الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

احذر هذا المزاح.. علي جمعة: رسول الله توعد قائله بـ واد في جهنم

احذر هذا المزاح..
احذر هذا المزاح.. علي جمعة: النبي توعد صاحبه بـ واد في جهنم

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إنه فيما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه حذر من المزاح لإضحاك الناس إذا كان بهذه الطريقة، حيث توعد فاعله بواد في جهنم.


اقرأ أيضًا..
وأوضح «جمعة» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه ورد  في سنن ابي داود، أنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ، فَيَكْذِبُ; لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ، ثُمَّ وَيْلٌ لَهُ»، وفي هذا الحديث التحذير من الكذب على سبيل المزاح لإضحاك الناس، قد توعد النبي من فعل ذلك بالويل، والويل قيل إنه اسم لوادٍ في جهنم، وقيل كلمة وعيد وتهديد، ولو كان على سبيل الهزل، المطلوب من المسلم أن يتحرى الصدق في جميع أحواله، وأن يبتعد عن الكذب.


وتابع: كما دل هذا الحديث على أن من حدث بحديث لم يكذب فيه لأجل إضحاك الناس، فإنه لا بأس به، من حدث بحديث لا كذب فيه، أو لم يكذب فيه، لأجل إضحاك الناس أنه لا بأس به، ومن ذلك ما يسميه بعض الناس بالنكتة، وقد فعل هذا عمر رضي الله عنه في القصة المشهورة في الصحيحين.


وروى أنه لما اجتمع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألنه النفقة فغضب وأقسم ألا يدخل عليهن شهرًا كاملًا، وشاع الخبر في المدينة أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق نساءه، ثم بعد مضي الشهر خير النبي صلى الله عليه وسلم نساءه فكلهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة، والشاهد من هذه القصة أنه لما شاع الخبر بأن النبي صلى الله عليه وسلم طلق نساءه، جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن عليه، قال عمر: لأفعلن شيئًا أضحك به النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه كان غضبان، قال عمر: قلت يا رسول الله لو رأيت بنت خارجة، يعني زوجته، سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها، يعني كسرت عنقها، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، حدث به عمر النبي صلى الله عليه وسلم لأجل إضحاكه.


وأشار إلى أنه دل ذلك على أن هذا لا بأس به، إذا أتى الإنسان بحديث لأجل إضحاك الناس ويتلطف معهم وإيناسهم هذا لا بأس به، المهم أن يجتنب الكذب، لا يجوز أن يكذب لأجل أن يضحك الناس، أما إذا تكلم بكلام لا كذب فيه لأجل إضحاك الناس وإدخال السرور عليهم، فهذا لا بأس به قد فعله عمر للنبي صلى الله عليه وسلم.


وأكد أن المهم ألا تكون كذبًا، الكذب ما هو الكذب؟ الإخبار بخلاف الواقع، فإذا كانت مثلًا يعني ليست مفترضة ليست واقعة، مفترضة افتراضا، لو فعلت كذا لحصل كذا، مثل ما فعل عمر، قال عمر: لو أن بنت خارجة سألتني النفقة فوجأت عنقها، كل هذا افتراض، فهذا لا بأس به، لكن لا يخبر يقول فلان فعل كذا وهو كاذب لأجل إضحاك الناس. هذا هو الممنوع، فإذا كان على سبيل الكذب، هذا لا يجوز، أما إذا لم يكن فيه كذب، فكان مجرد افتراض أو كلام يعني سرد أو نحو ذلك، المهم أنه يخلو من الكذب، إذا خلا من الكذب فلا إشكال، ولو قصد إضحاك الناس.


ونبه عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إلى أن هناك الكثير من الأحاديث في سُنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- التي تدعو إلى الصدق، وتأمر به، مشيرًا إلى أنه ورد عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ، وعليكم بالصدق فإن الصدق بر، والبر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا». [رواه البخاري ومسلم].


واستشهد بما ورد في صحيح ابن حبان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «اضمنوا لي ستا أضمن لكم الجنة. اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم»، وفي مصنف ابن أبي شيبة، عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «يطوي المؤمن على الخلال كلها غير الخيانة والكذب».


وتابع: وعن صفوان بن سليم قال : «قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم- : أيكون المؤمن جبانا؟ قال: نعم. قيل: أفيكون بخيلا؟ قال: نعم. قيل: أفيكون كذابا؟ قال: لا». [موطأ مالك]، وعن أبي ذر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «أول من يدخل الجنة التاجر الصدوق». [المصنف لابن أبي شيبة].


وأضاف أنه قد امتدح رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الذين بلغوا في الصدق مبلغا من أصحابه فعن أبي ذر قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «ما تقل الغبراء ولا تظل الخضراء على ذي لهجة أصدق وأوفى من أبي ذر شبيه عيسى بن مريم». [صحيح ابن حبان].


ودلل بما جاء في المستدرك على الصحيحين، عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة وأن الكذب ريبة»، وقال - صلى الله عليه وسلم-: «كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق وأنت له به كاذب»، [أبو داود والبيهقي]. وعنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إن شرار الروايا روايا الكذب، ولا يصلح من الكذب جدًا ولا هزلًا، ولا يعد الرجل ابنه ثم لا ينجز له». [سنن الدارمي].


ولفت إلى ما روي عن ابن عجلان «أن رجلا من موالي عبد الله بن عامر حدثه عن عبد الله بن عامر أنه قال : دعتني أمي يوما ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- قاعد في بيتنا، فقالت: ها تعال أعطيك، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: وما أردت أن تعطيه ؟ قالت : تمرا ، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: أما إنك لو لم تعطه شيئا كتبت عليك كذبة». [مصنف ابن أبي شيبة].


واستطرد: إذا تقرر ما سبق نعلم أن الصدق نجاة وقوة لأن الصادق لا يخشى من الإفصاح عما حدث بالفعل؛ لأنه متوكل على الله، والكذاب يخشى الناس، ويخشى نقص صورته أمام الناس، فهو بعيد عن الله، وقد قيل في منثور الحكم : الكذاب لص؛ لأن اللص يسرق مالك، والكذاب يسرق عقلك، وقال بعض الحكماء : الخرس خير من الكذب وصدق اللسان أول السعادة. وقيل : الصادق مصان خليل، والكاذب مهان ذليل، وقد قيل أيضا: لا سيف كالحق، ولا عون كالصدق.