الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإسلام كرم المرأة.. المؤسسات الدينية تحسم الجدل حول تصريحات مبروك عطية.. والأزهر: لا مبرر لجريمة قتل النّفس مُطلقًا

مبروك عطية
مبروك عطية

المؤسسة الدينية تحسم الجدل حول تصريحات مبروك عطية

الأزهر: قتل النفس التي حرّم الله كبيرة من أبشع الجرائم

دار الإفتاء: تحريض للعدوان على المرأة وتحقيرها

جامعة الأزهر: تصريحات شخصية ولا تعبر إلا عن رأي صاحبها

 

استنكرت المؤسسة الدينية حديث الدكتور مبروك عطية العالم الأزهري بشأن تبرير جريمة القتل والتحرش وربطها بملابس المرأة، على خلفية جريمة قتل طالبة جامعة المنصورة.

وتعرض الدكتور مبروك عطية، العالم الأزهري، لهجوم حاد، بسبب تصريحاته عن مقتل طالبة جامعة المنصورة نيرة، معلناً في بث مباشر على «فيسبوك»، عن أن هذا هو لقاؤه الأخير وإنه قد يعود أو لا، وأوضح خلاله عن ما قصده من تصريحاته عن الطالبة نيرة.

الانتقاص من أخلاق غير المحجبة

أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن الإسلام حفِظَ  النَّفسَ، ووضع لهذه الغاية العُظمى منظومة تشريعة مُتكاملة، تقيم مجتمعًا سويًّا فاضلًا.

وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، ان حياة الإنسان ملك لخالقه سبحانه، والاعتداء على حقّه في الحياة جريمة نكراء من أكبر الكبائر، سواء أكان الاعتداء من الإنسان على أخيه الإنسان، أو من الإنسان على نفسه بالانتحار.

وشدد على أن قتل النفس التي حرّم الله كبيرة من أبشع الجرائم، غلّظ عليها الإسلام العقوبة؛ فقال سبحانه: {مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِيٓ إِسْرَٰٓءِيلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفْسَۢا بِغَيۡرِ نَفْسٍ أَوۡ فَسَادٖ فِي ٱلۡأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعٗا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحْيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعٗاۚ وَلَقَدۡ جَآءَتْهُمۡ رُسُلُنَا بِٱلْبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرٗا مِّنْهُم بَعۡدَ ذَٰلِكَ فِي ٱلۡأَرۡضِ لَمُسرِفُونَ}. [المائدة: 32]
وقال سبحانه عن جريمة الانتحار: {...وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا . وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا . إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا}. [النساء: 29 -31]

وأشار إلى أن الالتزام بالدين ومعرفة الشرع وعاقبة الكبائر يحجز الإنسان عن الجرائم التي عدّها الإسلام من كبائر الذنوب، وجهالة الدين وغياب الوعي والضمير من أسباب الجرأة على حدود الله وحقوق الناس، وفاعل هذه الجرائم البشعة مُتجرد من كل قيم وتعاليم الدين بل والإنسانية.

وبين مركز الأزهر العالمي، أنه لا توجد محنة في الدنيا تُبرر إزهاق الإنسان روحه، أو أن يعتدي على غيره، بل لكل مِحنة سبيل فرج، وبعد العسر يأتي من الله اليسر، والدنيا دار ابتلاء ومكابدة، والعبد مأمور بالصّبر والعمل، وموعود بالفوز والجنّة، إذا توكّل على ربّه وأحسن الظَّنَّ فيه وأخذ بالأسباب المشروعة.

وأكد أن قيام الدّولة بالقصاص من القاتل، حقٌّ عامٌّ للدولة وللمقتول ولأهله وللمجتمع كله، حتى ينتشر بساط الأمن فيه؛ قال الله سبحانه: {وَلَكُمْ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٌ يَٰٓأُوْلِي ٱلْأَلْبَٰبِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.[البقرة: 179]

وأوضح ان توقيع أقصى العقوبات على المُجرمين المُتجاوزين حدود الدين والإنسانية بجرائمهم البشعة، ورؤية الناس لمآلهم ونهايتهم، يزجر عن ارتكاب جرائم مُماثلة، وينشر الأمن وبساط عدالة القانون في المُجتمع.

وذكر مركز الأزهر العالمي، ان إعادة صياغة المُحتوى الإعلامي بشكل عام، والفنّي بشكل خاص، بما يناسب قيم المجتمع المصري والعربي وهُوّيّته وثقافته، ويدعم تصحيح المسار السّلوكي لأبنائه، ويعزّز أمن المجتمع واستقراره؛ واجبٌ شرعيٌّ ووطني.

وأضاف انه لا مبرر لجريمة قتل النّفس مُطلقًا، سواء في ذلك قتل الإنسان لأخيه الإنسان أم اعتداء الإنسان على نفسه بالانتحار، بل تبرير الجرائم جريمة كُبرى كذلك.

وأضاف ان الإسلام كرم المرأة، ووصّى بها سيدنا رسول الله ﷺ خيرًا، ولا يجني المُجتمع من محاولات تسليعها في كثير من المحتويات الترفيهية إلا مزيدًا من انتهاك حقوقها، والتجرؤ البغيض عليها.

وأوضح أن الخوض في أعراض المسلمين -سيما من أسلم روحه لبارئه سبحانه- سلوك مُحرَّم، وإيذاء مذموم للأحياء والأموات، ذمّ الله صاحبه في القرآن الكريم، فقال سبحانه: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}. [ الأحزاب: 58]

وأكد أن الانتقاص من أخلاق المُحجَّبة أو غير المُحجَّبة؛ أمرٌ يُحرِّمه الدِّين، ويرفضه أصحاب الفِطرة السَّليمة، واتخاذه ذريعة للاعتداء عليها جريمة كبرى ومُنكرة.

وتابع : للمجتمع الإيجابي دورٌ واعٍ في وأد الجرائم، وحسن التّخلص من أجزائه المفسده المخرّبة، بالاتحاد والفاعلية والحفاظ على القانون، أما السلبية مع القدرة على منع المعتدي، والاكتفاء بتصوير الجرائم عن بُعد، فأمور تساعد على تفاقم الجريمة وتجرؤ المُجرمين.

وأكد أن تداول مقاطع الجرائم المُصوَّرة، وتكرار نشرها على مواقع التّواصل الاجتماعي ينشر الفزع بين أبناء المُجتمع، ويُنافي قيم الرَّأفة، والرَّحمة، والسِّتر، ومراعاة تألم ذوي الضَّحيَّة، وخُصوصيتها.

وأوضح أن تشويهُ معنى القُدوة ينشر الانحلال الخُلقي، والجريمة، ويُزيّف الوعي، ويُفسد الفِطرة، والنَّماذج السَّيئة في المُجتمعات التي تروّع الآمنين وتحمل السِّلاح؛ لا يُحتفَى بها، ولا تقدم كأبطال في المُحتويات الدّراميّة والغِنائيّة، ولا يُتعاطف مع خطئها، بل تُبغَّض أفعالها، ويُحذَّر النَّاس منها.

وقال مركز الأزهر العالمي، إن صناعة القُدوات الصَّالحة المُلهِمة، وتسليط الضَّوء على النَّماذج الإيجابية المُشرِّفة من أهم أدوار الإعلام الرَّفيعة في بناء وعي الأمم، وتحسين أخلاق الشَّباب، وانحسار الجرائم.

اختيار الأسلوب المناسب

قالت دار الإفتاء إن من واجب العلماء اختيار الأسلوب المناسب في الحدث المناسب وليس من طريقة أهل العلم الراسخين لوم الناس على أي تقصير في وقت المصائب والبلايا بل الواجب تسليتهم ومواستهم وما اعتاده بعض المدعين عند حدوث حالات اعتداء على الفتيات من تحرش أو قتل من ربط ذلك بترك الحجاب هو حديث فتنة وليس له علاقة بالمنهج الصحيح وفيه تحريض علي العدوان علي المرأة وتحقيرها.

تصريحات شخصية

تابع المركز الإعلامي بجامعة الأزهر التصريحات التي صدرت عن أحد الأساتذة، والتي لا تتناسب مع تقدير المؤسسة الأزهرية للمرأة واحترامها لها، والخطوات العملية التي اتخذتها للحفاظ على حقوقها وتعزيز مكانتها وتمكينها من المناصب القيادية بجميع قطاعات الأزهر الشريف، وتقلدها لأرفع المناصب داخل الجامعة. 

وأكدت جامعة الأزهر أن هذه التصريحات هي تصريحات شخصية لا تعبر إلا عن رأي صاحبها، داعية منتسبيها إلى التمسك بالمنهج الأزهري في طرح الموضوعات ومناقشتها، ومخاطبة الجماهير بما يتناسب مع تاريخ المؤسسة العريق، وتقدير واحترام عموم الناس لأساتذة الأزهر وتوقيرهم لعلمائه. 

وأهابت الجامعة بضرورة التفرقة وعدم الخلط بين رأي المؤسسة الأزهرية والذي تمثله هيئاتها العلمية والفقهية المعتبرة: هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، وجامعة الأزهر، ومركز الأزهر العالمي للفتوى والرصد الإلكتروني، وبين تلك الآراء التي تصدر بشكل شخصي من البعض، والتي لا تعبر إلا عن وجهة نظر صاحبها.

يعكس صورة سلبية عن الرجل

قال الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن تصريحات الدكتور مبروك عطية حول المرأة تمثل إهانة للرجل ذاته، معلقا «يعكس صورة سلبية عن الرجل في الإسلام».

وتساءل خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى، ببرنامج «على مسئوليتي» على قناة صدى البلد «هل صورة الرجل في الإسلام أنه يتحرش بالمرأة، أم أنه يتحكم في غرائزه، القرآن الكريم حث على غض البصر، أنت مالك ومال اللي لابساه»، معلقا «حزين أن تكون أخلاق الشاب الجامعي الذي ارتكب جريمة المنصورة بهذا المستوى من الرداءة، ربما كانت هذه الفتاة ستصبح عالمة، أو زوجة صالحة ومربية فاضلة في المجتمع».

وأضاف النجار «لقد أسيء إلى الإسلام بسبب الأصوات غير المسئولة، الدين لا يقبل أبدا هذا الهراء»، متسائلا «أهل الشاب مرتكب الجريمة مسئولون أمام الله، يجب عليهم تحمل الجريمة».

وأردف «لا ألوم على شخص بعينه، لكن ألوم على من مكنوا هؤلاء الأشخاص وحولوا الدعوة إلى نوع من التنكيت، وتصبح من النوادر التي يتحاكى بها الناس ويضحكون عليها، كل داعية يجب أن يتقي الله، ويربأ بنفسه عن التربح من الدعوة ماديا أو معنويا»، معلقا «صدمت من تصريحات الدكتور مبروك عطية، ما قيل بغض النظر عن قائله كلام لا يمت للدعوة بصلة».

واستطرد «أطالب مجلس النواب والشيوخ بالتعجل في إصدار ضوابط لمن يتصدر الدعوة والفتوى»، مشيرا إلى أن البعض يسعى وراء المشاهدات والأموال، معلقا «الله حذر من الشراء بآياته ثمنا قليلا، من يتصدر للدعوة لهذا السبب وضعوا أنفسهم في موقف حرج أمام الله».

وواصل «الفقهاء يطلقون على الأمور المتعلقة بالملابس والطعام بالمباحات، أي أمور شخصية ذاتية سيعاقب عليها الله، ولو مش عاجباك التزم بقول الله وأمره بغض البصر»، مؤكدا أن دور العلماء يتمثل في إظهار حدود المباح.

وشدد النجار على ضرورة تعامل العلماء مع القضايا الحياتية بثقافة الإسلام وليس ثقافته الذاتية وما سمعه من الآخرين، ومن استقاه من بيئته، مضيفا «والله الحيوان في الغابة لا يمكن أن يقرب من الأنثى إلا برضا منها، لكن الزواج بالإجبار مثلما أراد مرتكب الجريمة أسلوب حيواني لا يرضى عنه الشرع».