الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بدلا من إرسال المصريين للخارج.. قصة إنشاء جامعة القاهرة باكتتاب 4 آلاف جنيه

جامعة القاهرة
جامعة القاهرة

في الحادي والعشرين من ديسمبر وقبل 111 عاما تأسست جامعة القاهرة كجامعة أهلية بعد جهود كبيرة من قبل قيادات الحركة الوطنية المصرية وقتها لإنشاء كيان علمي بدلًا من إرسال المصريين في بعثات خارجية للتعليم.

فمع اشتداد ساعد الحركة الوطنية المصرية في أوائل القرن العشرين انبرت نخبة من قادة العمل الوطني ورواد حركة التنوير والفكر الاجتماعي في مصر أمثال محمد عبده، ومصطفى كامل، ومحمد فريد، وقاسم أمين، وسعد زغلول، لتحقيق حلم طالما داعب خيال أبناء هذا الوطن، وهو إنشاء جامعة تنهض بالبلاد في شتى مناحي الحياة، وتكون منارة للفكر الحر وأساس للنهضة العلمية وجسر يصل البلاد بمنابع العلم الحديث، وبوتقة تعد فيها الكوادر اللازمة في كافة التخصصات لمشاركة العالم في تقدمه العلمي.

في منزل سعد زغلول

وتم الاجتماع فى منزل سعد زغلول بجهة الإنشاء، وأيد الحاضرون اكتتابهم للجامعة، واتفقوا على عدة قرارات، كان أولها انتخاب اللجنة التحضيرية التى مثل فيها سعد زغلول وكيلًا للرئيس العام، وقاسم أمين سكرتيرًا للجنة، وأسندت أمانة الصندوق إلى حسن سعيد الذى كان يعمل وكيلا بالبنك الألمانى الشرقى.

كما حددوا ثمانية أعضاء آخرين، ولم يتم اختيار الرئيس العام، واقترحوا تأجيله إلى جلسة أخرى، واستقروا على تسمية الجامعة بـ الجامعة المصرية، وأن تنشر جميع قراراتهم ودعوتهم للناس للمساهمة فى إقامة هذه المؤسسة، بجميع الصحف المحلية عربية كانت أم أجنبية، وبعد الجلسة وقع جميع المكتتبين على المبالغ التى تبرع أو يشرع فى التبرع بها كل منهم، وبلغ الإجمالى من هذه الاكتتابات 4485 جنيها.

معارضة الإنجليز

ولكن هذه الفكرة وجدت معارضة شديدة من جانب سلطات الاحتلال البريطانى خاصة من عميدها اللورد كرومر الذي أدرك أن إنشاء جامعة في مصر يعنى إيجاد طبقة مثقفة من المصريين تدرك أن الاستقلال ليس مجرد تحرير الأرض، وإنما هو تحرير الشخصية المصرية وانطلاق بها في مراقى المدينة والحضارة.

وحرصًا من جانب القائمين على تنفيذ الفكرة، أعلنوا فى نص الدعوة للمشروع والذى نشرته جميع الصحف أن الجامعة ليس لها صبغة سياسية، ولا علاقة لها برجال السياسة، ولا المشتغلين بها، فلا يدخل فى إدارتها ولا فى دروسها ما يمس بها، على أى وجه كان، وأن الهدف من إنشائها إنما لتكون مدرسة لتعليم العلوم والآداب لكل طالب علم مهما كان جنسه ودينه.

افتتاح الجامعة

وعلى الرغم من ذلك فإن هذه المعارضة لم تفت في عضد المتحمسين للفكرة، فسرعان ما أخذ بزمام المسألة لجنة من الوطنيين الذين بذلوا التضحيات وتحملوا المشاق حتى خرجت الفكرة إلى النور وأصبحت واقع ملموس، وتم افتتاح الجامعة المصرية كجامعة أهلية في الحادي والعشرين من ديسمبر 1908 في حفل مهيب أقيم بقاعة مجلس شورى القوانين بحضرة الخديوي عباس حلمي الثاني وبعض رجالات الدولة وأعيانها، وكان أول رئيس للجامعة الأمير أحمد فؤاد آنذاك الذي أصبح ملكًا لمصر فيما بعد.

وفي مساء يوم الافتتاح بدأت الدراسة في الجامعة على هيئة محاضرات، ولما لم يكن قد خصص لها مقر دائم وقتذاك فقد كانت المحاضرات تلقى في قاعات متفرقة كان يعلن عنها في الصحف اليومية كقاعة مجلس شورى القوانين، ونادى المدارس العليا، ودار الجريدة حتى اتخذت الجامعة لها مكانا في سراى الخواجة نستور جناكليس الذي تشغله الجامعة الأمريكية بالقاهرة حاليًا.