الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خوفا من استمرار أزمة الغاز الروسي.. خطط منظومة التدفئة 2024 تثير غضبا شعبيا في ألمانيا

الغاز الطبيعي
الغاز الطبيعي

بدأت عدد من الدول الأوروبية في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة للحفاظ أقل درجة ممكنة من استهلاك الغاز والوقود، تحسبا لاستمرار الحرب الأوكرانية وآثارها لما بعد 2023، خصوصا في ظل العقوبات المفروضة على الغاز الروسي، الذي يعد المصدر الرئيسي للتدفئة في أوروبا، لكن يبدو أن تلك الإجراءات تواجه موجة غضب شعبي.

ومن الدول الي وضعت خطط التقشف كانت ألمانيا، التي وضعت قواعد جديدة لتركيب أنظمة التدفئة داخل المنازل بالمدن المختلفة، ولاقت الإجراءات الجديدة للتدفئة سواء من الغاز أو الزيت انتقادات حادة وخصوصا أن هناك حظرا كبيرا لتلك الأنظمة اعتبارًا من عام 2024.

 

اتجاه للحظر بعد ارتفاع أسعار الغاز والنفط هذا الشتاء  

كانت الضغوط الشديدة التي واجهتها ألمانيا هذا الشتاء، خصوصا بعد أن ارتفعت أسعار الغاز والنفط والكهرباء بشكل كبير، كان مؤلما هذا الشتاء، كل ذلك كان دافعا للبحث عن حلول تقلل من آثار تلك الأزمة مع قدوم الشتاء القادم، ومن المرجح أن يتم حظر تركيب أنظمة تسخين الغاز والزيت اعتبارًا من عام 2024، وفق صحيفة بيلد الألمانية.

ولكن تلك الإجراءات المنتظرة يبدو أنها لن تمر بسهولة، ويلقى الحظر المحتمل لتركيب أنظمة تسخين جديدة بالغاز والنفط اعتبارًا من عام 2024 رفضًا صارمًا بين عدد من نواب الاتحاد في البوندستاج، ويقول ألكسندر دوبريندت، رئيس نواب الاتحاد المسيحي الاجتماعي، في برلين: "هذا نهج خاطئ تمامًا، إنها مرة أخرى اتباع سياسة حظر خضراء نموذجية، ولكن هذا سيؤدي إلى أعباء غير ضرورية وقلة استعداد لدى المواطنين للمشاركة في حماية المناخ".

 

مشروع قانون ينص على حظر تام .. والوزارة: مسودة فقط 

وكان إعلان الحكومة الألمانية عن مشروع قانون خاص بتلك المسألة، ووفقا لما كشفته الصحف الألمانية، فإن مشروع القانون الصادر عن وزارة الاقتصاد والبناء الألمانية ينص على أن تركيب أنظمة التدفئة التي تعتمد حصريًا على الوقود الأحفوري - وخاصة تسخين الغاز والنفط - لن يُسمح به اعتبارًا من عام 2024. ولكن وبحسب الوزارة، فإن المسودة ليست نهائية بعد، وهي مطروحة للنقاش والتعديل من قبل مؤسسات المجتمع والبرلمان الألماني.

وتعليقا على ما جاء في مسودة مشروع القانون المعلن عنها، تحدث المدير البرلماني الأول لكتلة الاتحاد، ثورستن فراي، ووصف نهج الدولة في علاج الأزمة بأنه نهج خاطئ، وقال في برلين، إن تلك الإجراءات تتعلق بأزمة ذات فترات زمنية قصيرة للغاية، ولا يمكن أن نقبل بإجراءات خاصة بتلك الأزمة ولا ندرس ونعلم كم العقبات التي لا يمكن مواجهتها من تلك الممارسات.

 

بعد آخر .. الأنظمة الحالية غير مقبولة بيئيًا ولا اقتصاديًا

لكن يبدو أن هناك بعدا آخر لتلك الإجراءات، وهناك توجه لتغيير الأنظمة الحالية للتدفئة, فهي مهددة أيضًا بواجب استبدالها، وذلك نظرا للإجراءات المتعلقة بالبيئة والحفاظ عليها، ويقول مايكل كروز، المتحدث باسم سياسة الطاقة للمجموعة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر، إنه بشأن الخطط للسماح فقط لأنظمة التدفئة بحصة 65 بالمائة الطاقات المتجددة، فمن الواضح أن الهدف هو إنهاء شبكات الغاز القائمة والتي تعمل بشكل جيد بدلاً من الاستمرار في استخدامها مع الطاقات المتجددة.

لكن المعارضين لتلك السياسة يقولون، إن فرض نسبة الطاقات المتجددة في قطاع التدفئة بشكل مصطنع قصور ويعاقب المستهلكين الذين يسخنون الأنظمة الحالية بنسبة بسيطة ولا يتستهلكون وقود كبير، من ناحية أخرى، سيكون تحويل شبكات الغاز إلى الميثان الحيوي والهيدروجين محايدًا مناخيًا، وتغيير تلك الأنظمة ضئيلة الاستخدام سيؤدي إلى تكاليف مالية في ظل أن تأثيرها البيئي تكاد تكون معدومة وبهذه الطريقة، يمكن الاستمرار في استخدام جميع أنظمة تسخين الغاز الحالية بطريقة محايدة مناخياً .

 

ما هي المضخات الحرارية 

ولفهم مخططات الحكومة الألمانية يجب أن نعرف المقصود بالمضخة الحرارية، فهي جهاز يستخدم لنقل الطاقة الحرارية من مصدر دافيء إلى خزان حراري، ويتم تصميمها لنقل الطاقة الحرارية في الاتجاه المعاكس لانتقال الحرارة التقائي، وذلك عن طريق امتصاص الحرارة من الجسم البارد ونقلها للجسم الساخن، والجهاز يستهلك كمية صغيرة من الطاقة الخارجية، وذلك لإكمال شغل انتقال الطاقة من المصدر الدافيء أو البارد لخزان الحرارة.

ويمكن القول إن مكيف الهواء والثلاجات من الأنواع الشهيرة للمضخة الحرارية ولكن لفظ المضخة الحرارية يمكن تطبيقه على العديد من أجهزة التدفئة والتهوية ومكيفات الهواء المستخدمة لتسخين أو تبريد وسط معين، وعندما تستخدم المضخة الحرارية من أجل التسخين فهي تعمل بدورة التبريد المستخدمة بواسطة مكيف الهواء أو الثلاجة ولكن تقوم بطرد الحرارة في الوسط البارد بدلا من البيئة المحيطة، وعندما تستخدم للتسخين فإنها تعمل بكفاءة أكثر من مسخنات المقاومة الكهربية التي تسخدم نفس كمية الكهرباء المستهلكة، وعادة تكون تكلفة تركيب المضخة الحراية تكون أكبر بأكثر من 20 مرة من تركيب مقاوات التسخين.

 

ولكن .. خطط جديدة ستثقل كاهل الأسر 

ومن المخططات التي تحلم الحكومة الألمانية بأن تكون بلد المضخات الحرارية، ويعتبرون هذا المخطط هو حل جذري لكافة المشاكل المتعلقة بأزمة الطاقة والتدفئة والبيئة، ولكن تقف التكلفة المالية عائق أمام هذا المخطط، ويقول معارض المشروع وفق ما نشرته صحيفة بيلد الألمانية، إن التركيز من جانب واحد على المضخات الحرارية وخطط الدولة الاقتصادية لشبكات الغاز يثقل كاهل الأسر الألمانية سواء كانوا ملاك أو مستأجرين، خصوصا وأنها ستكون بتكاليف غير متناسبة، وحماية المناخ ممكنة أيضًا مع الفطرة السليمة - دون استبدال حوالي ثلثي جميع أنظمة التدفئة في ألمانيا.

جدير بالذكر أنه قبل عام تقريبًا، وافق التحالف على أنه اعتبارًا من 1 يناير 2024، يجب تشغيل كل نظام تدفئة تم تركيبه حديثًا بنسبة 65 بالمائة من الطاقة المتجددة، وكذلك يجب أن يكون هذا المطلب راسخًا في قانون طاقة البناء، وذلك وفق اتفاق التحالف، حيث كان هذا مخططًا مسبقًا في 1 يناير 2025، وذلك ضمن جهود متعلقة بقطاع البناء لمزيد من حماية المناخ.

 

ليست ألمانيا فقط ... شتاء 2024 أزمة لأوروبا 

وتلك الأزمة ليست في ألمانيا فقط، حيث ينظر الأوروبيون الآن بقلق نحو الشتاء القادم، الذى سيكون فى 2023-2024، حيث أنه فى الوقت الحالى، تظل احتياطيات الغاز ممتلئة - فهى تقريبًا 70٪، أى 20 % أعلى من المتوسط ​​للسنوات الأخيرة - ولكن دون الاعتماد على الوقود الروسى الوفير والرخيص لملء هذه المخازن، ولكن فى حال عودة البرد ماذا تفعل أوروبا.

وقال فيكتور بورجيت، الباحث الأسبانى فى مجال الجغرافيا السياسية والأمن العالمى، "احترس من الشتاء القادم"، مشيرا إلى أنه "يجب الاعتراف بأن أوروبا كانت محظوظة هذا العام، وكان هناك شتاء معتدل بشكل غير عادى، مما أدى إلى نقص استهلاك فى الطاقة.

وأشار إلى أنه للهروب من الاعتماد على الغاز الروسى، الذى يصل عبر خطوط الأنابيب، تحولت أوروبا إلى الغاز الطبيعى المسال كما لم يحدث من قبل، ويتم نقله فى شكل سائل فى ناقلات الميثان وإعادة تحويله إلى غاز فى الموانئ الأوروبية.

وعلى الرغم من أن هذا الوقود، الذى يأتى من الولايات المتحدة، سمح للاتحاد الأوروبى بتوفير الأساس، إلا أن له عيبًا واحدا هو انه يتنافس عليه الدول الـ27 فى الاتحاد الأوروبى مع بقية الأسواق العالمية، بما فى ذلك آسيا، التى من المتوقع بشكل كبير أن يكون أكثر نشاطًا - وعطشًا للغاز الطبيعى المسال - فى الأشهر المقبلة.