الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأوقاف: القرآن نبهنا إلى ضرورة التثبت في نقل الأخبار ومراعاة خصوصيات الآخرين

وزير الأوقاف
وزير الأوقاف

أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف – خلال برنامج : ”في رحاب القرآن الكريم” بعنوان : ”في رحاب سورة النور ” والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية ، وقناة النيل الثقافية ، وقناة نايل لايف – أن سورة النور تحدثت عن كثير من الأحكام والآداب والقيم الإيمانية ، لافتا إلى ضرورة  التثبت والتحري والتحقق في تناول الأخبار من خلال وقفة هامة مع حادثة الإفك ، والتي تعرضت فيها أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها) لبهتانٍ عظيمٍ ، يمس الإنسان في أعز ما يملك. 



وأضاف وزير الأوقاف ، جعل ديننا الحنيف الحفاظ على الأعراض من المقاصد الكلية العامة للتشريع ، وقد تضمنها كتاب الكليات الست وهي: حفظ الدين ، والوطن ، والنفس ، والعقل ، والمال ، والعرض متضمنًا النسل والنسب ، يقول سبحانه :" إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ" سماه القرآن الكريم إفكًا ، بهتانًا مبينًا ، " عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ" ، وينبهنا القرآن الكريم إلى التحري ، والتحقق ، والتثبت ، وعدم الخوض في الأعراض بالكلمة أو بالكتابة ، أو بأي وسيلة من الوسائل ، يقول سبحانه : " إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ " ، تتناقلون الكلام بألسنتكم ، وكان هذا هو الموجود على عهد سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ويدخل فيه ما يتناقله الناس الآن خلال وسائل التواصل الاجتماعي المشبوهة والمجهولة ، "وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ" ، ما أصعب الافتراء على الناس بدون بينة ولا دليل وبدون حق!! 


 قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" ، ويقول هنا :" إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ " ، ما لم تتحققوا منه ، وما لم تتثبتوا منه ، وتحسبون وتظنون أن هذا أمرٌ سهلٌ ، "وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ" ، "وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ" ، هذه أمنا أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها) ، "يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" ، يعظكم ويعظ الناس جميعًا إلى يوم القيامة أن تخوضوا في عرض أحد ، أو أن تنالوا من أحد ، "وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ، إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" ، وهذا ما يتطلب منا التحقق والتثبت وألا يخوض أحدٌ في عرض أحدٍ ، وألا يقع أحدٌ في غيبة أحدٍ ، ولا في نميمة أحد ، وذلك منهي عنه ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه :"  أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذكرك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال (صلى الله عليه وسلم ) :" إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهته" ، أي افتريت عليه وكذبت.


وأوضح جمعة أن سورة النور قد تحدثت عن أدب من الآداب الإنسانية السامية ، وهو الاستئذان ، واحترام خصوصية الناس ، فمن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ، فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ" ، فالإسلام دين الأدب ، ودين الرقي ، ودين القيم الإنسانية الجميلة ، وكان سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا أتى أحدًا لا يأتي من قِبَل الباب ، حتى لا يقع بصره على أهل البيت ، ولكن من على يمينه أو شماله تأدبًا ، فإذا دخلت بيت أحد فاحفظ حرمته ، واحفظ سر البيت ، كما أن من الآداب أن لا تجلس وعينك أمام مدخل البيت ، أو غرفة الأسرة ، وأن تغض بصرك عن حرمات البيت ، وألا تجلس على تَكْرِمَةِ أحدٍ إلا بإذنه ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) :"لا يؤمنَّ الرجل الرجل في أهله ولا سلطانه" ، حتى ولو كان أحفظ منه وأعلم ، فلا تكن إمامًا له في بيته ولا في مكان عمله ، لا أمام أهله ولا أمام مرءوسيه ، أنزلوا الناس منازلهم ، وأكرموهم حيث تكرمون ،" وَلا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلا بِإِذْنِهِ " ، حتى لو كان رئيسًا وجاء ليفتش عليه فلا يليق أن يؤمه أمام مرءوسيه ، ولا يجلس على مكتبه إلا بإذنه ، ولا يستخدم أداة أحد إلا بإذنه ، فلا يستخدم حاسوب أحد إلا بإذنه ، ولا قلم أحد إلا بإذنه ، ولا حاجة أحد إلا بإذنه ، ولا مسبحة أحد إلا بإذنه ، ولا كتاب أحد إلا بإذنه ، هذا هو الأدب ، وتلك هي الآداب ، وهذا هو الإسلام ، وهذه هي الأخلاق.



وطالب الوزير بضرورة  تعليم أطفالنا هذه الآداب السامية ، يقول تعالى : "وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ" علموهم  القيم ونشَّئوهم على الأخلاق ، " كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ".