خلال السنوات العشر الأخيرة تعددت وقائع الإساءة للإسلام من قبل بعض المتطرفين في بلاد الغرب وكانت انطلاق هذه الوقائع من هولندا ثم انتقلت الى الدنمارك ومن ثم فرنسا وإن كانت حدة الهجوم من الدنمارك على النبي صلى الله عليه وسلم كانت أكثر شراسة ، الامر الذي اثار غضب المسلمين في شتى بقاع الأرض وأعربوا عن غضبهم الشديد ، ومع ذلك الهجوم المتعدد لم يتأثر الإسلام بهذه الهجمات بل أتت بالإيجاب وتسبب ذلك في دخول العديد من الاجانب للدين الإسلامي .
البداية عام 2008 عندما بث النائب اليميني الهولندي المتطرف غيرت فيلدرز ليل الخميس فيلماً يرمي القرآن الكريم بالتحريض على العنف ويحذر من أن المهاجرين المسلمين يعرضون الغرب للخطر، ما دفع الحكومة الهولندية إلى توجيه نداء من أجل الهدوء .
وفي عام 2013 أعلن لارش فيلكس، مجددا عن عرض رسومات جديدة للنبي محمد صلي الله عليه وسلم في معرض بمدينة مالمو، التي تسكنها أعداد كبيرة من المهاجرين المسلمين.
وقال لارش إنه مصمم على المضي في هذا العمل رغم تلقيه تهديدات بالقتل بعد نشره رسما مسيئا للنبي عام 2007 في جريدة محلية.
وأضاف "من المهم أن أواصل، لأنك إذا رضخت للتهديدات وتراجعت، فإنك تتخلى عن مبدأ ديمقراطي" ، وها هو اليوم لقي لارش فيلكس مصرعه حرقا في حادث سير إثر حادث تصادم .
وفي عام 2018 جدد اليميني المتطرف خيرت ويلدرز الهجوم على الإسلام وقرر إجراء مسابقة الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم وقامت الدنيا ولم تقعد من جانب المسلمين وبعد استشعاره الخطر من جراء أعمال العنف قرر ويلدرز إلغاء المسابقة
وفي عام 2020 انتقل الهجوم على الإسلام الى فرنسا عندما نشرت صحيفة «شارل إبدو» الفرنسية رسوم الكاريكاتير المسيئة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم و أعلن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون عن شبه تأييده لصحيفة «شارل إبدو» ،و اعتبر هذه الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول وللمسلمين تندرج تحت حرية التعبير.
ومن الطبيعى أن كل المسلمين حول العالم شعروا بالمهانة عند رؤية تلك الرسوم المسيئة للرسول الكريم (ص)، خاصة المسلمين فى أوروبا الذين تألموا بشدة من مشاعر الحقد والكراهية ، ثم تطور الأمر الى دعوة لمقاطعة المنتجات الفرنسية ، مما أدى الى تحرك سريع من قبل الخارجية الفرنسية وقيام مسئوليها بعدد من الزيارات المكوكية لعدد من دول العالم الإسلامي لتخفيف حدة الغضب العارم في الدول الإسلامية .
وكان من بين هذه الزيارات توجه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، والوفد المرافق له.
حرق المصحف
كتاب الله عز وجل لم يسلم من هجوم وإساءة متطرفوا الدول الغربية فلم تكن واقعة حرق المصحف بالسويد الوحيدة بل تعرض المصحف الشريف لـ 6 جرائم مشابهة وذلك في اعوام 2015 , 2016 , 2017 ، و2019
واليوم توفي رسام الكاريكاتير السويدي لارس فيلكس إثر حادث سير خطير، بعد اشتعال النيران في سيارته إثر اصطدامها بشاحنة.
فتح المدعي العام في السويد تحقيقًا في الحادث الذي وقع اليوم، بعد اصطدام سيارتهم بشاحنة في أحد طرق السويد، واشتعلت النيران فى السيارتين ونقل سائق الشاحنة إلى المستشفى مصابًا بجروح خطيرة.
موقف الأزهر الشريف من الرسوم المسيئة
قال شيخ الأزهر خلال اللقاء إن «المسلمين حكامًا ومحكومين يعلنون رفضهم القاطع للإرهاب الذي يرفع راية الإسلام، فالإسلام ونبيه والمسلمون براء من الإرهاب، وقد قلت هذا الكلام في قلب أوروبا، في لندن وباريس وجنيف وروما وقلته في الأمم المتحدة وآسيا وكل مكان، فالإرهابيون قتلة مجرمون ونحن غير مسؤولون عنهم، ولا نقول هذا اعتذارًا عن الإسلام لأن الإسلام لم يخطئ وليس مسؤولًا عن تصرفات أحد، وأنا وهذه العمامة الأزهرية حملنا الورود في ساحة الباتاكلان ورفضنا الإرهاب وأرسلنا التعازي في ضحايا الإرهاب».
وأضاف «الطيب» أنه «من الضروري أن يكون المسؤولون في أوروبا قد اقتنعوا وأدركوا بأن هذا الإرهاب لا يمثل الإسلام ولا المسلمين، فالمسلمون هم أول ضحايا الإرهاب وبلادنا ضحية للإرهاب واقتصادنا يتضرر بسبب الإرهاب، وهذا الإرهاب موجود بين أتباع كل دين ونظام، فإذا قلنا إن المسيحية ليست مسؤولة عن أحداث نيوزيلندا فلابد أن نقر بأن الإسلام غير مسؤول عن إرهاب من يقتلون باسمه، وأنا لا أقبل أبدًا أن يتهم الإسلام بالإرهاب، وقد تابعت تصريح وزير الخارجية الفرنسي خلال الأزمة ونال التصريح تقديرنا وإعجابنا، فهو تعامل بشكل حكيم وعقلاني».
وأكد شيخ الأزهر أنه «حين يكون الحديث عن الإسلام ونبيه فأنا لا أجيد التحدث بالدبلوماسية، وسأكون دائمًا أول من يحتج ضد أي إساءة إلى ديننا ونبينا، وأنا أتعجب حينما نسمع تصريحات مسيئة مثل التي سمعناها لأن هذه التصريحات تسيء إلى فرنسا وتبني جدارًا من الكراهية بينها وبين الشعوب العربية والإسلامية، وهذه التصريحات يستغلها المتطرفون في القيام بأعمال إرهابية والمسؤولون هنا يتحملون جانبًا من المسؤولية لأن واجب الحكومات أن تمنع الجرائم قبل حدوثها، فحينما تسيء صحيفة إلى نحو ملياري مسلم فهذه ليست حرية تعبير، بل هذه جريمة تجرح مشاعر المسلمين وكل المعتدلين، وتضر بمصالح فرنسا نفسها لدى الدول العربية والإسلامية».
وشدد شيخ الأزهر على أنه «صدره واسع للحديث في أي شيء لكن الإساءة لنبينا محمد ﷺ مرفوضة تمامًا، وإذا كنتم تعتبرون الإساءة لنبينا حرية تعبير فنحن نرفض هذه الحرية شكلًا ومضمونًا، وسوف نتتبع الذي يسيء إلى نبينا في المحاكم الدولية حتى لو أمضينا عمرنا كله في الدفاع عن النبي ﷺ، هذا الرسول الكريم الذي جاء رحمة للعالمين، وأطالب دول الحقوق والحريات أن تتخذ خطوات حقيقة ملموسة لوقف أي تصريحات تربط الإرهاب بالإسلام وتقول الإسلامي أو الإسلاموي، فهذه المصطلحات جميعها تجرح مشاعر المسلمين، وليس من الحكمة المغامرة بمشاعر ملايين البشر من أجل ورقة مسيئة، هذا منطق عجيب».
وأشار شيخ الأزهر إلى أن «الإرهاب صنيعة دولية، والعالم العربي هو المسرح الذي تنفذ عليه جرائم الإرهاب، وأنا شخصيا أتعجب من عجز هذا العالم الذي يتباهى بتقدمه وقوته من مطاردة هؤلاء الإرهابيين؛ فلو أن هناك رغبة جادة للقضاء على الإرهاب لقضوا عليه، وفي ظني أن الإرهاب بندقية بالإيجار تلعب بها الدول وتتناقلها والضحية هنا المسلمون والعرب، ونقول للجميع إننا مستعدون للتعاون من أجل القضاء على التطرف والإرهاب ولن ندخر في سبيل ذلك جهدًا»، معربًا عن «استعداد الأزهر للتعاون مع فرنسا وعلى نفقة الأزهر لتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام ومحاربة الفكر المتطرف والتشدد داخل فرنسا، ولا نريد مقابل ذلك أي ثناء أو شكر، لأننا نعمل من أجل السلام الذي هو رسالة الإسلام، وعلى استعداد لتقديم منصة خاصة للحوار ونشر للوسطية والاعتدال والتعاون باللغة الفرنسية ونتعاون مثلما تعاونا مع الفاتيكان ومجلس الكنائس والمؤسسات الدينية الكبرى حول العالم، وقد كانت وثيقة الأخوة الإنسانية خير شاهد على هذا التعاون، والتي لو قرأها المسؤولون لتجنب العالم مشكلاته».
من جانبه، أكد جان إيف لودريان، وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، أن «فرنسا تكن احترامًا عميقًا للإسلام ومكانته في الثقافة والتاريخ والعلوم الفرنسية، وتأمل أن تشجع وتنمي البحوث وتعاليم الإسلام وحضارته وثقافته والتي تخص مؤسسة الأزهر بشكل مباشر، وأهمية صوت الأزهر وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في الدعوة إلى التسامح والاعتدال».