قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الشتاء الأقسى في تاريخ أوروبا.. بوتين يشهر سلاحه الأقوى للضغط على دول القارة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

حذر الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي من أن الشتاء المقبل سيكون الأكثر صعوبة وقسوة في تاريخ أوكرانيا، بسبب القفزة الواسعة في أسعار الغاز والطاقة نتيجة الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وقال زيلينسكي، في كلمة متلفزة موجهة إلى الشعب الأوكراني، إن أسعار الغاز في أوروبا ارتفع إلى أكثر من 3300 دولار لكل ألف متر مكعب، مضيفًا "هذا الشتاء سيكون الأصعب في تاريخنا بالفعل".

الشتاء سلاح روسيا التاريخي

لطالما أنقذ الشتاء روسيا عبر التاريخ من غزوات الأمم الأخرى، فقبل أن يصل الغزاة إلى موسكو عبر مساحة روسيا الشاسعة كان الشتاء يدهم الجيوش الغازية في العراء ويحيل حياة الجنود والضباط إلى جحيم، ويجبرهم على التوقف أو التراجع بعد أن يوقع في صفوفهم من الخسائر في الأرواح ما يفوق خسائرهم في المعارك.

ولعل أشهر مثالين تاريخيين على إنقاذ الشتاء لروسيا من الجيوش الغازية هما هزيمة حملة إمبراطور فرنسا نابليون بونابرت لغزو روسيا في ديسمبر 1812، وهزيمة جيوش ألمانيا النازية وفشلها في اجتياح العاصمة موسكو في ديسمبر 1941، وفي كلتا الحربين نال الشتاء من جيوش فرنسا وألمانيا بشكل فاق مقاومة الجيش والشعب الروسي.

وفي الوقت الراهن، تعول روسيا بزعامة رئيسها فلاديمير بوتين على تحالفها التاريخي مع الشتاء للضغط على المعسكر الغربي المتحالف مع أوكرانيا، وبالتحديد أوروبا، من أجل تخفيف حدة مواقف دول القارة تجاه روسيا وإجبارها على رفع بعض العقوبات المفروضة على موسكو.

فأوروبا، التي تعتمد على روسيا لإمدادها بنحو نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعي اللازم لتشغيل النشاط الصناعي والمرافق وأنظمة التدفئة، مقبلة على شتاء يبدو بالفعل هو الأقسى في تاريخ القارة، مع انقطاع إمدادات الغاز الروسي عن بعض دول القارة، وتقليص حجمها المباع إلى دول أخرى، ورفض معظم الدول الأوروبية الانصياع لشرط روسيا الدفع بالروبل مقابل إمدادات الغاز.

الشتاء قادم.. الوقت يداهم أوروبا

مع مضي نصف عام على نشوب الحرب بين روسيا وأوكرانيا، يشعر المسئولون في أوروبا بالقلق من أن الإجماع قد ينهار مع دخول القارة في شتاء قاتم بفعل ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والطاقة المطلوبة لتدفئة المنازل، والاحتمال الحقيقي لحدوث ركود.

ووفقًا لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، ينشغل المسؤولون والدبلوماسيون الأوروبيون يوميا بالتفكير في أزمة الوقود الشتوية حيث حصلت أوروبا على حوالي 55٪ من إجمالي وارداتها من الغاز في عام 2021 من روسيا.

كما أن الدول الأوروبية متعطشة أيضا إلى النفط الروسي، حيث يتجه نحو نصف صادرات النفط الروسية إلى القارة الأوروبية، وقد ذُكر أن الاتحاد الأوروبي استورد 2.2 مليون برميل من النفط الخام يوميا في عام 2021.

وخلال الأشهر الماضية، توقفت روسيا بالكامل عن ضخ الغاز إلى بلغاريا والدنمارك وفنلندا وهولندا وبولندا، وخفضت الكميات لدول أخرى بشكل كبير.

وستعلّق روسيا صادراتها من الغاز إلى ألمانيا عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1" لبضعة أيام أواخر الشهر الحالي، في ثاني توقف من نوعه خلال الصيف.

وعلى الرغم من أن موسكو تعلّل هذا الإجراء بأعمال الصيانة، إلا أن برلين سبق أن اتهمتها باستخدام موارد الطاقة كسلاح ضمن التوتر مع الغرب بسبب أوكرانيا.

أزمة طاقة عالمية

تتوجس حكومات أوروبا من فصل شتاء تبقى فيه أجهزة التدفئة المنزلية بلا حرارة، وتوقف المصانع دورة إنتاجها.

وترى أطراف غربية أن الرئيس الروسي فلاديمير يوتين يستخدم موارد الطاقة كأداة في المواجهة مع الغرب الذي فرض عقوبات ضد بلاده على خلفية غزوها أوكرانيا منذ فبرايرالماضي.

وأدى خفض تدفق هذه الموارد إلى ارتفاع حاد في أسعار الغاز، ما انعكس زيادة في أسعار الكهرباء نظرا لاعتماد العديد من محطات الإنتاج على هذه المادة لتوليد الطاقة. وما زاد الطين بلّة، ارتفاع أسعار النفط، على الرغم من أنها عاودت الانخفاض بعض الشيء في الآونة الأخيرة.

وكتب فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، الشهر الماضي إن "العالم يشهد أزمة الطاقة العالمية الأولى فعليا في تاريخه". وأضاف "الوضع محفوف بالمخاطر خصوصا في أوروبا، مركز الاضطراب في سوق الطاقة".

ونظرا إلى أن الغاز الطبيعي محوري بالنسبة إلى دول عدة، خصوصا إلى ألمانيا التي تحتاج إليه لتشغيل صناعاتها الثقيلة، فقد استُثني من العقوبات الأوروبية ضد روسيا.

رعب الشتاء يجبر أوروبا على التقشف

لجأت العديد من الدول الأوروبية إلى تطبيق إجراءات تقشف غير مسبوقة، من أجل مواجهة أزمة طاقة محتملة، نتيجة نقص إمدادات الغاز القادمة من روسيا، بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا في 24 فبراير الماضي.

واضطر بعض الدول الأوروبية إلى توفير استهلاك الغاز والكهرباء عبر فرض قيود جديدة على الاستهلاك، وفرض غرامات على المخالفين لتلك القيود.

وفقا لقناة "دويتش فيله" الألمانية، بدأ عدد من المدن الألمانية تشكيل خلايا أزمة استعدادا لمواجهة أزمة محتملة في الطاقة، حيث قامت السلطات بإطفاء أنوار معالم المدن وتخفيض الإضاءة بالشوارع بدأت تدابير تخفيض الاستهلاك وتزداد بوضوح الحاجة إلى مستشارين في مجال توفير الطاقة.

وفرضت الحكومة الإيطالية غرامة تصل إلى 3 آلاف يورو، على تشغيل مكيفات الهواء عند درجة أقل من 27، إذ ألزمت الحكومة تشغيل مكيفات الهواء في المباني الحكومية والتعليمية بعموم البلاد عند هذه الدرجة.

وصرح مسؤول كبير في وزارة التحول البيئي الإيطالية بأن الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة في إيطاليا بدأت تعدل إنتاجها لتوفير الطاقة في الوقت الذي تواجه فيه صعوبات بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة.

وفي فرنسا، حظرت السلطات الفرنسية شاشات العرض الدعائية في الشوارع وطلبت عدم تشغيل مكيفات الهواء وتقليل الإضاءة في المتاجر، من أجل توفير استهلاك الكهرباء.

وأصدرت مدن مثل ليون وبيزانسون وباريس مراسيم بلدية منذ منتصف يوليو الماضي لإغلاق أبواب المتاجر المكيفة تحت طائلة الغرامة بينما شهدت فرنسا موجة حر استثنائية. وتخطط الحكومة الفرنسية لتعميم هذا السلوك على الدولة بأكملها، مع غرامة تصل إلى 750 يورو، لكنها ستركز في البداية على التجار.

أما إسبانيا، فكانت دعوة رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، للتخلي عن رابطات العنق بحيث لا يكون الجو حارا جدا، وبالتالي التخلي عن استخدام مكيفات الهواء، هي الأكثر جدلا.

وحظرت الحكومة الإسبانية، تشغيل مكيفات الهواء عند درجة أقل من 27، واضطرت لإطفاء أنوار مبانيها الحكومية عند الساعة 22:00 بالتوقيت المحلي.