الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لا صوت يعلو عليه.. التهامي: مستحيل أنشد في مدينة بها قبر رسول الله

الشيخ ياسين التهامي
الشيخ ياسين التهامي

عشق الشيخ ياسين التهامي النبي محمد صل الله عليه وسلم، عشقا لم يكن مصطنعا،  فضحى بمجد يحلم به الجميع، لإيمانه الكبير بقدر النبي المصطفى، وعلو هامته، هكذا قال الدكتور محمد الباز في كتابه «ياسين التهامي أسرار عميد دولة المداحين» وبالتحديد في فصل «هل رأى التهامي النبي رأي العين؟».

ويقول الباز: «ينزل ياسين التهامي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، المنزلة التي يستحقها عنده، لن أحدثك هنا عن إنشاده له ومدحه فيه، ولن أحدثك عن ترنمه في عشقه ولا في قصائده التي يختارها بعناية ليضعها بين يديه سأشير إلى حالة الأدب العظمى التي يتحدث بها عنه، يكفيك أن تستمع إلى ياسين التهامي وهو يقول كل ما أنشده هو مدح للنبي صلى الله عليه وسلم فمنه تأتي المعاني كلها وإليه يجب أن تسعى المعاني في حدیث عابر».
سأل أحدهم الشيخ ياسين أي من الشعراء استطاع أن يوفي النبي صلى الله عليه وسلم، حقه في الوصف؟ قال دون تفكير: لا يعرف قدر النبي إلا من خلقه، ولا يعرف كنه رسول الله إلا الله، وأرى أن أجمل بيت شعر قيل في وصف النبي هو ما قاله سيدي عمر بن الفارض، فهو يقول: وعلى تفنن واصفيه بحسنه / يفني الزمان وفيه ما لم يوصف.


سبب رفض ياسين التهامي الإنشاد في المدينة المنورة

رفض من قبل ياسين التهامي الانشاد في المدينة والمنورة، ومازال ويقول في ذلك: «لو عرضوا عليّ أن أنشد في مدينة الرسول ووضعوا مال الدنيا كله بين يدي فلن أقبل كان الرد»، مبررا ذلك بقوله: «لا يمكنني أن أنشد في مدينة فيها قبر الرسول صلى الله عليه وسلم... لأنه لا ينبغي أن يكون هناك صوت يعلو فوق صوته»
ويكمل الباز: «عندما التقيت به بعد ذلك، وكان حاضرًا بيننا شقيقه الأكبر الشيخ الجميل محمود، وجدت أن الشيخ ياسين يحكي له ما دار بيننا، ويعيد عليه ما قاله فهتف الشيخ محمود: الله... الله ... الله، قلت لهما: لقد ذكرنا الشيخ ياسين بما حدث مع الدكتور طه حسين في العام 1955، عندما ذهب ليؤدي فريضة الحج بدعوة رسمية، ويومها طاف بمدن مختلفة كان في كل منها يلقي محاضرات ويجري حوارات صحفية، لكنه عندما وصل إلى المدينة المنورة الترم الصمت تماما، فلم يلق محاضرة، ولم يرد على سؤال يوجه إليه، وعندما عاد إلى مصر سألوه عن سر صمته في المدينة، قال لهم ما كان أن أتحدث في مدينة يسكنها النبي صلى الله عليه وسلم والله يقول لنا: "لا يعلو صوت فوق صوت النبي " أنصت التهامي إلى القصة، دخل في موجة من الصمت تأمل ما قلته، ثم قال: طه حسين قال ذلك... سبحان الله، لا يعلم سر القلوب إلا من خلقها».
ويحرص التهامي على مجاورة النبي وزيارته في العشر الأواخر من رمضان، ولا يفعل شيئا إلا أنه يظل متأملا في روضته، باكيا بالقرب من قبره، جامحا نفسه أن ينشد في محبته، وهو المداح الذي تسمع له الدنيا في كل مكان وهو يعطر لسانه بالمديح الذي لا يطاوله أو يساويه فيه أحد.


طقوس ياسين التهامي في مولد الرسول

في حياة التهامي عادة لم ينقطع عنها منذ بداياته البعيدة في العام 1973، فهو يحيي ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، بطريقته الخاصة، ففي اليوم الأول من شهر ربيع الأول، وعلى عادة والده، يقيم ليلة خاصة في الساحة التهامية يستضيف فيها أهله وأصدقاءه وأهل الحواتكة... وفي هذه الليلة لا ينشد ولكنه يكتفي بضيافة من يأتون للاحتفال بالنبي صلى الله عليه وسلم، يستريح التهامي بعد هذه الليلة يومي 2 و3 ربيع أول، ثم ينطلق في جولة لإحياء ليالي المولد في أسوان ويختتم الجولة في يوم 12 ربيع أول ثم يعود بعد ذلك إلى الحواتكة في استراحة تمتد لثلاثة أيام، ثم يبدأ جولة أخرى في أسيوط، ومنها إلى سوهاج ولا تنتهي ليالي المولد إلا مع اليوم الاخير من ربيع أول وخلال هذا الشهر لا يقبل التهامي إجراء أي لقاءات أو حوارات وكثيراً ما رفض استضافة القنوات التليفزيونية له، ولا يقبل بأي دعوات خارج نطاق الجدول الذي حدده معلنا أن ذلك هو حق النبي صلى الله وسلم عليه ورغم هذه الحالة التي تسيطر على الشيخ ياسين وهي حالة صادقة لا شك في ذلك ولا ريب بها، إلا أنه وجد من يتقول عليه، وينسب إليه ما لم يقله، أو يجرؤ حتى على أن يفكر فيه.


رؤيته النبي.. اتهامات طالت ياسين التهامي

في واحدة من حالات الغضب النادرة تحدث الشيخ ياسين عما نسبوه إليه، فالذين يهاجمونه محاولين شيطنة حالته، ليس مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقط ولكن السادة مع الصوفية أيضًا قالوا عنه وفيه ما لم يعاينه، من بين ما قالوه إن التهامي قال إنه رأى النبي يتجسد أمامه وهو ينشد أكثر من مرة، وإنه قال إنه يظل ينادي على النبي حتى يحضر ولا يبدأ في إنشاده إلا بعد أن النبي أمامه ويطلب منه أن ينشد فيراه أمامه يشارك رواده الاستماع إليه. 
وقالوا أيضًا إنه قال: أنا أشاهد المتصوفة القدامى وأنا أنشد، شاهدت الحلاج في حفلة المعهد العربي بباريس وأنا أنشد قصيدته "لبيك"، شاهدته يجلس أمامي في المقاعد الأولى، وقالوا إنه قال: أنا أشاهد السادة الصوفية وعلى رأسهم سيدي ابن الفارض في موالد مصر، ولمشاهدتي إياهم دائما وأبدًا فأنا أتمنى أن أنشد في عتباتهم وأضرحتهم.
نفى ياسين التهامي أن يكون شيء من هذا قد حدث، وتعجب أن يجرؤ أحد على كتابة هذا الكلام.
كان ما قاله نصا: «أنا أخاطب الفطرة بداخل النفس البشرية، وفطرة الله التي فطر الناس عليها هي التي تجعل الجمهور الغربي متفاعلا معي، بل يبكي إذا رآني أبكي وينتشي طرباً إذا رآني في حالة وجد عالية، أنشدت في كنائس إنجلترا، وكنت أرى الأسياد ومن أدين لهم بالفضل (سيدي الحلاج وابن عربي وابن الفارض) كنت أراهم بعين قلبي يرمقونني وينظرون إلى دائما أراهم حين أنشد أي قصيدة لهم».

أسرار ياسين التهامي لا يفصح عنها

لم ينكر التهامي أن له رؤى، لكنه لا يتحدث عنها أبدًا، يعتبرها من بين أسراره وضعها الله في قلبه، وليس من حقه أن يفصح عنها، يقول: «لقد عاهدت ربي... وأنا لا أخون عهدي معه أبدا»، تمسك التهامي بأن من كتب عنه هذا الكلام ومن كرره من ورائه يكذبون عليه، وكذبهم مردود عليهم وتعجب أن تصل الجرأة بالبعض إلى هذه الدرجة.
يقول التهامي: «عندما أنشد لسيدي عمر بن الفارض أو سيدي محيي الدين بن عربي او سيدي منصور الحلاج فانا اتخيلهم، وأشعر بعطرهم يغمر المكان من حولي... كما أتمنى أن يكون الرسول حولي وانا امدحه وعندما يمنحنى الله من فضله، ويفتح علي من فيض فتوحاته أشعر أن الرسول صلى الله عليه وسلم راض عني... لكنني لا أستطيع أن أخدعهم أو اخدع فيهم الناس وأتقول عليهم بما لم يحدث أبدا».
كما يقول: «من يقولون إنني سادتي الصوفية يجلسون أمامي لا يعرفون معنى أنني أراهم بالإحساس وليس بالرؤية، فأنا أنشد قصائدهم التي لا تفارق الكتاب والسنة، فكل شطرة من شعرهم أستطيع أن أثبت عليها الدليل من كتاب الله وسنة نبيه ومعهم تنتابني حالات لا يعرفها إلا من أدركها، وما لا يعرفه من يتقولون علينا أن الحالات إن لم تتفق مع كتاب الله وسنة رسوله فهي ليست موجودة، ولا أجد ما أقوله لهؤلاء إلا ما خفي عليك حاله ففوض أمره إلى الله... لكن لا تتقول عليه أبدًا».