قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

هل يقود فرانسيس ثورات المستقبل .. بابا الفاتيكان: لا يمكن للكنائس البقاء على الحياد وسط تجاوزات السلطة

بابا الفاتيكان
بابا الفاتيكان

بابا الفاتيكان يدعو الكنائس للثورة بجنوب السودان ويحث على رفع الأصوات ضد الظلم

في خطابه للقساوسة: الزعماء الدينيين لا يمكنهم البقاء على الحياد تجاه الآلام الناجمة عن أعمال الظلم

ما الذي يعنيه لنا أن نكون خدام الله في أرض تعاني من الحرب والكراهية والعنف والفقر

لا يمكن لأحد أن يختلف أن هناك تغيرا واضحا في خطاب البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، وبعد الحرب الروسية الأوكرانية، أطلق البابا تصريحات تحمل ثورية، وكان آخر تلك التصريحات ما أطلقها اليوم خلال زيارته لجنوب السودان، وذلك عندما قال إنه لا يمكن لرجل الدين أن يقف على الحياد تجاه تجاوزات السلطة، ودعا كنائس جنوب للثورة على الظلم المنتشر بالبلاد.

وتأتي تلك التصريحات بعد أسبوع من تصريحاته التي قال فيها إننا نعيش حربا عالمية ثالثة، وفي خطاب ثوري، ذكر البابا أن الكرسي الرسولي، الذي ورث هذه الدعوة الكونية، يهتم دوما بقضايا الشعوب وطموحاتها وجهودها وصعوباتها في البحث عن حياة أفضل، وهي تصريحات تعيد للأذهان الثورات التي قادها قساوسة في عدد من بلاد العالم.

تصريحات جنوب السودان

وفي أول يوم كامل له في جنوب السودان، قال البابا فرانسيس إن الكنائس في جنوب السودان لا يمكن أن تظل محايدة، ولكن يجب أن ترفع أصواتها ضد الظلم وإساءة استخدام السلطة، وتأتي تلك التصريحات خلال زيارته هو واثنان من القادة المسيحيين الآخرين، في مهمة سلام إلى أحدث دولة في العالم، وفق ما نشرته صحيفة الجارديان البريطانية.

وخاطب فرانسيس الأساقفة والكهنة والراهبات الكاثوليك في كاتدرائية سانت تيريزا بالعاصمة جوبا، حيث أقام رئيس أساقفة كانتربري ورئيس الكنيسة الاسكتلندية خدمات في أماكن أخرى، وقال فرانسيس: "أيها الإخوة والأخوات ، نحن أيضًا مدعوون للتوسط من أجل شعبنا، لرفع أصواتنا ضد الظلم وإساءة استخدام السلطة التي تضطهد وتستخدم العنف بما يناسب أهدافهم، مضيفًا أن الزعماء الدينيين لا يمكنهم البقاء على الحياد تجاه الآلام الناجمة عن أعمال الظلم .

آلام جنوب السودان

وكان جنوب السودان قد انفصل عن السودان في عام 2011 لكنه انزلق في حرب أهلية في عام 2013، حيث انقلبت الجماعات العرقية على بعضها البعض، وعلى الرغم من اتفاق السلام المبرم عام 2018 بين الخصمين الرئيسيين، استمرت نوبات القتال بين الأعراق في قتل وتشريد أعداد كبيرة من المدنيين.

وهناك 2.2 مليون نازح داخليًا في جنوب السودان، من إجمالي عدد السكان البالغ حوالي 11.6 مليونًا، فيما فر 2.3 مليون آخرين من البلاد كلاجئين، وفقًا للأمم المتحدة، وينتشر الفقر المدقع والجوع، حيث يحتاج ثلثا السكان إلى المساعدة الإنسانية نتيجة للصراع وثلاث سنوات من الفيضانات الكارثية.

بعد سماعه لآلام راهبة .. ما الذي يعنيه لنا أن نكون خدام الله

ومن داخل الكاتدرائية، اسمتع البابا فرانسس، إلى راهبة تحكي كيف قُتلت اثنتان من أخواتها في كمين بالقرب من جوبا في عام 2021، وحينها قال : "دعونا نسأل أنفسنا ما الذي يعنيه لنا أن نكون خدام الله في أرض تعاني من الحرب والكراهية والعنف والفقر" ، ثم قاد الصلاة من أجلهم، وتابع: "كيف يمكننا ممارسة خدمتنا في هذه الأرض، على طول ضفاف نهر مغمور بدماء الأبرياء؟" وذلك في إشارة إلى النيل الأبيض الذي يمر عبر البلاد.

وكان من المقرر أن يلتقي البابا ورئيس أساقفة كانتربري وجوستين ويلبي ومدير كنيسة اسكتلندا، إيان جرينشيلدز ، بأشخاص نزحوا بسبب الحرب والاستماع إلى قصصهم في وقت لاحق يوم السبت، وقد شارك القادة المسيحيون الثلاثة، في "رحلة سلام" غير مسبوقة ، لاحقًا في وقفة صلاة مسكونية في الهواء الطلق في ضريح لبطل تحرير جنوب السودان جون قرنق، حيث من المتوقع أن يحضر 50000 شخص.

الزيارة المشتركة هي الأولى من نوعها في التاريخ المسيحي

جنوب السودان تقطنه أغلبية مسيحية ، واصطف عشرات الآلاف في شوارع جوبا للترحيب بالبابا بالغناء وقرع الطبول والزغاريد يوم الجمعة عندما وصل من زيارة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفي خطاب شديد اللهجة لقادة جنوب السودان ، بمن فيهم رئيسه المتحارب سابقًا ، سلفا كير ، ونائب الرئيس ، ريك مشار ، ناشدهم فرانسيس نبذ العنف والكراهية العرقية والفساد.

وفي نفس الحدث، قال ويلبي إنه حزين لاستمرار العنف بعد اتفاق السلام لعام 2018، وتجمع عام 2019 في الفاتيكان حيث ركع البابا لتقبيل أقدام القادة المتحاربين، متوسلاً إياهم لإحلال السلام في جنوب السودان، وقال ويلبي للقادة المجتمعين: "أنا حزين لأننا ما زلنا نسمع عن مثل هذه المأساة، كنا نتمنى ونصلي من أجل المزيد. كنا نتوقع المزيد، ولقد وعدت بالمزيد"، بينما قال كير إن حكومته ملتزمة بشدة بتوطيد السلام في جنوب السودان.

منذ أسبوع .. البابا فرنسيس: نعيش حربا عالمية ثالثة

وليست تلك التصريحات الأولى التي تحمل المعاني الثورية التي يطلقها البابا فرانسيس، فقد كان قد صرح منذ أسبوع تقريبا تصريحات قوية عن الحرب الروسية الأوكرانية، وقال إنه يجب ألا نستسلم أمام الحرب، التي يمكن من رمادها أن يولد شيء جديد.

وأكد البابا فرنسيس، خلال استقباله وفداً من "المعهد الأوروبي للدراسات الدولية، أن السلام الذي نريده لا ينبغي أن يقتصر على توازن القوى وصم الآذان حيال مطالب الضعفاء"، وقال بابا الفاتيكان، إن “الكرسي الرسولي، الذي ورث هذه الدعوة الكونية، يهتم دوما بقضايا الشعوب وطموحاتها وجهودها وصعوباتها في البحث عن حياة أفضل".

وذكر البابا أن العالم شهد حربين عالميتين، وهو يشهد اليوم حرباً عالمية ثالثة، مشيرا إلى الميزانية المخصّصة لصناعة الأسلحة وأنه في حال التخلي عن هذه الصناعة لسنة واحدة لتمكّن العالم من حل مشكلة الجوع، واعتبر أن تطور الأسلحة يعرّض حياة البشر لمزيد من المخاطر، وشدد على أن الحرب رهيبة، وينبغي ألا نستسلم أمامها،

هكذا استعدت جنوب السودان لاستقبال بابا الفاتيكان

وصاحبت زيارة بابا الفاتيكان لجنوب السودان، تدفق عشرات الآلاف من سكان مختلف مدن جنوب السودان نحو العاصمة جوبا، مستخدمين حافلات صغيرة وسيارات نقل مكشوفة ودراجات وبعضهم مشيا على الأقدام، لاستقبال البابا فرنسيس الذي وصل الجمعة في أول زيارة له إلى بلادهم، ولإظهار اهتمامهم بالزيارة والمعاناة التي تواجهها بلادهم، وصل إلى جوبا الخميس الماضي نحو 60 شابا وشابة مشيا على الأقدام بعد تحركهم قبل 9 أيام من مدينة رومبيك التي تبعد 400 كيلومترا عن جوبا.

وقال رياك شول، وهو أحد الشبان المشاركين في الرحلة، إن تحمله هو وزملاءه الآخرين عناء السير الطويل والمرهق، تعبير عن رغبتهم الشديدة لرؤية البابا، وأوضح شول، أنه وعلى الرغم من طول الرحلة وصعوبتها، إلا أنهم كانوا مدفوعين بالأمل في أن تمنح زيارة البابا بلادهم روحا جديدة من الوحدة والتعاضد بعد سنوات طويلة من الحرب الأهلية، وذلك وفق صحيفة "سكاي نيوز عربية".

وقضى معظم قادة الكنائس المنتشرة في جوبا يومي الأربعاء والخميس في العمل من أجل إكمال الاستعدادات لاستقبال البابا، والصلاة من أجل أن تكون الزيارة فرصة للتصالح ولم شمل شعب جنوب السودان من جهة، ولفت أنظار العالم نحو دولتهم بعد عامين من الانشغال بجائحة كوفيد 19 والحرب الروسية في أوكرانيا.

وتأتي زيارة البابا إلى جنوب السودان، والتي يرافقه فيها روان وليامز رئيس أساقفة كانتبري إضافة إلى رئيس كنيسة اسكتلندا، وسط انقسامات سياسية وقبلية حادة أعاقت تقدم الدولة منذ انفصالها عن السودان في 2011، بعد حرب طاحنة استمرت 6 عقود، قتل وشرد خلالها أكثر من 4 ملايين شخص.