الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ثروت عكاشة يكشف كواليس ما بعد الإطاحة بالملك وطلبات جمال عبد الناصر

ثورة ٢٣ يوليو
ثورة ٢٣ يوليو

يعتبر الجنرال والكاتب ثروت عكاشة، أحد المشاركين في ثورة 23 يوليو 1952 والتي تحل ذكراه غدا، وكشف عكاشة في كتابه "مذكراتي في السياسية والثقافة"، عن إجراءات واحداث ما بعد ليلة الثورة.

وقال ثروت عكاشة في الكتاب: "لقد كان همى حين شاركت في هذه الحركة منذ أن بدأت إلى أن انتهت أن أبذل كل جهد في إنجاحها ، ولم يدر بخلدي أن ثمة مطمعا وراءها في اعتلاء كراسي الحكم أو المشاركة في السياسة ، بل كنت أومن أننا تقوم بهذه الحركة لتخليص البلاد من شر استفحل فعجز الساسة عن تداركه وتلافيه ، حتى إذا ما أنجزنا مهمتنا عدنا إلى ثكناتنا وتركنا للبلاد حقها المشروع في اختيار من تثق فيه بعد تلك التجربة الطويلة ليتولى أمرها في جو لا ضغط فيه لملك طائش ولا لمستعمر جيار، وإنما يرد الأمر فيه إلى الأمة لتقول كلمتها الفاضلة".


ثروت عكاشة يكشف كواليس ثورة ٢٣ يوليو وما بعد ليلتها
 

واضاف ثروت عكاشة: "وأعترف أننا كنا فيها انتويناه قبل ونحن نعد لهذه الحركة أن يكون قصار وقف الملك عند حده ورده عن طغيانه وتثبيت أركان الدستور وتمكين الشعب من حقوقه كاملة، فلا يكون عدوان هنا أو هناك، كما كانت النية معقودة على تنقيد الأهداف التي نادينا بها في منشوراتنا والتي حددناها فيما بعد في المبادئ الستة المعروفة، وإذا نحن ـ معشر الضباط الأحرار بعد أن ككل الله مسعانا في يسر غير متوقع وانتهى الأمر بنا إلى هذه الغاية الحميدة نرى أن وجود الملك بات غير مأمون العاقبة، فما يدرينا لعل حركة مضادة تقع فتعيد الأمور سيرها الأولى، ووجد جمال عبد الناصر أن الخطر الكامن وراء هذا كله هول بقاء الملك، من أجل هذا رأى و الفرصة مواتية إجبار الملك عل التخلي عن العرش ليصفو الجو صفاء لا شائبة فيه ولا رجعة معه إلى الوراء".

ثروت عكاشة: جمال عبد الناصر أخبرني بخلع الملك في ست ساعات
 

وتابع: " وفي منتصف ليلة ٢٥/٢٤ يوليه اتصل بي جمال عبد الناصر متعجلا لقائي بمقر القيادة فتوجهت إليه لساعتي ليبلغني بما استقر عليه الرأي من خلع الملك، وإذا هو يعهد إلى بإعداد كتيبة دبابات وإرسالها إلى الإسكندرية لتتولي هذه المهمة إلى جوار وحدات من الأسلحة الأخرى، فقلت له حسبنا خلع الملك وإبعاده دون إراقة دم کما تعاهدنا، فطمأني إلى أن هذه هي نيته الشخصية وأنه حريص من أن تظل ثورتنا بيضاء، وقد رأيت ليلتها إرسال نصف كتيبة من الآلاى الأول المدرع الذي كان على أهبة الاستعداد لهذا التحرك كما أسلفت بالقطار، والنصف الآخر فوق الناقلات على الـطـريـق الصحراوي حتى إذا ما تدخلت القوات البريطانية لتحويل القطار عن مساره أمكن للنصف الآخر تأدية المهمة المنوطة به، وفي فجر يوم ٢٥ يوليه قام القطار محملا بنصف قوة الدبابات من محطة العباسية العسكرية، وبعد ساعة كنت أشرف على عبور الناقلات حاملة الدبابات عند كوبرى الجلاء في طريقها إلى الإسكندرية، وقد وصلت الكتيبة إلى الإسكندرية كامله دون أن يعترضها معترض حيث تولى حسين الشافعي قيادتها مع كتيبة من السيارات المدرعة، وقد تم هذا بعون الله حقا إذ كان من الاستحالة بمكان تنفيذ هذه المهمة الخطيرة خلال تلك المهلة الوجيزة التي لم تتجاوز ساعات ست".


لماذا رفض ثروت عكاشة طلب جمال عبد الناصر عقب ثورة يوليو
 

وأكمل ثروت عكاشة: "وبعد أن كتب النجاح لحركة الجيش بأسابيع سألني عبد الناصر أن أزوره في مقر قيادة الجيش بكوبرى القبة ، وعندها عرض على أن أنضم عضوا إلى مجلس قيادة الثورة ، وكان التفكير قد بدأ في أن يكون كل سلاح من أسلحة الجيش الرئيسية ممثلا فيه، وإذ كنت من سلاح الفرسان لذا عرض على أن أكون ممثلا لهذا السلاح شأن ما كان من اختيار زكر محیي الدین ویوسف صديق ممثلين لسلاح المشاة وعبد المنعم أمين ممثلا لسلاح المدفعية، وأعترف أن العرض كان مفاجأة تامة لي لم تدر قط بخلدي ، فاعتذرت إليه لتوى لأسباب أبديتها له ، أولها أني رأيت أن هذا قد يكون ثمنا لعمل أديته كان واجبا علي أداؤه دون نظر إلى جزاء، سلاح الفرسان و«الحركة» لم تومن بعد والجيش البريطاني على مبعدة ساعات من القاهرة، وثالثها أنه مادام هناك من هو أقدم منى رتبة في سلاح الفرسان من ممن شاركوا في الحركة مشاركة جادة حقه وهو حسين الشافعي، فأرى أنه أولى مني بهذا، وقد لمست كم طابت نفس عبد الناصر هذا الموقف مني ووافقني على رأيي، وطلب إلي أن أتولى بنفسي إبلاغ حسين الشافعي بهذا الاختيار، فغادرته حسين أنهى إليه ما حدث".


وأوضح في مذكراته التي صدرت الطبعة الأولى منها علم ١٩٨٨: "وبعد ما يقرب من ربع قرن على تلك الواقعة وكنت أتذاكر مع الصديق خالد محيى الدين أحداث بداية الثورة بمناسبة ظهور كتاب « قصة ثورة ٢٣ يولية» للأستاذ أحمد حمروش، الذي قـال فـيـه: « أنــى كـنـت مـن بيـن مـن يسعون للظفر بالمناصب» أن نفي خالد هذا الزعم مؤكدا الرواية التي ذكرتها، ترى هل كان هناك منصب يطمح إليه أعلى من منصب عضو في مجلس قيادة الثورة الذي اعتذرت عن قبوله؟ بل قد سجل خالد لي شهادته عن هذه الواقعة بخط يده مستندا إلى كتاب سلمته إليه به بيد، ثم أفصح لي عن أمر كنت أجهله قائلا: « لقد آن أن أصارحك ما كتمته عنك طيلة هذه المدة إذ لم ترد مناسبة لذكره، وهو أن جمال عبد الناصر قد حمد لك موقفك بإيثارك الاخ حسين الشافعي لعضوية مجلس الثورة،  وقد اعترف لي بأنك قد رفعت عنه الحرج الذي كان يستشعره لأنه إذا ما ضمك إلى المجلس يكون قد حضر الأقدمية فضلاً عن دور حسين الهام أيضاً ليلة ٢٣ يوليه ١٩٥٢»".