أوضحت محكمة النقض في أحد الطعون المنظورة أمامها نزع الملكية.
جاء في حيثيات الحكم أنَّ النص في المادة ٨٠٥ من القانون المدني على أنه " لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقرها القانون وبالطريقة التي رسمها ويكون ذلك مقابل تعويض عادل " يدل – وعلى ضوء ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني تعليقًا على هذه المادة – هو ألَّا تنزع الملكية بغير رضاء المالك إلا في الأحوال التي قررها القانون وبالطريقة التي رسمها وفي مقابل تعويض عادل .
فهناك إذن قيود ثلاثة ، الأول : أن تكون الحالة التي نص عليها القانون ، والشرط الثاني : هو إتباع الإجراءات التي رسمها القانون ، والشرط الثالث : هو دفع تعويض عادل للمالك ، ومؤدى ذلك أنه باستثناء حالة المصادرة - التي هي عقوبة جنائية توقع بمقتضى حكم جنائــــــي – لا يجوز أن ينتقص من ملكية أحد الأفراد أو حقوقه ، إلا إذا عاصر ذلك تعويض مكافئ لِمَا لحقه من خسارة وما فاته من كسب ، فالمعاصرة جزءٌ من العدل ، لأن العدل يقتضي ألَّا يحرم الشخص في الوقت ذاته من البدلين - ماله الذي أُنتزع والتعويض المستحق عنه - ، فإن تراخى وضع التعويض المكافئ تحت تصرفه ، تعين أن يكون ذلك محل تقدير القاضي في الدعوى ، باعتبار أن تأخر صرفه التعويض أو بخسه من الظروف الملابسة التي تؤثر على مقدار الضرر ومدى التعويض سواءً بتغيير قيمة النقد أو الحرمان من ثمرات الشيء أو عوضه إلى آخر هذه الاعتبارات التي لا يوصف التعويض بأنه عادل إن لم يراعها .
فإذا كان قرار الاستيلاء قد حدد قيمة الأرض على أساس سعر المثل ، ووضع المبلغ تحت تصرف صاحب الحق فيه كانت العبرة بقيمة الأرض في هذا التاريخ ، وإن تراخى التقدير أو بُخس ، تعين على القاضي أن يراعيَ ذلك سواءً في تقديره للقيمة أو الريع ، بصرف النظر عن مشروعية تحديد الحد الأقصى للملكية والاستيلاء ، فالبخس والمطل خطأ في حد ذاته.
وهو ما أكده حكم الدستورية الصادر بتاريخ ٧ / ٣ / ١٩٩٨ في القضية رقم ٢٤ لسنة ١٥ ق عليا بعدم دستورية أسس تقدير التعويض عن الأطيان المستولى عليها على أساس الضريبة العقارية المربوطة عليها في تاريخ الاستيلاء على النحو الذي سطره بأسبابه من أن التعويض عن الأراضي الزراعية الزائدة على الحد الأقصى لا يتحدد على ضوء الفائدة التي تكون الجهة الإدارية قد جنتها من وراء نزع ملكيتها من أصحابها ، وإنما الشأن في هذا التعويض إلى ما فاتهم من مغانم وما لحقهم من خسران من جراء أخذها عنوةً منهم ، تقديرًا بأن هذه وتلك تمثل مضارًا دائمة لا موقوتة ، ثابتة لا عرضية ناجمة جميعًا عن تجريد ملكيتهم من ثمارها وملحقاتها ومنتجاتها ، فلا يجبرها إلا تعويض يكون جابرًا لها ، ولا ينحل بالتالي إلى تفريط أو تقتير .