الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كارثة وجريمة .. لماذا تساهم بنوك مركزية عالمية في تدمير رئة الأرض؟

غابات الأمازون رئة
غابات الأمازون رئة الأرض

كشف تقرير صادم أصدرته منظمة "شاهد عالمي" الحقوقية أن عددًا من البنوك المركزية الكبرى حول العالم تساهم بشكل غير مباشر في تمويل شركات عملاقة تدير مشروعات تعتمد على إزالة أشجار غابات الأمازون في البرازيل والتي يُطلق عليها اسم رئة الأرض لأنها تساهم بنحو 20% من نسبة الأكسجين الكلية الموجودة في الغلاف الجوي للأرض.

ووفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية، ذكر التقرير أن الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) وبنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) والبنك المركزي الأوروبي بين بنوك مركزية أخرى اشترت سندات بملايين الدولارات أصدرتها شركات مرتبطة بعمليات إزالة الغابات.

وأضاف التقرير أنه "بما أن حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي تمول هذه البرامج، فهذا يعني أن دافعي الضرائب في تلك الدول يمولون دون قصد تدمير غابات الأمازون وغابات أخرى".

تشتري البنوك المركزية سندات تصدرها شركات كبرى من أجل ضخ سيولة في الأسواق المالية عندما تحجم مؤسسات التمويل الخاصة عن الإقراض أو تشدد شروطه، وتسمى هذه العملية "برامج شراء الأصول" وهدفها تقليل تكلفة الاقتراض للشركات لتشجيعها على الاستمرار في الأعمال والتوسع لإبقاء السوق نشطة، وقد شاع الالتجاء إليها بكثافة إبان فترة انتشار جائحة كورونا وما ترتب عليها من تداعيات مضرة بمختلف الأنشطة الاقتصادية.

ويورد تقرير منظمة "شاهد عالمي" أسماء بعض الشركات المنخرطة في مشروعات مدمرة للبيئة، والتي اشترت بنوك مركزية كبرى سنداتها، وبينها شركات "كارجيل" و"آرتشر دانييلز ميدلاند" و"بانج فاينانشال"، وهم من أكبر شركات المشروعات الزراعية العاملة في البرازيل.

تعد البرازيل من أكبر مصدري البقوليات والقهوة والصويا والفواكه ومواد خام أخرى، وقد وجهت في أوقات سابقة إلى الشركات الثلاث المذكورة اتهامات بممارسات ضارة بالبيئة والسكان في البرازيل، وردّت شركتا كارجيل وبانج على الاتهامات الواردة في تقرير منظمة "شاهد عالمي" بأنهما ملتزمتان بإنهاء عمليات قطع الغابات والامتثال للقوانين في معاملاتها المحلية والعالمية.

لكن الجزء الأكبر من الاتهامات الواردة في تقرير المنظمة موجه بالأساس إلى البنوك المركزية الممولة لأنشطة إزالة الغابات، وقال التقرير "منذ عام 2016 اشترى بنك إنجلترا حصة غير معلومة من سندات بقيمة إجمالية 150 مليون جنيه إسترليني أصدرتها شركة كارجيل، واشترى البنك المركزي الأوروبي حصة غير معلومة من سندات شركة بانج، وخلال العامين الماضيين اشترى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ما مجموعه 16 مليون دولار من سندات شركات آرتشر دانييلز ميدلاند وكارجيل وبانج".

وأضاف التقرير "يأتي كل هذا على الرغم من التصريحات العلنية المتكررة للبنوك المركزية الثلاثة التي تؤكد المخاطر التي يشكلها تغير المناخ على الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي طويل الأجل"، وإن أوضح التقرير أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قلص وتيرة برنامج شراء السندات، ويعتزم بنك إنجلترا تطبيق السياسة ذاتها خلال هذا الشهر.

وبرر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي شراء سندات الشركات المنخرطة في أنشطة ضارة بالبيئة بأنه كان في إطار إجراء اتُخذ لمرة واحدة عام 2020 للحفاظ على استمرار نشاط الشركات في وقت جائحة كورونا ومن ثم الحفاظ على الوظائف، مؤكدًا أنه لا ينوي تكرار الأمر مجددًا.

وبدوره قال بنك إنجلترا أنه اشترى سندات مثل هذه الشركات في إطار سياسته لتقليل تكاليف الاقتراض لكل الشركات وقت الجائحة، مشيرًا إلى أن الحصة التي اشتراها من سندات شركة كارجيل كانت ضئيلة للغاية.

ومن جانبه، أكد البنك المركزي الأوروبي أنه يسعى إلى توجيه برامج شراء السندات لديه إلى تشجيع الأنشطة المكافحة للانبعاثات الكربونية، وشراء سندات الشركات الأكثر التزاما في أعمالها بالحفاظ على البيئة والمناخ.

ومع ذلك، يشير تقرير منظمة "شاهد عالمي" إلى أن رفض البنوك المركزية الإفصاح عن أحجام حصصها من سندات الشركات المنخرطة في مشروعات إزالة الغابات يُعد من قبيل غياب الشفافية، وطالبت المنظمة البنوك المركزية بتبني سياسة صارمة ضد أنشطة إزالة الغابات، وسحب استثماراتها من الشركات المنخرطة بها، والانتباه بشكل أكبر للتهديدات التي يواجهها الاستقرار المالي جراء الخسائر الناجمة عن إزالة الغابات والإضرار بالتنوع البيولوجي.

ويأتي التقرير وسط استمرار أنشطة التدمير الممنهج لمنطقة غابات الأمازون، وهي منطقة شاسعة تغطي أجزاء من تسع دول مختلفة في أمريكا الجنوبية، وتعد مخزنا حيويا للكربون وتلعب دورًا شديد الأهمية في امتصاص الانبعاثات التي تسبب أزمة المناخ.

وتم بالفعل قطع 26% من غابات الأمازون، وتجاوزت بعض الأجزاء نقطة التحول حيث تحولت الغابات المورقة سابقًا إلى منطقة حشائش سافانا جافة.