. 
ياسين: سيادتك معاك حق. 
اللواء سليم: أنا قرأت قبل كده فقرة في كتاب وقع في ايدي بالصدفة؛ لأن الكاتب كان مغمور، لكن عجبني كلامه جدًا لما قال:
الدنيا ذهاب ثم عودة والعاقل فيها من يتعلم الدرس ممن سبقوه، ويأخذ العبرة من أخطاء وتجارب الغير، فجملة الكوارث والأفاعيل التي حدثت ومازالت تحدث إلى الآن ظل الفاعل فيها والعامل المشترك هو قلة الوعي والإدراك،
فكيف لو لم يكن الوعي موجودًا من الأساس؟ 
ستنمو بيكتريا التطرف والمغالاة وتتكاثر عندما تجد لنفسها بيئة تحتضنها بين أستار الظلام، ومستنقعات التخلف والجهل. 
وبعد لحظات يدق هاتف اللواء فيجيب: أيوه يا علاء في جديد؟ 
- طيب كويس خليك متابع وبلغني بأي جديد. 
ثم تنتهي المكالمة فيقول اللواء: تابعهم كويس يا ياسين، 
خلي عينك دايمًا عليهم.
مرحلة العلاج عايزك تشرف عليها بنفسك، مش عايز أي اهمال.
انت فاهم يا ياسين؟
عايزهم يشدوا حيلهم بسرعة ويرجعوا أقوى من الأول.
ياسين: أوامرك يا افندم، اطمئن سعادتك الدكتور ماجد أصلًا متحمس للموضوع جدًا جدًا، ومش محتاج متابعة. 
أكيد سعادتك مش ناسي إنها فكرته من الأساس وبيشتغل عليها من مدة طويلة، يعني لو هنا واحد بس ممكن يكون متهم بنجاح المهمة أكيد هيكون هو الدكتور ماجد. 
اللواء سليم: أيوه طبعًا عارف كل ده وواثق جدًا في إمكاناته وشغله، وعارف كمان إن نجاحنا يُعتبر نجاح لماجد نفسه قبلنا. 
بس انت عارف إن المهمة مش سهلة، ومينفعش يكون فيها أي احتمال للخطأ؛ عشان كده لازم تتابع بنفسك وتبلغني بكل التفاصيل مهما كانت بسيطة. 
لأن أي خطوة هنخطيها في المهمة دي بالذات يا ياسين لازم تكون محسوبة الأول بمنتهى الدقة. 
ثم يخرج اللواء والضابط ياسين من خلفه متجهًا إلى مكتبه
قائلًا: عايز تقرير مفصل بحالتهم يكون على مكتبي بكره الصبح، 
مش عايز غلطة واحدة يا ياسين، 
لازم تعرف إن الرئيس بنفسه متابع العملية ومنتظر النتائج. 
ياسين: إن شاء الله يا افندم،
اطمئن يا سيادة اللواء احنا هنواصل الليل بالنهار
وأنا بنفسي هتابع علاجهم وأبلغ سيادتك بكل حاجة.
عاد اللواء سليم ومساعده ياسين إلى المكتب ثانية، 
وقبل أن يدخلا يقترب اللواء سليم من الحارس قليلًا ويسأله: 
فين الشاي يا حمدي؟ أنت نسيت ولا إيه؟ 
ثم يدخل اللواء مكتبه وبصحبته الضابط ياسين
فيؤدي الحارس التحية العسكرية مرة أخرى وقد علت البسمة وجهه، ثم يردد ما قاله عم عبده منذ قليل وبنفس الصوت : 
سيادة اللواء مبينساش حاجة يا حمدي.