السعودية ترفع شعار الثقافة صانعة التغيير.. إطلاق برنامج الإقامة الفنية وترميم الآثار

أحلام وطموحات واستراتيجيات .. خطط وتنفيذ وتحرك سريع .. تسير خطة المملكة العربية السعودية في ملف الثقافة بوتيرة متسارعة وتنوعت الأنشطة والفعاليات الثقافية ما بين معارض للكتاب ومهرجانات فنية وثقافية وفلكلورية ومعارض للفنون فضلا عن خطة لترميم المباني التراثية والتاريخية.
تعكس الفعاليات المتنوعة التي أعلنت عنها وزارة الثقافة السعودية رؤية المملكة 2030 التي تسعى لتكريس الثقافة باعتبارها نمط حياة من أجل النمو الاقتصادي ومن ناحية أخرى لتعزيز مكانة المملكة الدولية على الصعيد الثقافي.
برنامج الإقامة الفنية
تضمّنت خطة وزارة الثقافة السعودية عدة مبادرات من أبرزها تأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، وإنشاء صندوق «نمو» الثقافي، وإطلاق برنامج الابتعاث الثقافي، وتطوير المكتبات العامة، وإقامة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي ومؤخرا تم الإعلان عن إطلاق برنامج الإقامة الفنية للفنانين ضمن مبادرات جودة الحياة أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030.
وتستضيف وزارة الثقافة السعودية خلاله الفنانين والنقاد السعوديين والعالميين في أماكن إقامة داخل المملكة وفي فترات محددة بهدف خلق بيئة مناسبة للحوار الثقافي وتبادل المعارف والخبرات، وذلك في سياق التزامها برعاية وتطوير المواهب الفنية في مختلف مجالات الإبداع.
وتأتي انطلاقة البرنامج بعنوان "إقامة فنية: البلد"، حيث ستستضيف منطقة البلد في جدة التاريخية دورات البرنامج –مدة كل دورة ستة أسابيع- سيتم التركيز فيها على التوعية الاجتماعية والتطوير المهني والتفكير النقدي، وستكون المشاركة فيها متاحة أمام الفنانين ومقيمي الأعمال الفنية والنقاد السعوديين والدوليين.
جدة التاريخية
وتنطلق "إقامة فنية: البلد" في مبنى رباط الخنجي بمنطقة جدة البلد، والذي تم إنشاؤه في عام 1813م، واستخدم في الماضي كمنزل ضيوف للنساء الأرامل والعازبات. وقد بقي هذا المبنى مهجورًا لفترة طويلة إلى أن أعيد للحياة مؤخرًا عبر استضافته للفعاليات الثقافية، واختير ليكون مكانًا لاستضافة الإقامات الفنية بعد أن أجرت عليه وزارة الثقافة عدة تحسينات.
وتعد "الإقامة الفنية" جزءًا من البرامج التي تقيمها وزارة الثقافة وذلك من أجل تنمية المواهب وتطويرها في القطاعات الثقافية وتحديدًا الفنون البصرية، وتسهيل التبادل بين الفنانين الدوليين والسعوديين لدعم التطوير المستمر للقطاع الثقافي في المملكة.
ويهدف برنامج "الإقامة الفنية" إلى نشر الوعي حيال الفنون والثقافة السعودية لدى الجمهور المحلي والإقليمي والدولي، والتوعية المجتمعية من خلال البرامج العامة التي تسهم في تقدير الفن المعاصر وفهمه وسد الفجوات بينه وبين المجتمع المحلي، إضافة إلى تأسيس منصة تبادل معرفي بين مجتمع الفنون المحلي والدولي، وتقديم ممارسات فنية محلية وعالمية للجمهور السعودي.
ترميم المساجد التاريخية
من ناحية أخرى وعلى مستوى التراث الثقافي، أنجز مشروع "محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية"، عمليات تطوير وتأهيل كامل مساجد المرحلة الأولى من المشروع التي بلغ عددها 30 مسجدًا تاريخيًا في 10 مناطق مختلفة في المملكة بتكلفة 50 مليون ريال خلال 423 يومًا، بتوجيه ومتابعة من الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ضمن التوجيه الكريم بتطوير وتأهيل 130 مسجدًا تاريخيًا على عدة مراحل.
وجاء التوجيه بتنفيذ مشاريع تطوير المساجد التاريخية وتأهيلها خلال المرحلة الأولى من قبل شركات سعودية متخصصة في المباني التراثية وذوات خبرة في مجالها، مع أهمية إشراك المهندسين السعوديين للتأكد من المحافظة على الهوية العمرانية الأصيلة لكل مسجد منذ تأسيسه، والذي تم عبر برنامج إعمار المساجد التاريخية في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالشراكة مع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ووزارة الثقافة والجمعية السعودية للمحافظة على التراث.
وخلال فترة العمل حرص المشروع على مراعاة أدق التفاصيل، لتعود المساجد على ما كانت عليه من تصميم بمواد تراثية محلية، وإضافة عناصر جديدة ضرورية مثل تخصيص مصليات للنساء، وتوفير خدمات للأشخاص ذوي الإعاقة وتطوير المرافق الخدمية مثل التكييف والانارة والصوتيات وتنفيذها بأسلوب يتوافق مع هوية المسجد التاريخية.
ألف عام
وتتفاوت أعمار المساجد التاريخية ضمن المرحلة الأولى بين 1432 عامًا و60 عامًا، متوزعة في مناطق مختلفة في المملكة، إذ يعود تأسيس أحدها إلى عهد الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه -، وهو مسجد جرير البجلي في محافظة الطائف، فيما تُعرف بعضها على أنها كانت منارة علمية مثل مسجد الشيخ أبو بكر الذي يعود تأسيسه إلى أكثر من 300 سنة في محافظة الأحساء.
ومع بداية شهر جمادى الأولى من العام الحالي 1441هــ بدأ عدد من مساجد المرحلة الأولى في معاودة استقبال المصلين بعد الانقطاع عن بعضها قبل فترة الترميم لمدة تزيد عن 40 عاما، لتنطلق مرحلة جديدة لهذه المساجد لتصبح رمزًا دينيًا تاريخيًا من شأنه المحافظة على الإرث الديني والعمارة الإسلامية وإعادة إحياء القرى التراثية وأواسط المدن التاريخية.
ويأتي دعم الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود للمساجد التاريخية، الذي يعد الأكبر في تاريخ دعم المساجد التاريخية من حيث عدد المساجد والتكلفة الإجمالية، لما لها من مكانة عظيمة في الدين الإسلامي، إضافة إلى كونها أحد أهم معالم التراث العمراني الحضاري، ولأصالة طابعها المعماري وأهميتها في إبراز سمات العمارة المحلية للمساجد وتنوعها من حيث التصميم ومواد البناء بما يتوافق مع الطبيعة الجغرافية والمناخية ومواد البناء في مختلف مناطق المملكة.