الرواة .. يواصل موقع “صدى البلد” الإخباري، في اليوم الثالث العاشر من شهر رمضان المبارك رحلته مع الرواة، لنتعرف على سيرتهم واقتفاء أثرهم، ونتعلم منهم كيف كانوا على قدر المسئولية والأمانة والثقة في نقل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا في منأى عن أي جرح أو تعديل.
ولعل من أهم الرواة ممن يطيب ذكره في هذا اليوم هي صحابي جليل، والخليفة الثاني للمسلمين، لقب بالفاروق والخليفة العادل، وروى عن سيد الخلق وإمام المرسلين سيد محمد صلى الله عليه وسلم ما يقرب من 537 حديثا ما جعله في مقدمة الرواة ، فمن هو؟
الفاروق عمر بن الخطاب
ولد سيدنا عمر بن الخطاب، رضي الله عنه بمكة، بعد ميلاد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث عشرة سنة، ونشأ في قبيلة قريش، واجتمع نسبه مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جده كعب بن لؤي.
لـ عمر بن الخطاب من الأولاد أكثر من عشرة، منهم من هو من كبار الصحابة؛ كعبدالله بن عمر، الذي أسلم صغيرًا قبل أبيه، ومنهم السيدة حفصة، أم المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين، وزوجة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد نشأ سيدنا عمر رضي الله عنه في مكة، وبرزت شخصيته ومهاراته في قريش.
جعلته قريش سفيرًا لها؛ فعندما كانوا يريدون التوصل لاتفاقٍ معينٍ مع إحدى القبائل الأخرى، كانوا يرسلون سيدنا عمر لأجل هذه المهمة.
وكان عمر بن الخطاب مهتمًّا بالفروسيَّة، وكانت هيئتُه مهيبةً؛ إذ كان طويلًا قويَّ البِنيَة، رضي الله عنه، وقبل إسلامه كان يعادي المسلمين، حتى همَّ مرةً بإيذاء النبي.
علم بأن أختَه قد أسلمت، فذهبَ إليها، وعندها استمع إلى آياتِ القرآنِ الكريمِ، وأراد الله له الهداية للإسلام.
كان سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يدعو أن يعزَّ الإسلامَ به أو بعمرو بن هشام؛ فأسلم عمر رضي الله عنه، وصار من يومها أحدَ أهمِّ الصحابة الكرام رضي الله عنهم.
منذ اليوم الأوَّل لإسلامه اشتهر عنه المبادرة إلى الحقِّ، والمسارعة في نصرة النبي.
تعلق عمر بن الخطاب برسول الله
تعلق سيدنا عمر برسول الله وأحبَّه، ودافع عنه وعن الإسلام، واستمر بعد انتقال النبي صلى الله عليه ووسلم يدافع في ذلك، وكان عونًا لسيدنا أبي بكر رضي الله عنه، في خلافته يستشيره في الكثير من أموره، ولذا لم يكن من الغريب أن يكون ترشيح سيدنا أبي بكر له؛ ليكون خليفة من بعده، واشتهر بالعدل، خاصة بعدما حمل راية الدين بعد الصديق رضي الله عنه، وظلَّ قائمًا بأمانة قيادة الأمة الإسلامية عشر سنين.
فتوحات عمر بن الخطاب
فُتحت في عهده معظم الفتوحات؛ الشام، والعراق، ومصر، وانهارت في عصره إمبراطوريات الفرس وجزء كبير من مستعمرات الروم، ونهض بدولة المسلمين بصورة بالغة؛ فدوَّن الدواوين، وأنشأ الشرطة والحسبة، وغيرها الكثير من الأوليات التي اشتهر بها.
ورغم ما بسطه عمر من عدلٍ، إلا أن ذلك لم يمنع دعاة العصبية وأعداء الإنسانية، من أن يدبِّروا لقتله؛ فقام أحدهم، وهو أبو لؤلؤة المجوسي، بالتسلل للمدينة المنورة، ثم طعن الخليفة الثاني رضي الله عنه، وهو قائمٌ يصلي في المحراب؛ لتنتهي حياة الفاروق شهيدًا، في شهر ذي الحجة عام 23 من الهجرة.