الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

انشروه بين الناس| عالم أزهري: الأمل والتفاؤل من أخلاق الأنبياء

الدكتور صفوت محمد
الدكتور صفوت محمد عمارة

قال الدكتور صفوت محمد عمارة من علماء الأزهر الشريف، إنَّ الأمل يُعرّف بأنه حالة من التحفيز الإيجابي القائم على شعور النجاح المُكتسب بشكل تفاعلي، هو العاطفة التى يشعر معها الإنسان بالتفاؤل والإيجابية تجاه ذاته وتجاه الآخرين، وهو أفضل الطرق للحصول على الطاقة الإيجابية، ويُعدُّ بمثابة النافذة التي يشعُّ منها ضوء الشمس ونور الصباح؛ فحين يشعر الإنسان بالأمل تتولد لديه الرغبة في فعل الكثير من الأشياء، ويرى الحياة بألوانها الورديّة التي تُعيد له الشغف والإقبال على العمل والطموح وتحقيق الأهداف، ومن الآيات التي تُعطيك أملًا في غدٍ أفضل، قوله تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1].

خلق الأمل والتفاؤل من أخلاق الأنبياء

وتابع: التفاؤل يُعرّف بأنه المدخل إلى الفرح والسعادة، لأنه يُشعر صاحبه أن السعادة قادمة بإذن الله، وأن في كل شيء جانبٌ مضيء يجب البحث عنه، وأن مع العسر لابدّ وأن يأتي اليسر، قال تعالى: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7]؛ فطبيعة الحياة لا تسير على وتيرة واحدة.

وأضاف «صفوت عمارة»، خلال خطبة الجمعة اليوم، أنَّ خلق الأمل والتفاؤل من أخلاق الأنبياء والمرسلين، وهو الذي ساعدهم في مواصلة دعوة أقوامهم إلى اللَّه دون يأس أو ضيق أو ملل، برغم ما كانوا يلاقونه من إعراض ونفور وأذى، أملاً في هدايتهم، وإخراجهم من الظلمات إلى النور؛ فلقد حرص الأنبياء والمرسلين على التحلي بالأمل والتفاؤل في مختلف الأوقات وأكثرها صعوبة.

وأكد «صفوت عمارة» أنَّ اللَّه عزَّ وجلَّ أمر عباده بأن يظنوا الخير دائمًا، وأمرهم أن يكونوا متفائلين؛ لأن هذا من علامات التوكل على اللَّه، على عكس التشاؤم واليأس الذي يُشير إلى عدم اليقين وعدم حسن الظن باللَّه؛ فمن عرف باب الأمل لا يعرف كلمة المستحيل؛ ففي قلب كل شتاء ربيع نابض ووراء كل ليل فجر باسم؛ فالمتفاؤل يرى الفرص في كل مصيبة والمتشائم يرى الهلاك في كل مصيبة.

وأشار «صفوت عمارة» إلى أن حياة الأنبياء مليئة بصور الأمل والتفاؤل نذكر منها:
«نوح عليه السلام»، ظل يدعو قومه إلى الإيمان باللَّه دون أن يمل أو يضجر أو يسأم ألف سنة إلا خمسين عامًا، بل كان يدعوهم بالليل والنهار في السر والعلن فُرادى وجماعات؛ فأوحى الله إليه أنه لن يؤمن معه أحد إلا من اتبعه فصنع السفينة، وأنجاه الله هو والمؤمنين.

ولم يُفارق الأمل «إبراهيم عليه السلام»، حيث صار شيخا كبيرا في السن ولم يرزق بأولاد، ودعا الله عز وجلّ فاستجاب له ووهبه إسماعيل وإسحاق، ولم يُفارق الأمل «يعقوب عليه السلام»، حينما فقد يوسف عليه السلام، حيث لم ييأس ولم يقنَط من رحمة الله، ولم يُفارق الأمل «يوسف عليه السلام»،  عندما مر بمحن اتهامه بمحاولة التعدي على زوجة العزيز وتفضيله السجن على أن يرضخ لمطلبها، فأودع السجن لسنوات؛ فلم يتخلى عن إيمانه وثقته بالله وكان دائم اللجوء إليه وكان له العاقبة الحسنة حيث أصبح عزيز مصر ومالك خزائنها واتى بابيه وإخوته وقومه لأرض مصر، ولم يُفارق الأمل «أيوب عليه السلام»، حينما ابتلاه الله بذهاب العافية، والولد، والمال.

ولم يُفارق الأمل «يونس عليه السلام»، حيث التقمه الحوت وكان الأمل في نجاته منعدمًا وخاصة إذا علمنا أنه في ظلمات ثلاث، ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، لكن يونس عليه السلام لم يفقد الأمل: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (الأنبياء: ٨٧)؛ فجاءه الرد الرباني على جناح السرعة: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ} (الأنبياء: ٨٨)، و«موسى عليه السلام»، لم يفقد الأمل والثقة في نصر الله حين طاردهم فرعون وجنوده، فظن قومه أن فرعون سيدركهم، وشعروا باليأس حينما وجدوا فرعون على مقربة منهم، وليس أمامهم سوى البحر؛ فأمره الله أن يضرب بعصاه البحر، فانشق نصفين، وعبر موسى وقومه البحر في أمان، ثم عاد مرة أخرى كما كان، فغرق فرعون وجنوده، ونجا موسى ومن آمن معه.

وكان نبينا «محمد صلى الله عليه وسلم»، مُتفائلاً في كل أحواله، مُحسنا الظّنّ بربه في كل أوقاته، وكانت حياته مليئة بالأمل والتفاؤل، رغم ما فيها من شدة وبلاء؛ ففي حادثة الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة، أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بالأسباب الظاهرة والمتاحة له، إلا أن المشركين وصلوا إليه وهو في غار ثور، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم، وصاحبه سير أقدامهم وكلامهم، وهنا خاف أبو بكر رضي الله عنه، على النبي صلى الله عليه وسلم، وحُقَّ له ذلك، فقال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: وأنا في الغار: لو أنَّ أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال: «ما ظنك يا أبا بكرٍ باثنين الله ثالثهما» [رواه البخاري ومسلم].