نجلاء فتحي: تاج محل ضريح بناه الإمبراطور شاه جهان لزوجته حزنا لموتها

كشفت نجلاء فتحي المرشدة السياحية والباحثة الأثرية عن أسرار تاج محل أحد عجائب الدنيا السبع وصاحب التصميم المعقد والمطعم بالزهور المصنوعة من الأحجار الكريمة. 

وقالت نجلاء فتحي خلال تصريحاتها لصدى البلد: تاج محل مكان جميل ومن عجائب الدنيا السبع الجديدة ، وهو عبارة عن ضريح من الرخام الأبيض والذي بناه الإمبراطور شاه جهان لزوجته المحبوبة ممتاز محل ، ويقع على الضفة الجنوبية لنهر يامونا بالقرب من اغرا، الهند، واتخذ تاج محل حوالي 22 عاما لكي يتم بناؤه ، وأخيرا تم الانتهاء منه في عام 1653 ، وتاج محل ، فهو يدهش كل زائر له ليس فقط لتماثيله وجمال هيكله ، ولكن لتصميمه المعقد والمطعم بالزهور المصنوعة من الأحجار الكريمة .

وحكت نجلاء فتحي بداية قصة الحب بين امبراطور الهند وزوجته قائلة :في عام 1607، شاه جهان ، اجتمع أول مرة بحبيبته، وفي ذلك الوقت، لم يكن وقتها هو الامبراطور الخامس ، فكان هو مجرد امير بالغ من العمر ستة عشر، وكان يدعى الأمير خرام .

وأكملت : “في 27 مارس 1612، استطاع أن يتزوج الأمير خرام بحبيبته، التي أعطاها اسم (ممتاز محل) ، وكانت ممتاز محل جميلة، و ذكية وذات قلب عطاء أيضا ، وكانت يعشقها الجميع ويرجع ذلك الى انها كانت تقوم برعاية الشعب، فكانت تشرف على الارامل والايتام”.

وأضافت : “في عام 1631، وبعد ثلاث سنوات من عهد الامبراطور شاه جهان، كان هناك تمرد جاري، وكان على شاه جهان ان يأخذ جيشه ويقضي على هذا التمرد ، وكما جرت العادة ، كانت ممتاز محل دائما الى جانب شاه جهان، ترافقه رغم كونها حاملا ، وفي 16 يونيو عام 1631 انجبت طفلة سليمة في وسط المخيم، ولكن سرعان ما اكتشفوا ان ممتاز محل كانت تحتضر”.

قصة تاج محل الحقيقية ومكان بناؤه

وأردفت : “فى صباح يوم 17 يونيو 1631، كانت قد توفيت بين ذراعيه ، وبعد ذلك ذهب شاه جهان الى خيمته الخاصة وبكى لمدة ثمانية ايام ، دفنت ممتاز محل على الفور، وفقا للتقاليد الإسلامية ، وجاء شاه جهان برفات زوجته الحبيبة مع موكب كبير، في 8 يناير 1632، تم دفنها مؤقتا بالقرب من تاج محل الذي تم بناؤه”.

وأوضحت نجلاء فتحي مدى الحزن على الإمبراطور قائلة : “شاه جهان، مليء بالحزن وقرر ان ينشئ ضريحا رائعا لها ، وهو أراد ان ينافس جميع أولئك الذين جاءوا من قبله ، وكان أيضا فريدا من نوعه، كونه أول ضريح كبير مخصص لامرأة ، فاستعان بأفضل المهندسين المعماريين في عصره ، وكانت الخطة أن يمثل تاج محل أجمل مكان على الأرض”.

بناء تاج محل :
 

وتحدثت المرشدة السياحية عن بناء تاج محل قائلة : الإمبراطورية المغولية في ذلك الوقت كانت واحدة من اغنى المناطق في العالم، وبالتالي كان وسيلة جيدة للقيام بهذا المشروع الضخم ، فكانت خطط شاه جهان أن يجعل تاج محل كبيرا، ولكن أيضا يبنى سريعا ، ولتسريع البناء ، تم جلب ما يقدر من 20،000 عامل ، وشمل هؤلاء العمال الحرفيين المهرة والغير مهرة كل على حد سواء .

وأردفت : وفي البداية، كانوا يريدون ببنائه على أساس بناء عملاق يقف على 624 قدما في الطول (القاعدة) ، فضلا عن اثنين من المباني المبنية من الحجر الرملي الأحمر (المسجد وبيت الضيافة) وجناح تاج محل ، وبناء تاج محل، جلس على قاعدة ثانية، كانت ذات هيكل مثمن، بني لأول مرة من الطوب ومن ثم تمت تغطيته بالرخام الأبيض ، وكان ثقيلا جدا ، فاستغرق الامر 1000 من الفيلة وعدد لا يحصى من الثيران لسحب الرخام الى موقع بناء تاج محل ، ولقطع الرخام الثقيل للوصول الى أماكن اعلى من تاج محل ، تم بناء منحدر ترابي عملاق.

وعن تفاصيل الخط العربي المطعم بالزهور قالت : معظم الصور من تاج محل تظهر بالأبيض، فهو مبنى جميل كبير حقا ، وهناك بعض التعقيدات التي يمكن رؤيتها عن قرب، ومن هذه التفاصيل ان تاج محل يقف وسط ذهول وفخر ، فنجد المسجد، ودار الضيافة، والبوابة الرئيسية الكبيرة في الطرف الجنوبي لمجمع تاج محل تظهر آيات من القرآن الكريم مكتوبة بالخط العربي ، وشاه جهان استأجر امانة خان، وهو سيد الخطاطين ، للعمل على هذه الآيات المطعمة .

وأكملت : وكان عمل أمانه خان  متقن ببراعة، وانتهي من آيات القرآن الكريم المطعمة بالرخام الأسود، والتي تبدو لينة ورقيقة ، وعلى الرغم من انها مصنوعة من منحنيات الحجر الا انها تبدو كلها تقريبا مكتوبة بخط اليد ، واختار امانة خان 22 من آيات القرآن الكريم ، ومن المدهش تقريبا في هذا الخط انه مطعم بالزهور الرائعة والتي وجدت في جميع انحاء مجمع تاج محل، وهو قام بذلك في عملية تعرف باسمبارشين كاري ، وهي عبارة عن قطع الحجارة بمهارة عالية الى قطع زخارف نباتية معقدة من الرخام الأبيض المطعم بالأحجار الكريمة وشبه الكريمة لتشكيل الكروم المتشابك والزهور .

وعن الأحجار الكريمة قالت : 43 نوع من أنواع الأحجار الكريمة وشبه الكريمة المختلفة والمستخدمة لهذه الزهور من مختلف انحاء العالم، بما في ذلك اللازورد من سريلانكا، واليشم من الصين، والمرمر من روسيا، والفيروز من التيبت .

حديقة تاج محل :
وبسؤالها عن حديقة تاج محل قالت الباحثة الاثرية : كانت الحديقة في تاج محل جزءا لا يتجزأ من خطة لجعله أجمل مكان على الأرض ، وحديقة تاج محل تقع الى الجنوب من الضريح، ولديها أربعة أجزاء، مقسوما على أربعة ، ولسوء الحظ، انه لم تنجو اية سجلات تقول لنا ما زرع من نباتات في الأصل في حديقة تاج محل .

وحكت نجلاء عن نهاية شاه جهان قائلة : بقي شاه جهان في حزن عميق لمدة عامين و كانت وفاة زوجته اثرت فيه بعمق ، وفي عام 1658 قضى شاه جهان اخر ثماني سنوات من حياته وهو يحدق خارج النافذة، ويبحث عن حبيبته في تاج محل ، وعندما مات شاه جهان في 22 يناير 1666، دفن مع ممتاز محل في سرداب تحت تاج محل في الطابق الأرضي.

وأشارت خلال حديثها إلى وضع تاج محل بعد وفاة الإمبراطور المغولي أنه ترك ثروة كافية في خزائنه لدعم تاج محل وتكاليفه صيانته ، ولكن على مدى قرون، فقدت الإمبراطورية المغولية ثرواتها وسقط تاج محل في حالة سيئة ، ومن قبل عام 1800 اطاحوا البريطانيون بالمغول واستولوا على الهند، وبالنسبة للكثيرين، كان تاج محل جميل ولكن تم قطع الأحجار الكريمة من الجدران، وسرق الشمعدانات الفضية والابواب، وحتى حاولوا بيع الرخام الأبيض في الخارج.

وفي ختام حديثها عن وضع تاج محل الآن قالت : “أصبح تاج محل مرة أخرى مكان رائع، مع 2.5 مليون سائح سنويا ويمكن للزوار زيارته خلال النهار، حيث لون الرخام الأبيض يتغير اعتمادا على التوقيت ، ومرة واحدة في الشهر، الزوار لديهم الفرصة للقيام بزيارة قصيرة اثناء اكتمال القمر، لكي يروا كيف يبدو تاج محل وهو متوهج من الداخل في ضوء القمر ، وفي عام 1983، وضع تاج محل على قائمة التراث العالمي من قبل اليونسكو ، لكنه يعاني الان من ملوثات المصانع  القريبة ومن الرطوبة”.