قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إن قوله - تعالى-:(وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ)، (سورة النجم: الآية 37) تدل على رضا الله - سبحانه وتعالى- عن سيدنا إبراهيم - عليه السلام- لأسباب عديدة، منها: أنه كان بارًا بوالديه وأقاربه؛ فكان لديه كراهية للفعل وليس الفاعل وكان لديه حجة ومنطق؛ مكناه من التكلم مع النمرود بمنتهى الحكمة فيما بعد.
وأضاف "جمعة" خلال برنامجه " مصر أرض الأنبياء " مع الإعلامي عمرو خليل،على التليفزيون المصري، أن وصف حنيفًا في قوله - تعالى-: ( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، ( سورة آل عمرآن: الآية 67) من الأفعال السلبية في اللغة العربية والتي تعطي عكس المعني؛ فحنف يعني أحوج، وتحنف يعني استقام.
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن ذلك مثل فعل" حنث" يعني: خلف وعده، أما " تحنث" فيعني: أوفي به، ومثلها هجد وتجهد، بمعني نام وقام؛ فهذا التاء تسمي بالسلبية وتغير المعني، مشيرًا: أن وصف حنيفًا مسلمًا يعني أن إبراهيم كان مستقيمًا.
وأشار المفتى السابق أن سيدنا إبراهيم - عليه السلام- أراد أن يهدي قومه إلى التفكر والتعقل؛ فلم يؤذ أحدًا وإنما ذهب إلى الأصنام التي لا تشعر ولا تفكر ولا تحس والتي هي صنعة وفتنة؛ فقام بتكسيرها، وعندما سأله قومه، أجاب: ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ"، ( سورة الأنبياء: الآية 63).
ونوه الدكتور على جمعة أن سيدنا إبراهيم - عليه السلام- فعل ذلك لحثهم على التفكر والتدبر في شأنهم وماذا يعبدون؛ وذلك لأنه رحيم بهم، وإبراهيم تعني: "أب رحيم"؛ فسيدنا إبراهيم كانت تحركه الرحمة، والرحمة في القرآن هي البداية في قول الله سبحانه وتعالي "بسم الله الرحمن الرحيم"، مبينًا: الرحمة يتولد منها الحب، والحب يتولد منه العطاء؛ فهما وجهان لعملة واحدة، والعطاء يتولد منه التفكر والتعقل والحكمة، لافتًا: كونه أبا رحيما؛ جعله بارًا بوالديه متأملًا في الكون، رافضًا لكل ما هو ضد العقل والمنطق.