- عميد كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر يتحدث لـ"صدى البلد"
- لا يمكن للعالم أو المفتي ممارسة مهمته بدون إتقان اللغة العربية
- الخطأ اللغوي في فهم النصوص الدينية يؤدي إلى مصائب كبرى
- متطرف منع بيع الخيار في السوق بسبب فهم خطأ لحديث النبي
- الأزهر سيقدم مقترحات إلى مجلس النواب لتشريع قانون يحمي اللغة العربية قريبا
- الأزهر اهتم كثيرا باللغة العربية من خلال نماذج مختلفة
يحل علينا اليوم، السبت، اليوم العالمي للغة العربية، والذي يوافق اليوم الثامن عشر من ديسمبر كل عام، واحتفاءً بهذه المناسبة حاور موقع “صدى البلد”، الدكتور غانم السعيد، عميد كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقاهرة.
وأكد الدكتور غانم السعيد، أن الأزهر الشريف منذ بدايته وهو يهتم باللغة العربية بل هو الحصن الحصين للغة وحماية اللسان المصري والإسلامي من التأثر بالإنجليزية والفرنسية نتيجة الاحتلال الفرنسي، منتقدا تهاون الشباب في التعامل مع اللغة العربية، من إدخال كلمات إنجليزية بدلا من العربية في حديثهم أو كتابتهم بطريقة الفرانكو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وإلى نص الحوار..
حدثنا عن أهمية ومكانة اللغة العربية في الإسلام
الحقيقة أن اللغة العربية هي لغة مقدسة، ومعنى أنها مقدسة، أي أن أي مسلم لا يستطيع أداء الصلاة أو قراءة القرآن الكريم إلا باللغة العربية، فإذا صلى المسلم بغير اللغة العربية فصلاته غير صحيحة، وإذا قرأ القرآن بغير العربية فالقراءة لا يؤجر عليها، وهذه اللغة يتحدث بها مليار ونصف المليار مسلم، ويتحدث بها أكثر من نصف مليار عربي باعتبار أنها لغة مقدسة ولغة قومية، ولهذا ترجع مكانة وأهمية اللغة العربية للمسلم، ولهذه الأهمية فإن الأمم المتحدة اعترفت بها لغة رسمية مستعملة ويتحدث بها في الأمم المتحدة وتكتب بها المراسلات والوثائق الرسمية، وهي اللغة السادسة في اللغات المسجلة رسميا في الأمم المتحدة.
هل يمكن للعالم أو المفتي أن يعمل دون إتقان اللغة العربية؟
لا يمكن أبدا لعالم أو مُفْت أن يمارس عمله في الدعوة أو الفتوى إلا إذا كان متمكنا من اللغة العربية، فيجب على العالِم أن يبدأ أولا دراسة اللغة العربية دراسة عميقة ومتمكنة حتى يستطيع استنباط الأحكام واستحضار الدليل عليها من النصوص، فلا يمكن للعالم أن يقوم بذلك إلا بعد إتقانه اللغة العربية بعلومها المختلفة.
ما دور اللغة العربية في فهم النصوص الدينية؟
للغة العربية دور عظيم في فهم النصوص الدينية، لأن الخطأ في فهم النصوص الدينية يؤدي إلى مصائب كبرى وقد يؤدي كذلك إلى التطرف والتعصب، فأذكر أنتلميذا كان في المرحلة الابتدائية سمع قارئا يقرأ قوله تعالى (وَأَنَّهُۥ تَعَٰالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَٰحِبَةً وَلَا وَلَدًا) فسأل الولد أباه: “هل لربنا جد؟”، فوالده كان رجلا عاميا فلم يعرف الإجابة، وسأل عن المعنى ورجع وشرح المعنى لابنه، في الوقت الذي يقرأ كثير من الناس القرآن دون معرفة لمعانيه، وليست لديهم قدرة على الإجابة عن مثل هذه الأسئلة حينما يسألهم أبناؤهم،ومن هنا يدخل المتطرفونبأفكارهم إلى أذهان الشباب فيفسرون لهم الآيات بشكل خاطئ وينساق الشباب حول تفسيرهم ليدخلوا إلى ميدان التطرف.
وأذكر أن أحد المتطرفين منع بيع الخيار في السوق، وقام بالإطاحة بكل الخيار الموجود وهو يقول للناس أن هناك حديثا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "بيع الخيار حرام"، ففهم أن المقصود بالخيار في الحديث هو الخيارالذي يأكله الناس، ولا يعلم أن معنى الخيار الذي تحدث عنه هو أن يبيع الرجل للرجل شيئا ويمهله أياما ليجرب السلعة فإن استحسنها أخذها، وإن لم يستحسنها ردها وهذا البيع محرم، لأن بيع الخيار لا يكون إلا في مجلس البيع، فإن تفرق البائع والمشتري لم يعد أحد منها له حق في الخيار وأصبح البيع واقعا، ولذلك قال العلماء البيعان بالخيار ما لم يتفرقا.
كيف نحافظ على اللغة العربية في حياتنا؟
تحديات اللغة العربية كثيرة ومتعددة، فمثلا نبدأ من الأسرة التي لا تهتم الآن بتعليم أبنائها اللغة العربية، بل تذهب بهم إلى المدارس الأجنبية من البداية، من باب تأهيل أبنائهم للحصول على فرص عمل تحتاج إلى التحدث باللغات، فالبداية تبدأ من البيت وأن يعمل الأبوان على تمكين الأبناء من اللغة العربية، ولا نعترض على تعلم اللغات الأخرى ولكن بعد تعلم اللغة العربية وإتقانها ولا يكون تعلم اللغات الأخرى على حساب العربي.
كذلك المدرسة مسئولة عن حماية اللغة العربية، وأن تعمل على أن تكون مناهج اللغة، ووقت تدريسها يسمحان بتخريج طالب يستطيع أن يتكلم العربية بطريقة سليمة وصحيحة.
كذلك وسائل التواصل الإجتماعي الحديثة أصبحت من وسائل تخريب اللغة العربية فيما يعرف بالفرانكو أرب، وهي من اللغات الشائعة بين الشباب حيث يكتبون الكلمات العربية بحروف إنجليزية.
كذلك نجد عناوين المتاجر والشركات والمطاعم تطالعنا بأسمائها الأجنبية بكل لغات العالم وكأننا نعيش في بلاد أجنبية.
والحقيقة أننا الآن في حاجة ناسة إلى وضع قانون لحماية اللغة العربية له أنياب وأظفار، لأن من أمن العقوبة أساء الأدب، وهناك الآن قانون يناقش حاليا في مجلس النواب، وشاركت فيه ممثلا عن الأزهر الشريف وسيقدم الأزهر مقترحاته لحماية اللغة مكتوبة للبرلمان قريبا.
كيف اهتم الأزهر الشريف باللغة العربية؟
إن الأزهر الشريف منذ بداية نشأته هو الحصن الحصين للغة العربية، ولولا الأزهر لكان اللسان المصري تحول عن العربية إلى اللغة الفرنسية عند الاحتلال الفرنسي، كما فعل مع بلاد المغرب العربي حيث فرض عليهم لغته، ولتحول- أيضا - إلى اللغة الإنجليزية حينما احتلت مصر لمدة ما يقرب من سبعين عاما، فالذي حمى اللغة العربية في مصر وبلاد العرب والمسلمين كافة هو الأزهر الشريف، والآن الأزهر يقوم بدور عظيم جدا لحماية اللغة العربية، فيكفي أن تعلم أن الأزهر يدرس به أكثر من ٤٣ ألف طالب من الوافدين من أكثر من ١٠٤ دول حول العالم، وهؤلاء الطلاب لا بد أن يتقنوا اللغة العربية حتى يتمكنوا من التخرج في الأزهر، كما يرسل الأزهر مبعوثين إلى دول العالم المختلفة لتعليم أهلها اللغة العربية والشريعة الإسلامية.
وأيضا يكفي أن تعلم أن الأزهر به سبع كليات تحمل اسم “كلية اللغة العربية”، وثلاثة وعشرون قسما للغة العربية في كليات الدراسات الإسلامية والعربية بنين وبنات ينتشرون من الإسكندرية إلى أسوان.